الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

يوم وصلت نيران أردوغان إلى جنوده فأحرقتهم ..!


هل من الممكن أن يكون الصمت لغة ...؟ أحيانا ...
هل من الممكن أن تكون الأبجديات المشتركة واسطة تواصل عالمي ممتد ..؟ غالبا ....
هل من الممكن أن نصل إلى لحظة تفقد فيها كل أدوات التواصل قدرتها على التعبير الدقيق عن الفاجعة ...؟ ربما...

الآن نحن حيال حادثة دحرجت الصمت إلى الأفواه ... وقذفت بكل أدوات التعبير إلى قارعة الطريق كمن أصابه المس بعدما تجاوز الفعل الكلام ... وتخطت بشاعة الجرم القدرة على التصوير .. لتبقى فقط الأشعة التي ترسلها الصور حبيسة النظر ... لا تعبر عنها السطور وهي تجول بآلامها في الصدور ... منتهكة لكل القيم ...
لقد تجاوز الإجرام مداه ..تجاوز فناء اللغة .. كل لغة عن الإحاطة به وتصويره عبر السطور لأي أمة من البشر في كوكب الأرض أو عمق الزمان ...!!

هذا التنين الذى خرج إلينا من بين سطور تراثيه تزعم فعله تدينا يقتدي بما فعل قوم سابقون ....!
يجرجر النار إلى أبواب الحواضر المسكونة بالرقي ليأتي اليوم على بنيانها من الأساس لعل الناس تعود إلى الصحراء وتعيش على السلب والإجرام تحت مظنة أن هذا عود إلى شكل الحياة التي جاء بها -وفقا لوهمهم-  الرسل والأنبياء ..!!

هذه الطوائف المصابة بأمراض نفسية وقد تسلقت جذوع شجرة الأديان تريد خطف الأصحاء خلفها وسحب البسطاء وراءها من خلال تبرير الجريمة بجريمه أبشع .. ومن خلال سحق القيم والضوابط التي تتحكم في مجمل سلوك المحاربين وما ينشب بينهم أحيانا من نزاع ونوازع ..!!

على أرض منبسطة ... جرداء كعقولهم ... خطفهم إرث قديم ... حولوه لواقع يتأمل سقوطهم أمام عيون كاميرات تنقل المشاهد المؤلمة لكل العالمين ...
سحب دواعش السلفية جنديين من جنود الأتراك كأسرى في صراع مسلح على حدود سوريا التي استباحها أردوغان وحكومته مرة بقطعان الإرهاب التي أدخلها للوطن السوري الجريح وأخرى بجيشه المستبيح ...!!
ولدينا فيما يخص قيم الأسرى سطور حافظة وبنود ضامنة ...!!

وقد تجاوز الدواعش في الأسرى كل حق مسطور وقول معقول .. إلى ما فعل سلف للقوم سابقين وقد جعلوا فعلهم دينا يتقربون به لرب لا يعرفوه ... وإله دموي في وهمهم يتصوره ..!!
ربطوا الأسيرين بسلاسل من الحديد ... في القدمين والرقبة والمعصمين ... وأوقفوهما بعد الحبو بهما دون أن يعرفا الغدر الذى ينتظر ظهريهما ..

سلاسل ممتد طولها ... تخرج للرقاب والمعاصم من هناك حيث حفرة مشتعلة بعيدة ...
وقد كسوا السلاسل بغطاء مسوه بسائل يساعد على انتقال الحريق ..
وما هي إلا لحظات حتى تلوا على الضحايا تراتيل فتاوى قديمة توحي بما سيرتكبونه بشأنهم من جريمة ...
انتهت سطورهم ,,, لتبدأ ألسنة النيران بالانتقال من الحفرة عبر السلسلة إلى ظهر الجنديين والمؤخرة لتلتهمها أحياء...

انظروا إلى فعل قوم سلفيين يدعون إلى التوحيد الذى لم يوحدهم إلى كلمة سواء ...!
وقد سبق لهم ارتكاب نفس المنسوب من الإجرام في كل من سوريا وسيناء مصر والعراق ...
دون أن تخرج فتوى تردعهم أو مسيرة إسلامية شريفة تندد بفعلهم وتتبرأ باسم الدين من أفكارهم وتلعنهم ..
فهل في الصمت احتضان للسطور مع الساطور ..

هل فيها تزكية لفتاوى ابن تيمية التي تقول : ( وهكذا قال كثير من الفقهاء ؛ إذا قتله بتحريق أو تغريق أو خنق أو نحو ذلك فإنه يفعل به كما فعل ، مالم يكن الفعل محرما في نفسه ، كتحريم بيع الخمر واللواط به ، ومنهم من قال؛ لا قود عليه إلا بالسيف، والأول أشبه بالكتاب والسنة والعدل).

وفي موضع آخر قال الحافظ بن حجر معلقًا على تبويب البخاري لهذا الحديث "باب لا يعذب بعذاب الله": ( ويدل على جواز التحريق فعل الصحابة ، وقد سمَّل النبي صلى الله عليه وسلم أعين العرنيين بالحديد المحمى، وقد حرق أبوبكر البغاة بالنار بحضرة الصحابة ، وحرَّق خالد بن الوليد بالنار ناسًا من أهل الردة ، وأكثر علماء المدينة يجيزون تحريق الحصون والمراكب على أهلها ، قاله الثوري والأوزاعي).

من هذا الوسط .. خرجت داعش ... وحول هذا التراث رفعت النيران فوق الحصون ... ثم يزعمون كذبا أن داعش لا تمثل ما يخفون عن الناس ويخبئون ...!!

اليوم مهما حاولت تركيا أو نالها من الأذى لن تستطيع أن تصبغ جبهتها بالبراءة أو تزعم أنها ضحية الإرهاب الذى تشرب اليوم سمه ودماءه ... بعدما جاءت به من كل الدنيا إلى العراق وسوريا ... وفتحت له حكومتها أجواء البلاد وحدودها واستثمرت فيه حتى انحرف بطريقه عن طريقها وقد وصلت نيرانه إلى أطراف ردائها ... !!
ليتضح جليا أن من يربي الثعابين في بيته عليه أن يتوقع منها لدغة مؤلمة في أي وقت ...

نعزي الإنسانية في مشهد التحريق الذى بثته الصور الحزينة ... ونستمر في إدانة تركيا التي خطفت مع حلفائها المنطقة كلها عبر مراهقة سياسية إلى هذا المشهد الفظيع من التهور على كل قيم الإنسانية .. وندعو الأزهر والمؤسسات الدينية للوقوف بحزم وشفافية وصدق في مواجهة هذه الهمجية المنسوبة لسطور فهم ديني يعرفونها ولتكن البداية بدعوة جماهيرية يتقدمها شيخ الأزهر في مظاهرة إنسانية تعلن البراءة من داعش فكرا وصورة ... وإلا فلا نعرف عن الصمت إلا أنه جزء من الرضى الضمني،  حان الوقت لأن نفصح للجميع عن فحواه .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط