عمرو على يكتب: سيناء والعودة للمربع رقم واحد

أعاد الحادث الأليم الذي أودى بحياة جنود الوطن على حدودنا الشرقية بسيناء الحاجة الملحة لفتح ملفات كانت تصنف بإنها شائكة وأعتبرها الكثيرون خطوط حمراء لكن الحاجة الى حلول للخروج من الأزمة الحالية حطم التابوهات التي صنعها نظام سقط وأكمل الحاجة الملحة لإعادة تدارس الذي حسبناه مسلمات وطن يتغير ومستقبل يرسم بإرادتنا . نكأ الحادث جرح الدولة التي فشلت خلال عشرات السنين بإهمالها لأرض سماها أجدادنا القدامي أرض الفيروز وجعلت سيناء تنزلق لتخرج خارج سيطرة الدولة القوية يوم أن جعلنا تنمية سيناء في أخر قائمة التنمية لمحافظات مصر وتحججت الحكومات السابقة بإتفاقيات أمنية لتبرير تأخر قطار التنمية أن يصل الى سيناء وتناست أن تنمية القطاع وإعادة توزيع الإنتشار السكاني به وخلق تجمعات سكانية جديدة هو أول حماية أمنية للدولة وأن إستمرار إهمال تنمية سيناء وإستبقائها كمساحات شاسعة من الرمال الصفراء لمدى البصر هي أكبر خطايا النظام رغم ما يمتلكه القطاع من ثروات وإمكانيات تجعله ربما هو قاطرة التنمية الحقيقية للوطن لو أحسنت إستغلال موارده وكنوزه التي لا يراها المسؤلين وتناسوها عن قصد وسوء نية واضحة للعيان ، فلماذا تتباطئ عمليات إستكمال ترعة السلام والذي كانت تعد من اهم مشروعات التنمية العملاقة التي إنتظرنا أن تنقل المنطقة نقلة تنموية ضخمة وأن تضيف عبر نقل مياه النيل إلي شبه جزيرة سيناء مساحة 400 ألف فدان زراعي شرق قناة السويس و220 ألف فدان غرب قناة السويس، وإقامة مجتمع زراعي تنموي جديد يساهم في تدعيم قدراتنا الزراعية بزيادة الإنتاج الزراعي خصوصا في الزراعات التي تتميز بها المنطقة مثل الزيتون السيناوي أفخر أنواع الزيتون في العالم والذي تستورده أسبانيا وتعيد تصديره الى العالم ونحتاج فقط الى عصارات ضخمة لغزو العالم بهذا الانتاج والأعشاب والنباتات الطبية و نبات الجوجوبا والذي يعتبر افضل أغلي انواع زيوت المحركات وتسمي بشجر البترول لما توفره من انتاج مواد بترولية وتعتبر سيناء من افضل الاراضي في العالم لنمو وانتاج هذه الشجرة وزراعة وإنتاج الزهور وتصديره بمبالغ كبيرة. وللأسف أصبحت هذه الزراعات غير موجودة بخلاف الزراعات التقليدية فالمناخ في شمال سيناء ينتمي إلي المناخ البحر المتوسطي والذي يصلح لزراعة كافة الحاصلات الغذائية الإستراتيجية والتي تمثل الغذاء الأساسي لمختلف الشعوب. فهي تصلح لزراعة القمح نظرا لمناخها البارد الممطر شتاء والذي يوفر الكثير من مياه الري وتربتها المتماسكة التي تحتوي علي نسب محسوسة من الجير تزيد من ملائمتها لهذا المحصول وأيضا زراعة الشعير والفول والعدس والذرة ومحاصيل الزيوت وبنجر السكر وجميعها سلعا نعاني من فجوة غذائية منها ونستوردها من الخارج وإيجاد حلول لمشكلة ترعة السلام والتي تلوثت مياهه بفعل مصارف مصر الزراعية والصحية من السرو في دمياط الي مصرف بحر البقر. ثم الي مصرف حادوس. بما تحتويه مياه النيل المخلوطة بمياه الصرف الصحي والزراعي (وهذا يرجع للتخطيط العشوائي الذي أدي الي اهدار الأموال بالمليارات) وقد وصلت نسبة الخلط بين مياه الصرف والمياه النقية الي 1:2 في أحسن الأحوال والتي قد تزيد عن هذه النسبة أحيانا لصالح مياه الصرف. وهذا يعني أن مياه ترعة السلام تحمل ملوثات خطيرة علاوة علي الملوثات العضوية التي تدخل الي ثمار النباتات وبسببها ترفض عند التصديروبهذا يمكن خلق مجتمعات عمرانية جديدة جاذبة للسكان مبنية على تلك الانشطة الزراعية والصناعية الضخمة التي تستمد أيضا من توافر العديد من الثروات التعدينية التى تشكل أساسا لقيام مجموعة عريضة من الصناعات أبرزها فحم المغارة – وملاحة سبيكة وحقول الكبريت وحقول الغاز الطبيعى بالقرب من ساحل البحر المتوسط بشمال سيناء ، ومناطق المنجنيز والجرانيت والكادلين والألباتيت وحقول البترول والغاز الطبيعى بجنوب سيناء مع تنمية القدرة التصديرية لمحافظات سيناء ، خاصة مع توفر مزايا الموقع والقرب من موانىء التصدير إن سيناء من الممكن أن تكون كنز لمصر إذا ولكن ذلك يعتمد علي فهم طبيعتها وهذا كله ممكن بإنشاء شركة قابضة يشارك فى ملكيتها وإدارتها القطاع الخاص، مع قيام الدولة بتأسيس شركتين استثماريتين لشمال وجنوب سيناء برأس مال 200 مليون جنيه، أسوة بما تم فى محافظات الصعيد لتوفير التمويل للمشروعات، وإنشاء هيئة مستقلة أو صندوق لتنمية سيناء يدار بأسلوب اقتصادى يوفر الموارد، والتوسع فى الاستثمارات الزراعية والصناعية لجذب العمالة. ناهيك عن إنتقاص واضح لحقوق مواطنيه فيما أسميناه بحسرة " نصف المواطن " والذي لا يحمل كل حقوق المواطن العادي في بر مصر ولا يستطيع أن يبيع ويشترى في أرضه وكأنه مواطن لدولة أخرى لا يحمل إسمها ولا يعيش هو وأبنائه عليها ، فضحينا بسذاجة من قرر وإغتصب القانون من المواطن السيناوي حق تملك الأرض في موطنه وكأنهم لا يعلمون – من وضع هذه القواعد الغير إنسانية وغير قانونية – أن أحق الناس بالدفاع عن الأرض هو من يمتلكها بصك قانوني واضح ، ولم يتعلم من تجارب الدول المجاورة في مسألة إمتلاك الأراضي فلم يشفع له قانون ولم توافقه شريعة فسياسة تمليك الأراضي التي تتبعها الدولة متمثلة في وزارة الزراعة هي سياسات خاطئة. حيث انتهجت الوزارة تمليك الأراضي بنظام حق الانتفاع. وبهذه الطريقة لن تنجح التنمية في سيناء ولن يكون لها أي مستقبل لأن الزراعة تميل الي الاستقرار لأنه استثمار طويل الأجل. ولذا يجب تمليك الأراضي بأسعار مشجعة وداعمة للتوجه الزراعي والسكني مع الأولوية لأهل سيناء وجذب المستثمرين من الملاك من الفلاحين وسكان الوادي والدلتا وتستطيع سيناء أيضا أن تقود التنمية والاستقرار الأمني في المنطقة كلها لو تم الإسراع في إستغلال عبقرية الموقع الجغرافي ومرور قناة السويس أعظم ما ورثه لنا الاباء بإعادة إحياء مشروع أكبر منطقة للتجارة الحرة على جانبي الممر الملاحي بطول مدن القناة الثلاثة وبعمق تنموي في عمق سيناء في الجانب الأخر لمدن القناة مما سيجعلنا أخيرا نتخلي عن دور " الكمسري " الذي لعبناه طوال أكثر من 140 عاما لم نجنى منه سوى 6 مليارات دولار سنويا على أقصى تقدير من عائدات المرور في القناة بينما من المتوقع أن يحقق مشروع منطقة التجارة الحرة أكبر عائد تنموي في التاريخ بقيمة تصل الى 100 مليار دولار سنويا وتشغيل ملايين الأيدى العاملة والقضاء فورا على البطالة من سكان اقليم القناة وأهالي سيناء بالكامل والذين سيكون لهم الأولوية في التشغيل في المشروع مما سيسهم في عودة الاستقرار للمنطقة والقضاء تدريجيا على مثلث البطالة والجهل والتطرف المبني على الازمة الاقتصادية والتهميش المتعمد والذي سيقضى عليه المشروع الضخم بالإضافة الى مشروع تنمية شمال خليج السويس ومشروع المنطقة الصناعية شرق بورسعيد ومشروع وادى التكنولوجيا والأموال في الحقيقة موجودة والاستثمارات العربية والاجنبية جاهزة للتوجه للمنطقة الواعدة لو توافرت الارادة السياسية والقوانين المقننة والجاذبة للاستمرار كما فعلت الدول الرائدة في مثل هذه المشروعات كجبل على في إمارة دبي . وجائت الاحداث الاخيرة لتفتح باب الطلب المصري في إستعادة سيادتها الأمنية الكاملة لسيناء عبر الضغط على إسرائيل والولايات المتحدة لإعادة النظر في الترتيبات الأمنية المرفقة في معاهدة السلام المصرية-الاسرائيلية المبرمة عام 1979 والتي وضعت قيودا على اعداد وتسليح الجيش المصري في شبة جزيرة سيناء خصوصا في المنطقة المرمز لها بالمنطقة ج والتي تمتد عمقا ل35 كيلومتر من حدودنا الشرقية والتي أكدت الاحداث أن ظروف توقيع الاتفاقية في1979تغير الأن فالتقدم العلمي والتكنولوجي في الشئون العسكرية أصبح كبيرا عن وكذلك نظم التسليح والقيادة والسيطرة وهو سهل المراقبة الالكترونية ولذلك لابد من وضع كل هذا في حساباتنا خلال تعديل الملحق العسكري ويمكن تعديل الملحق جغرافيا ومساحيا من خلال اعادة ترسيم حدود المناطق بما يتمشي مع التطوير الشامل الذي تشهده سيناء وطبقا لرؤية القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية أو من خلال حجم ونوعية القوات في المناطق أ, ب, ج حيث ان المطلوب هو زيادة نوعية القوات مع قوات حرس الحدود بقوات من المشاه والقوات خفيفة الحركة مثل قوات الصاعقة والمظلات وعناصر من الشرطة العسكرية القادرة علي التتبع والمطاردة في المناطق الجبلية. والصحراوية وزيادة عدد الافراد خاصة من المنطقة ج بما يمنع عمليات التهريب والتسلل علي طول الحدود الممتدة من رفح شمالا حتي طابا جنوبا وهو رأي الخبراء المصريين وأصبح طلبا ملحا بعد العمليات التي شهدتها سيناء خلال الأعوام السابقة خصوصا بعد مرور عام كامل على الاتفاق المبدئي بين مصر واسرائيل على زيادة القوات في سيناء مع الأخذ في الحسبان الخطة المعلنة اسرائيليا من قبل لاستغلال حالات الانفلات الأمني في سيناء عبر حوادث سابقة لإعادة تقديم طلبها الرسمى السابق بتفريغ جزء من سيناء بطول خط العريش رأس محمد فيما تسمى لدى القوات المسلحة بالمنطقة (ج) وتهجير الفلسطنبين إليها وتقسيم حلم الدولة الفلسطنية إلى دويلات صغيرة فى غزة والضفة وسيناء وهو ما يحتاج معه الى مفاوضات واعية وضغط سياسي ودبلوماسي كبير خصوصا على الولايات المتحدة الأمريكية الضامن الأساسي لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية وأن تعيد مصر النظر في قرارات فتح المعابر والتعامل مع الانفاق بين الجانب المصري والفلسطيني من رفح والرجوع الى العلاقات القانونية والدولية بين دولتي الحدود التي تحكمها المصالح المشتركة وليست الاهواء فقط ، كما جعلنا الحدث الجلل نعيد طلب ترتيب البيت الداخلي وفتح باب التحقيق في الفشل المخابراتي الكبير الذي تسبب به الحادث والاعتراف بإن ما حدث لن يمر بدون عقاب للجهة التي تأمرت على الدماء المصرية من الخارج والداخل مما جعلنا أيضا في سياق ذلك نطالب بإقالة رئيس المخابرات المصرية ؛ وإتهامه بالتقصير في حماية الأمن القومي خصوصا بعد التصريحات الأمنية التي سبقت الحادث بيومين ردا على بيان اسرائيلي بوجود معلومات مخابراتية عن وجود إستعداد لخلية ارهابية لتنفيذ عملية نوعية في سيناء ودعوتها لرعاياها للمغادرة السريعة فيما قللت المصادر الأمنية المصرية من البيان ووصفت سيناء بإنها خالية من التنظيمات الارهابية وأن الوضع الأمني مسيطر عليه بشدة وهو ما تنافي بوقوع الحدث الجلل والأليم . إننا في هذا الموقف الدقيق من عمر الوطن الذي يتشكل ندعوا لنجتمع سويا على كلمة سواء فيما بيننا وأن نعيد رسم خارطة تنمية قطاعات ومحافظات الوطن وإعادة الهيبة للمؤسسات وتفعيل القانون في الدولة التي نبنيها الأن سويا ونحلم بها ، دولة القانون والسيادة والتقدم ، دولة مدنية بمؤسساتها القوية مواطنوها أحرار إينما كانوا بلا قوانين عنصرية معجزة تضمن العدالة لكل من يستظل بها ويقطنها .