قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

ياسر برهامي: الإنسان ليس خليفة الله في الأرض

0|محمد صبرى عبد الرحيم

قال الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، إن الله -تعالى- لا يخلفه أحدٌ في خلقه؛ فله ملك السموات والأرض ومَن فيهن، وإنما الخليفة، أي الذين يخلف بعضهم بعضًا، قَوْمًا يَخْلُف بعضهم بعضًا، قرنًا بعد قرن، وجيلًا بعد جيل.

جاء ذلك في فتوى له على موقعه الرسمي في إجابته عن سؤال: «ما حكم قول إن الإنسان خليفة الله في الأرض؟».

جدير بالذكر، أن الإمام ابن كثير فسر قول الله تعالى: «وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً» [البقرة: 30]: "أي: قَوْمًا يَخْلُف بعضهم بعضًا، قرنًا بعد قرن، وجيلًا بعد جيل، كما قال تعالى: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأرْضِ» [الأنعام: 165] وقال تعالى: «وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأرْضِ» [النمل: 62]، وقال تعالى: «وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأرْضِ يَخْلُفُونَ» [الزخرف: 60]، وقال تعالى: «فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ» [مريم: 59]".

ويُشار إلى الإمام «ابن القيم» فصَّل المسألة تفصيلًا جيدًا، في كتابه الماتع "مِفتاح دار السعادة": «أنه واحتج القائلون بجواز أن يقال: فلان خليفة الله في أرضه بقوله تعالى للملائكة: «إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً» [البقرة: 30]، وبقوله تعالى: «هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ» [فاطر: 39]، وهذا خطاب لنوع الإنسان، وبقوله تعالى: «أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ» [النمل: 62]، وبقول موسى لقومه: «عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ» [الأعراف: 129]، وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله مُمَكِّنٌ لكم في الأرض، ومستخلفكم فيها فناظِرٌ كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء». واحتجوا بقول الراعي يخاطب أبا بكر رضي الله عنه:َ خَلِيفَةَ الرَّحْمَنِ إِنَّا مَعْشَرٌ *** حُنَفَاءُ نَسْجُدُ بُكْرَةً وَأَصِيلاَ ... عُرْبٌ نَرَى للهِ فِي أَمْوَالِنَا *** حَقَّ الزَّكَاةِ مُنَزَّلًا تَنْزِيلاَ

أوضح ابن القيم: وَمَنَعَتْ طَائفة هذا الإطلاق، وقالت لا يقال لأحد إنه خليفة الله؛ فإن الخليفة إنما يكون عمن يغيب، ويَخْلُفُه غَيْرُه، والله تعالى شاهدٌ غيرُ غائب، قريبٌ غير بعيد، راءٍ وسامع؛ فمحال أن يَخْلُفَهُ غيرُهُ؛ بل هو سبحانه الذي يَخْلُف عبده المؤمن، فيكون خليفته؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الدجال: "إنْ يَخرُج وأنا فيكم فأنا حَجِيجُه دونكم، وإن يَخرُج ولست فيكم فامرؤ حَجِيجُ نَفْسِه، والله خليفتي على كُلِّ مؤمن" (والحديث في الصحيح)، وفي صحيح مسلم أيضًا من حديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا سَافَرَ: "اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل والمال" الحديثَ، وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، واخْلُفْه في أهله". فالله تعالى هو خليفة العبد؛ لأن العبد يموت فيحتاج إلى مَن يَخْلُفُه في أهله.

وتايع: قالوا: ولهذا أنكر الصديق رضى الله عنه على مَن قال له: يا خليفة الله، قال: لستُ بخليفة الله، ولكني خليفة رسول الله، وحسبي ذلك، وقالوا: وأما قوله تعالى: «إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً» [البقرة: 30] فلا خلاف أن المراد به آدم وذريته، وجمهور أهل التفسير من السلف والخلف على أنه جعله خليفة عمَّن كان قَبْلَه في الأرض؛ قيل عنِ الجنِّ الذين كانوا سُكَّانَها، وقيل عن الملائكة الذين سكنوها بعد الجنِّ، وقصتهم مذكورة في التفاسير، مضيفا وأما قوله تعالى: «هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ» [فاطر: 39] فليس المراد به خلائف عن الله، وإنما المراد به أنه جعلكم متعاقِبِينَ؛ يَخْلُف بعضُكم بعضًا، فكلَّما هَلَكَ قَرْنٌ خَلَفَه قَرْنٌ إلى آخر الدهر.

واستطرد: وأما قول موسى لقومه: «وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ» [الأعراف: 129] فليس ذلك استخلافًا عنه؛ وإنما هو استخلاف عن فرعون وقومه، أهلكهم وجعل قوم موسى خلفاء من بعدهم، وكذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله مستخلفكم في الأرض". أي من الأمم التي تَهْلِك، وتكونون أنتم خلفاء مِن بعدهم، متابعًا قالوا: وأما قول الراعي فقولُ شاعر، قال قصيدة في غَيْبَةِ الصِّدِّيق، لا يُدْرَى أَبَلَغَتْ أبا بكر أو لا؟ ولو بلغته فلا يُعلَم أنه أقرَّه على هذه اللفظة أم لا؟

واختتم ابن القيم: "فإن أُرِيد بالإضافة إلى الله أنه خليفة عنه، فالصوابُ قولُ الطائفة المانعة منها، وإن أريد بالإضافة أن الله استخلفه عن غيره ممن كان قبله، فهذا لا يمتنع فيه الإضافة، وحقيقتها خليفة الله الذي جعله الله خَلَفًا عن غيره".