الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"المال العام مش سايب".. خبراء يضعون روشتة لحمايته من الفاسدين.. ويطالبون بتشريعات جديدة ولجان تمنح «الضبطية القضائية».. وتكاتف الأجهزة الرقابية مطلوب

أرشيفية
أرشيفية

  • خبراء:
  • مسئول سابق بوزارة التنمية الإدارية يوضح محاور لحماية المال العام من الفاسدين
  • خبير اقتصادي يطالب بتحديد آلية للرقابة داخل المؤسسات لمحاربة الفساد
  • خبير محليات يدعو لتشكيل لجان تمنح "الضبطية القضائية" لمكافحة الفساد

تعددت أوجه الفساد داخل مؤسسات الدولة من قضايا اختلاس ورشاوي وإهدار للمال العام، التي كشفت عنها مؤخرا أجهزة الرقابة الإدارية، وكان من أبرز هذه القضايا ضبط أمين عام مجلس الدولة المستشار وائل شلبى، تنفيذا لقرار النائب العام بشأن اتهامه فى قضية الرشوة الكبرى، المتهم فيها جمال اللبان مدير عام المشتريات والتوريدات بمجلس الدولة و2 من أصحاب الشركات الخاصة.

ورغم وجود أكثر من 33 جهة رقابية، الا أن هناك العديد من التقارير التى تشير إلى استفحال الفساد علي كل المستويات، مما تسبب في إهدار كم كبير جدا من المال العام من الدولة.. ولذا أصبحت هناك ضرورة لشن حرب للقضاء علي الفاسدين بناء علي توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي.. ولكن السؤال الملح كيف نحمي المال العام من المرتشين والفاسدين وهل هناك متطلبات لمساعدة الأجهزة الرقابية من أجل الحد من الفاسدين؟.. وهناك العديد من التساؤلات حول هذا الموضوع التى سنحاول الإجابة عنها من خلال بعض الخبراء والمختصين في مكافحة الفساد..

"تطبيق المنظومة الإلكترونية يقلل الفساد"
في البداية، قال الدكتور ناصر فؤاد، مساعد وزير التنمية الإدارية سابقًا، إن ملف المال العام أصبح قضية شائكة من إثبات متورطين مسئولين بالدولة أو ليس لهم علاقة بالعمل المؤسسي فأصابع الفساد امتدت داخل المؤسسات وتحتاج ليد من حديد للضرب بها في كافة أنحاء مؤسسات الدولة بدون تمييز، مؤكدا ضرورة تفعيل العمل الرقابي بكافة الأجهزة الرقابية المعنية بحماية المال العام حيث نمتلك 33 جهازا رقابيا لابد من تكاتفهم ومنحهم صلاحيات قوية.

وأضاف "فؤاد"، في تصريح لـ"صدى البلد"، أن هناك 3 محاور إذا تم تنفيذها تكامليا سيتم الحد من أوجه الفاسدين بشكل ملحوظ أولها وضوح وتوحيد كافة الإجراءات التي تتخذها المؤسسات بين العاملين بها والجمهور على كافة المحافظات وهذه بداية لإغلاق أبواب الفساد،ثانيًا تطبيق المنظومة الإلكترونية والتي تهدف لتعامل الجمهور إلكترونيا التي تقلل من فرص التعامل مباشرة مع العناصر الفاسدة داخل مؤسسات الدولة التي تخلق مجالا للرشوة سواء بأقسام المشتريات أو غيرها دون تدخل المحسوبية، إضافة إلي المحور الثالث هو التعامل مع المواطن بثقة حتي يثبت العكس عن طريق التحري الدقيق وغير المعلن.

وأضاف أنه لابد من إيجاد قنوات ووسائل للاتصال فيما بين الأجهزة الرقابية، وللسيطرة على ضعف التنسيق بين الجهات المختصة بحماية المال العام والابتعاد عن الرقابة الشكلية والحماية الشكلية وتفعيل دور الرقابة الذاتية في المرفق العام أو بين هذه الجهات وتحديد جزاءات واتخاذ تدابير عقابية ووقائية حتى نكون أمام ترجمة حقيقية وواقعية ومؤثرة على تدابير حماية المال العام وبالتالي ينعكس ذلك على دور الدولة في إدارة الشأن العام في جميع الجوانب والأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

وشدد علي ضرورة إشراك المجتمع بكافة شرائحه وخاصة الإعلام والصحافة ومنظمات المجتمع المدني حتى تحمي المال العام من الفساد والعبث والتلاعب والإهمال والتقصير.

وتابع أنه لا يمكن القضاء نهائيا علي الفساد ولكن كل المحاولات والتدابير تقضي بتقليله والحد من توغله.

- "أبرز قضايا الفساد في المحليات"
من جانبه، قال حمدي عرفة، خبير الإدارة المحلية،إن ملف إهدار المال العام ومحاربته أصبح علي صفيح ساخن بعدما تطرقت الرقابة الإدارية لقضايا الفساد المستفحلة على مستوى المؤسسات ولا سيما قطاع المحليات الذي يحوي فسادا وإهدارا للمال العام.

وأوضح "عرفة"، في تصريح لـ"صدى البلد"، أن هناك مجموعة من الإجراءات التي تقتضي سرعة التنفيذ من شأنها محاربة الفساد وحماية المال العام علي مستوى الإدارات المحلية تتضح في تعديل مجمل 127066 قوانين الخاصة بالأجهزة الإدارية للدولة، وضع الكوادر المؤهلة في الأماكن المخصصة والمناسبة.

وأشار إلى أننا بحاجة لإقالة الأغلبية العظمي من المحافظين والوزراء وبعض قيادات الإدارات المحلية،إضافة إلي تطبيق اللامركزية بنقل العمل من الادارات المحلية واتباعها لوزارة الاسكان.

ونوه إلى أن أغلب قضايا الفساد وإهدار المال العام على مستوي المحليات تتعلق بالعقارات المخالفة والتي تبلغ عددها 3240 ألف عقار مخالف تثبت التورط بمنح تراخيص غير قانونية لبناء العقارات المخالفة من خلال تقاضي رشوة.

وأضاف أن الصناديق الخاصة بالمحليات والتي يبلغ عددها 6229 صندوقا وتقدر حصيلتها بـ320 مليار جنيه تعد "مغارة على بابا "نتيجة الفساد والتلاعب بها دون رقابة،على حد قوله.

وشدد خبير المحليات علي ضرورة تكاتف الجهات الرقابية علي قدم وثاق لحماية المال العام وتحديد لجان تمنح صفات الضبطية القضائية في كل مؤسسة، منوها بأن جهاز الرقابة الإدارية وحده لا يستطيع السيطرة على أوجه الفساد المتفشي.

"الجهات الرقابية الداخلية هي الحل"
وفي السياق ذاته، قال الدكتور محمد حلمي الخبير الاقتصادي والمالي، إن أوجه الفساد والرشوة قد تمددت أذرعها وتغلغلت داخل مؤسسات الدولة بالسيطرة علي الأموال العامة للدولة، لافتًا إلى أنها تحتاج لشن حرب قوية من قبل الأجهزة الرقابية التي لازالت غائبة عن المشهد حتي الآن بالرغم من كثرة قضايا الفساد والرشوة.

وأوضح "حلمي"، في تصريح لـ"صدى البلد"، أن هناك ضرورة ملحة بتفعيل الجهات الرقابية في مصر للسيطرة على الفساد المتفشي، مشيرًا إلى أن الرقابة الإدارية وحدها لا تكفي للسيطرة على مافيا الفساد ولكنها تحتاج لعناصر بشرية ذات كفاءة وتمنح صلاحيات.

وأضاف: "أطالب بضرورة وجود جهات رقابية داخلية لكل مؤسسة ذات صلاحيات قوية وبدعم من الجهات السيادية العليا بالدولة تقضي علي الفاسدين وترشد النفقات".

وأشار إلى أن غياب الجهات الرقابية يرجع إلى عدم استقلاليتها وتبعيتها للسلطة التنفيذية.

- جهود الأجهزة الرقابية
عدد كبير من قضايا الرشوة، والاختلاس، وإهدار المال العام، "نجحت هيئة الرقابة الإدارية" في إحباطها خلال ديسمبر الماضي؛ في ضوء توجيهات الرئيس السيسي بالقضاء على بؤر الفساد، ولعل قضية الاتجار بالبشر التي نجحت الرقابة الإدارية في كشفها مؤخرًا تعد واحدة من أكثر القضايا إثارة للرأي العام خلال الفترة الحالية.

لكن مجهودات الرقابة الإدارية لم تتوقف عند ذلك؛ فوجهت مؤخرا ضربة جديدة لمتقاضي الرشوة بالدولة، عندما تم ضبط مسئول مشتريات بإحدى الجهات الرقابية، أثناء تقاضيه رشوة تقدر بـ 155 مليون جنيه، و4 ملايين دولار، و2 مليون يورو، ومليون ريال سعودي، وكميات من المشغولات الذهبية بخلاف العقارات والسيارات التي يمتلكها.

ويرصد "صدي البلد" أبرز القضايا التي قامت الرقابة الإدارية بضبطها خلال الشهر الماضي:

ألقت الرقابة الادارية القبض على مسئول مشتريات بإحدى الجهات الرقابية، أثناء تقاضيه رشوة، وبتفتيش منزله عثر بحوزته على ما يقارب الـ 150 مليون جنيه بجانب كميات كبيرة من المشغولات الذهبية.

وفي 6 ديسمبر الماضي، تمكنت الرقابة الإدارية، من ضبط شبكة دولية للاتجار بالأعضاء البشرية، والتي ضمت بين أعضائها مجموعة من المصريين والعرب.

ووفقًا لبيان الرقابة الإدارية تبين استغلال شبكة الأعضاء البشرية للظروف الاقتصادية لبعض المصريين للاتجار في أعضائهم البشرية، مقابل مبالغ مالية زهيدة، على العكس من المبالغ الطائلة التي يتحصلها أعضاء هذه الشبكة.

كما تمكنت هيئة الرقابة الإدارية من ضبط وكيل مصلحة الخبراء بوزارة العدل أثناء تقاضيه رشوة 350 ألف جنيه بأحد الأندية في مصر الجديدة.

وجاءت عملية القبض عليه عقب تقدم صاحب شركة مقاولات ببلاغ للرقابة الإدارية، يتضمن طلب وكيل مصلحة الخبراء مبلغًا ماليًا مقابل كتابة تقرير خاص بإحدى مديونيات الجهات الحكومية لصالح المُبلغ، وبعد تقنين الإجراءات واستئذان النيابة العامة تمكنت الرقابة الإدارية من ضبط المتهم أثناء تقاضيه مبلغ الـ 350 ألف جنيه داخل أحد الأندية.

وفي قنا تمكن أعضاء الرقابة الإدارية، من ضبط أمين سر حفظ الجنح المستأنفة بنيابة قنا الكلية بمحل إقامته "نجع الشيخ ركاب" بالجبلاو-مركز قنا، لاتهامه باختلاس أوراق ومستندات حوالى 600 قضية من قضايا تبوير الأراضي الزراعية في عهدته.

وكشفت التحريات أن المتهم تواطأ بسبب مهام طبيعة وظيفته مع المتهمين في تلك القضايا وتسليمهم أصول ومستندات قضاياهم، بهدف عدم صدور أحكام قضائية ضدهم بالحبس أو الغرامة واستمرار المخالفات وضياع مستحقات وهيبة الدولة.

ودلت تحريات هيئة الرقابة على عدم اكتفاء المتهم باختلاس القضايا، وقام بالتلاعب في إجراءات التقاضي الواجب اتخاذها بحوالي 470 قضية أخرى، حيث تعمد تنفيذ القرارات القضائية الصادرة في تلك القضايا وتعطيل إجراءات التقاضي.

وفي 23 أكتوبر الماضي تمكنت هيئة الرقابة الإدارية، بالتعاون مع إحدى الشركات الكبرى، من إلقاء القبض على أحد الأشخاص بتهمة انتحال صفة مستشار رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي.

جاء ذلك عقب تقاضيه مبلغ 650 ألف جنيه على سبيل الرشوة، مقابل استغلال نفوذه المزعوم لمنح كميات من السكر المدعوم للشركة التي قامت بالإبلاغ عن الواقعة.

بجانب ذلك كشف ضباط هيئة الرقابة الإدارية بمحافظة المنوفية إهدار 11 مليونا و510 آلاف جنيه بقطاع الإسكان، وتمثلت تلك المخالفات في التلاعب بالمقايسات التقديرية الخاصة بشبكة تغذية مياه وانحدار الصرف الصحي، وكذا البيارات الخاصة بهذا الصرف ببعض مشروعات الإسكان بمراكز المحافظة.

وأحيلت تلك المخالفات للنيابة العامة للتحقيق فيها بإشراف المستشار أحمد عبد الجواد المحامي العام لنيابات المنوفية.

وخلال الشهر الماضي كشفت الرقابة الإدارية عن عدد من الأحكام القضائية الصادرة في وقائع فساد والمتعلقة بورود بلاغ من صاحب أحد المراكز الرياضية والصحية إلى هيئة الرقابة الإدارية يفيد طلب المتهم مبلغ 50 ألف جنيه على سبيل الرشوة، مقابل تسهيل إجراءات تجديد رخصة ممارسة النشاط للمركز، وبالتنسيق مع مباحث الأموال العامة تم ضبط المتهم وتمت ادانته بإصدار الحكم بالسجن المشدد 3 سنوات والعزل من الوظيفة.

كما ألقت هيئة الرقابة الإدارية، القبض على رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للتنمية الزراعية؛ لاتهامه بتقاضي رشوة قدرها 200 ألف جنيه، من إحدى الشركات نظير إسناد أعمال توريدات لها.

وتمكنت الرقابة من ضبط مأمور ضرائب أثناء تقاضيه مبلغ 100 ألف جنيه من إحدى الشركات، نظير تخفيض الضرائب المستحقة عليها، بقيمة 4 ملايين جنيه.