قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

التمدد الإيراني والمشروع التركي تغير استراتيجيات العرب في «البحر الأحمر».. أسطول «مصري» جديد.. قاعدة بحرية «إماراتية» وأخرى «سعودية» لمواجهة مساعي «طهران» و«أنقرة» للسيطرة والتهديد

الميسترال درة الأسطول الجنوبي
الميسترال درة الأسطول الجنوبي

  • أسطول مصر الجنوبي ثقل موازن ورمانة الميزان لمواجهة أي قوة بحرية تسعى لتهديد باب المندب
  • العقيدة البحرية المصرية تغيرت من الدفاع إلى الهجوم والتحول من المياه الخضراء للمياه الزرقاء العميقة
  • البحر الأحمر الممر الرئيسي لناقلات البترول المتوجهة إلى أوروبا عبر قناة السويس
  • دعوات داخل إيران لتطوير قدراتها البحرية لإجراء عمليات عسكرية في البحر الأحمر وتهديد أمن من تشاء

البحر الأحمر يقع وسط العالم العربي وسيظل ممرا ملاحيا عالميا هاما، وهو المنفذ الوحيد للعديد من الدول، خاصة الأردن والسودان وجيبوتي، كما أنه الممر الرئيسي للبترول العربي للولوج للأسواق الأوروبية، ومعظم اقتصادات الدول العربية قائمة على البترول وتصدره بشكل رئيسي ويمثل 93% إلى 100% من حجم صادراتها بما يزيد من أهميته الجغرافية بمفهوم الأمن القومي العربي، إضافة لوجود معادن مختلفة في مياهه.

وكثير من الدول بدأت في إنشاء قواعد لها في خليج عدن أو بالفعل تمتلك قواعد، ومنها فرنسا وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية والإمارات العربية والصين والسعودية، بما يعني أن البلاد العربية شرعت في الاهتمام بالبحر الأحمر باعتباره جزءا من أولويات الحفاظ على مصالحها.

تهديدات إيرانية للملاحة
الهجوم الذي شنته عناصر تابعة لجماعة الحوثيين في اليمن ضد سفينة المساعدات الإنسانية التابعة لشركة "الجرافات البحرية الإماراتية" عند منطقة باب المندب، والتي كانت تقوم بإحدى رحلاتها الدورية من وإلى مدينة عدن لنقل المساعدات الطبية والإغاثية إلى اليمن، شغل الكثير من المراقبين، حيث إن هذا الحادث يعني تهديدا فعليا للملاحة الدولية، وقد يؤثر على تدفق حركة السفن داخل البحر الأحمر.

وأوجد الحادث أبعادا استراتيجية جديدة تتعلق بحرية الملاحة والإبحار في مضيق باب المندب الذي يعد الممر الرئيسي لناقلات البترول المتوجهة إلى أوروبا عبر قناة السويس.

وجاء تزويد إيران للحوثيين بصواريخ "نور" المضادة للسفن والتي ظهرت في ميناء المخا في أكتوبر 2016 ويصل مداها إلى 170 والتي أصاب إحداها الزورق الإماراتي السريع من نوع HSV-2 كإنذار للمهتمين في دول مثل مصر بضورة وضع التغيرات التي تحدث في البحر الأحمر في الحسبان.

وبعد هذا الحادث أطلق الحوثيون وابلا من القذائف على جزر حنيش ومطار وميناء عصب في إريتريا ردا على استخدام التحالف العربي للميناء. واشترط الحوثيون بعد استهدافهم للزورق الإماراتي على جميع السفن التي تمر بالقرب من الحدود البحرية اليمنية أن تحصل على تصريح عند المرور وإلا سيتم استهدافها.

سيطرة الحوثيين على اليمن أتاحت لإيران أن تشكل تهديدا فعليا للملاحة في البحر الأحمر وأن تستهدف سفن التحالف العربي أيضا حتى ولو كان الأمر عن طريق الحرب بالوكالة.

وخلال السنتين الماضيتين كانت هناك دعوات داخل إيران لتطوير قدراتها البحرية بهدف أن يكون الأسطول البحري لديها قادرا على الوصول للمياه الزرقاء العميقة بما يسمح لها بإجراء عمليات عسكرية في المحيط الهندي الغربي والبحر الأحمر وتهديد أمن من تشاء.

وفي نوفمبر 2016، أعلن رئيس هيئة الأركان القوات المسلحة الإيرانية محمد حسين باقري، أمام حشد من قادة القوات البحرية، عن أن بلاده تبحث جديا فكرة إنشاء قواعد بحرية في اليمن وفي سوريا.

وشدد الباقري على أن بلاده تحتاج هذه القواعد البعيدة إضافة لقواعد أخرى على الجزر الرئيسية في المحيطات، حيث إنها لا تقل أهمية لبلاده عن امتلاك الأسلحة النووية بل تستحق هذه القواعد البحرية أضعاف الاهتمام بالسلاح النووي.

قاعدة عسكرية تركية في الصومال
تركيا التي تسعى لمحاصرة مصر في أفريقيا وخنقها اقتصاديا عبر استهداف موارد الدخل القومي المصري وعلى رأسها قناة السويس، هي الأخرى لم تكن بعيدة عن المطامع في البحر الأحمر والسيطرة على باب المندب، حيث قالت مصادر عسكرية تركية بداية عام 2016 إنه تم توقيع اتفاق بين الحكومتين التركية والصومالية لإنشاء قاعدة عسكرية تركية على الأراضي الصومالية، إضافة لإنشاء مركز تدريب تركي للقوات الصومالية سيصبح نواة لتدريب القوات الأفريقية في المنطقة وسيتم تدشين هذه القاعدة في العاصمة مقديشيو.

وأكد إيميل بيكين، مسئول بوزارة الخارجية التركية، أن مركز التدريب داخل القاعدة سيقيم فيه حوالي 200 عسكري تركي وسيقومون بتدريب حوالي 1500 جندي صومالي.

وتعد تركيا واحدة من اللاعبين الرئيسيين في القرن الأفريقي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان زار الصومال ثلاث مرات وله علاقات مؤثرة مع سياسية، حيث أغلق المسئولون هناك مدارس رجل الدين التركي المعارض فتح الله كولن، كما أدانوا الانقلاب العسكري في يوليو الماضي وتعد السفارة التركية في الصومال هي الأكبر في أفريقيا.

ومحاولات تركيا لإبعاد الصومال عن محيطه العربي تستهدف مصر ومصالحها في القرن الأفريقي، حيث لعب الصومال في وقت سابق ورقة ضغط كبيرة على الجانب الإثيوبي من أجل الحفاظ على موارد مصر المائية.

وبحسب مراقبين، يبدو أن الحكومة التركية بدأت في تغيير استراتيجيتها العسكرية باتخاذها منحى إنشاء قواعد عسكرية خارج حدودها لاستهداف منافسيها خاصة مصر، حيث أنشأت أول قاعدة عسكرية لها عابرة للبحار في قطر بناءً على اتفاق وقع بين الجانبين حيث تستضيف هذه القاعدة حوالي 3000 جندي تركي مقيم.

قاعدة سعودية في جيبوتي
وبحسب تصريحات صحفية لوزير خارجية جيبوتي محمود على يوسف في ديسمبر 2016، فإن الخطوات الفعلية لإنشاء قاعدة بحرية سعودية في جيبوتي قد بدأت، حيث تم التوقيع على المسودة الأمنية والعسكرية والاستراتيجية للاتفاق بين البلدين.

وتابع الوزير أن سواحل بلاده سوف تستضيف القاعدة السعودية سواء بحرية أو عسكرية بعد أن قام وفد عسكري سعودي بزيارة بعض مناطق جيبوتي.

وتعد جيبوتي أكبر قاعدة للقوات الأمريكية في العالم، حيث يتواجد على أراضيها 4000 جندي في معسكر Lemonnier، كما تستضيف أيضا قاعدة فرنسية، بينما يستخدم ميناء البلاد الرئيسي عدة قوات بحرية أخرى.

القاعدة الإماراتية في إريتريا
وأظهرت صور للأقمار الصناعية بناء دولة الإمارات العربية المتحدة لقاعدة بحرية وجوية في إريتريا لدعم قوات التحالف العربي في اليمن بعد نشرها أسرابا جوية في مطار عصب الإريتري، كما أظهرت صور القمر الصناعي بعض القطع البحرية التي ترسو في ميناء عصب وتخرج منه لممارسة مهامها منذ سبتمبر 2015.

أسطول مصري دائم في البحر الأحمر
ولا يزال مضيق باب المندب التهديد الرئيسي للملاحة في قناة السويس باعتباره البوابة الوحيدة للقناة ودخلها الجنوبي والنقطة الحيوية المهمة للأمن القومي المصري.

وسارعت مصر لتدشين الأسطول البحري المصري الجنوبي وإلى امتلاك حاملة الطائرات الميسترال باعتبارها خطوة رئيسية لتحسين قدرات البحرية المصرية والتي تمثل نقطة البداية ونواة لهذا الأسطول.

وبحسب مراقبين، فهناك عقود لصفقات أسلحة كثيرة جار إتمامها لاستكمال أركان هذا الأسطول، وسوف تكون الميسترال هي القطعة الرئيسية لهذا الأسطول الذي من مهماته حماية البحر الأحمر من مدينة السويس وحتى خليج عدن على امتداد 2250 كيلومترا من السواحل ومساحة 438 كم2 من المياه المسطحة.

وأكد هؤلاء أنه لا يمكن لمصر أن تقبل أن تحاصرها أي قوة دولية أو إقليمية في البحر الأحمر أو أن يكون لأحد السيادة والسيطرة على الممرات الملاحية المهمة التي تتحكم في مدخل قناة السويس.

وأوضحت مصادر مصرية أن هذا الأسطول الجنوبي سوف يكون بمثابة الثقل الموازن أو رمانة الميزان لأي قوة بحرية تسعى لتهديد باب المندب إضافة إلى ردع من يحاول إيجاد توترات مع مصر في شرق أفريقيا وفي إثيوبيا، خاصة الأتراك والقطريين بعد أن أصبح "لمصر قوة اعتراضية ضد أي تدخلات في المنطقة عن طريق امتلاك أسطول عملياتي في منتصف البحر الأحمر دون الحاجة للاستعانة بوحدات من أسطول مصر الشماليونقلها عبر قناة السويس".

وتابعت المصادر: "مع الوضع في الاعتبار أن هناك مواجهات محتملة في القريب العاجل مع قوى إقليمية، خاصة الأتراك، حتى لو كان الأمر نظريا فقط فلا يمكن لمصر أن تقبل أن تفرض أي قوة إقليمية سيطرتها على البحر الأحمر".

وشددت المصادر على أنه يمكن القول إن امتلاك حاملات الميسترال يأتي بمثابة خطوة مهمة للوصول لأن تصبح القوات البحرية المصرية ذات قدرات للولوج للمياه الزرقاء العميقة بما يعني أن العقيدة البحرية المصرية قد بدأت في التغير من عقيدة الدفاع إلى الهجوم والتحول من المياه الخضراء للمياه الزرقاء العميقة وخلال أربع لخمس سنوات سيتم تزويد الأسطول المصري بسفن إضافية.

وأوضحت المصادر أن الهليكوبتر "كا 52" سوف تمتلك مصر منها 32 طائرة على متن سفن الميسترال الهجومية مزودة برادار وصواريخ مضادة للسفن يصل مداها إلى 150 كيلومترا وتمثل تهديدا حقيقيا لأي قوات بحرية معادية".

من جانبه، علق اللواء يسري قنديل، الخبير الاستراتيجي ورئيس جهاز استطلاع القوات البحرية خلال حرب أكتوبر، على التوجهات العربية الجديدة تجاه أمن البحر الأحمر بقوله: "إن الرئيس عبد الناصر حاول جاهدا أن يجعل البحر الأحمر بحيرة عربية خالصة من خلال ممارسة ضغوط على البريطانيين لمغادرة قاعدتهم البحرية في عدن ودعمه للضباط اليمنيين من أجل الإطاحة بحكم الإمام، كما أغلق الممرات البحرية وخليج العقبة في وجه السفن التجارية الإسرائيلية، إلا أن هزيمة 1967 أدت لانهيار مشروعه في البحر الأحمر وإغلاق قناة السويس نفسها".

وأضاف "قنديل"، في تصريحات خاصة لـــ "صدى البلد"، أن المحاولات العربية الجديدة للحفاظ على أمن البحر الأحمر وسلامة الملاحة في باب المندب، تأتي بمثابة تغير استراتيجي باعتبار أن المصالح العربية واحدة ولابد من منافسة القوى الإقليمية والدولية في امتلاك أدوات السيطرة والتحكم في المضايق.