- 120 مركزا لأطفال الأنابيب مرخص وإغلاق قرابة 30 مركزا غير مستوفي الاشتراطات
- لا يوجد قانون ينظم عمل المراكز وتتم الرقابة طبقا للائحة آداب المهنة واشتراطات "الصحة"
- مراكز أطفال الانابيب تعرض تجميد البويضات لفتيات لم يسبق لهن الزواج مقابل 13 ألف جنيه
- مشروع قانون سابق لتنظيم عمل مراكز أطفال الأنابيب ولكن لم يتم إقراره
- المراكز المتورطة معرضة للغلق ومحاسبة الطبيب المسئول في حال الشكوى
بدأ العالم يعترف بتقنية أطفال الأنابيب عام 1978 حين ولدت أول طفلة أنابيب في إنجلترا، وأصبح العلاج بأطفال الأنابيب تخصصا طبيا معترفا به عالميا، حين بدأ لأول مرة هذا النوع من العلاج في مصر عام1986 وولدت أو طفلة أنابيب مصرية عام1987، وارتفع عدد المراكز، إلى قرابة 120 مركزًا معتمدًا على مستوى الجمهورية تخضع لإشراف ورقابة وزارة الصحة أسوة بجميع المنشآت الخاصة.
مراكز مغلقة
وتم إغلاق قرابة ثلاثين مركزا مؤخرا لم تكن مرخصة ولا تتوافر بها الشروط التى وضعتها لائحة آداب المهنة بنقابة الأطباء، وأغلب تلك المراكز تتلاعب بأحلام الفقراء والبسطاء بالمخالفة لأحكام القانون، وتتركز غالبيتها في الأحياء الشعبية وقرى محافظات الصعيد والدلتا.
شروط مراكز أطفال الأنابيب
جميع مراكز أطفال الأنابيب في مصر تعمل تحت نظام متفق عليه ويحترم أخلاقيات المهنة ومواصفات وشروط الأزهر والكنيسة القبطية، وتشمل وجود الزوج والزوجة والعلاقة الشرعية بينهما وقت إجراء جراحات الحقن المجهري أو أطفال الأنابيب، وعقود رسمية تشمل جميع تفاصيل التعاقد بين المركز والزوجين، وهو ما أكده دكتور صبري غنيم، رئيس قطاع العلاج الحر بوزارة الصحة، قائلا: "إدارة الطب العلاجي بوزارة الصحة بالتعاون مع نقابة الأطباء وضعت بعض المواصفات الخاصة لضمان سلامة عمل مراكز التلقيح الصناعي، وهي حصول المدير المسئول فنيًا عن مركز التلقيح الصناعي علي دكتوراة أمراض النساء والتوليد أو دكتوراة في الأمراض التناسلية والعقم أو دكتوراة في طب وجراحة أمراض الذكورة والتناسل مع توافر خبرة خمس سنوات على الأقل بعد الحصول على المؤهل".
وأضاف: "العاملون في فريق العلاج لابد أن يكونوا من الأطباء الحاصلين على بكالوريوس الطب والجراحة على الأقل مع خبرة لا تقل عن 3 سنوات في أحد مجالات أمراض النساء والتقاط البويضات أو طب وجراحة أمراض الذكورة ومعالجة السائل المنوي، بالإضافة لاشتراطات خاصة بالمعدات والأجهزة للتعقيم وغيرها والثلاجات لحفظ الأجنة والحيوانات المنوية، وشروط معمل الأجنة ومعمل التلقيح طبقا للاشترطات الدولية وغرفة للعمليات ومعمل للتحاليل".
وتابع: "ولضمان سلامة السلالات لابد من وجود سجل لكل حالة يشمل العقد والإقرار للزوجين، وتفاصيل الأتعاب والفحوصات والتقارير الطبية لحالة الزوج والزوجة".
جراحات مجرمة
ولكن لم تتوقف مشاكل مراكز أطفال الأنابيب على وجود مراكز غير مرخصة أو يعمل بها أطباء غير مؤهلين طبقا للشروط، أو أن تتم العملية بطرق خاطئة وينتج عنها طفل مشوه أو متوفى، بل وصل الأمر لعمل ومزاولة تلك المراكز لما يسمى "تجميد البويضات" أو الحيوانات المنوية، في محاولة لاستغلال إقبال الفتيات اللاتى تجاوزن سن الزواج ويخشين على حلم الإنجاب ويرغبن في حفظ البويضات لحين الزواج، أو من يعانون من مرض السرطان سواء كانوا رجال أو سيدات ويخشون من تأثير العلاج الكيمائي على معدل الخصوبة، ففكروا في حفظ البويضات أو الحيوانات المنوية لحين استخدامها في عمليات الحقن المجهري.
مراكز تجميد البويضات
يواصل "صدى البلد" مع عدد من مراكز الحقن المجهري المعروفة والمملوكة لكبار أطباء تخصص أطفال الأنابيب وعلاج العقم، وبدعوى الرغبة في تجميد البويضات لحين الزواج تواصلنا مع مركز "د. م" واستفسرنا عن إمكانية تجميد البويضات، فكان رد الممرضة أن المركز يوفر عملية سحب البويضات، ولكن بعد أن يجري الطبيب الكشف الطبي ويعطي أدوية لتنشيط التبويض، ويتم السحب بعد أسبوعين من تاريخ الكشف، وتتكلف عملية السحب 13 ألف جنيه، بينما تتكلف عملية الحفظ 5 آلاف جنيه سنويا، مع زيادة 500 جنيه كل عام.
وأضافت: "بنات كتير بتحفظ بويضات بعد تأخر سن الزواج ويتم الحفظ بمعمل المركز حتى عشر سنوات وبكود وأمان وتوقيع عقد مع المركز، ويمكنك الحصول على البويضات المجمدة في أى وقت، والدكتور أيضا ممكن يعمل لك طفل أنابيب بعد الزواج، بس الأول لازم يتعمل تحاليل دم وكشف عام وبعدها تاخدي أدوية التبويض قبل العملية".
سألتها عن مدى قانونية العملية، فردت: "إحنا مركز معتمد وحاصل على ترخيص من وزارة الصحة، والدكتور عنده 4 مساعدين من الأطباء و5 ممرضات، ونجري جراحات الحقن المجهري يوميا، ولا خوف من حفظ البويضات لدينا، فسمعة المركز معروفة على مستوى الجمهورية والمرضى من كل المحافظات".
إعلانات للفتيات
مركز آخر يعلن عبر موقع "فيس بوك" علانية، عن إمكانية تجميد البويضات للفتيات غير المتزوجات كحل سحري للخوف من عدم الإنجاب وضعف التبويض بعد الزواج "لو عاوزة تحفظي بويضاتك وخايفة من تأخر جوازك، المركز بيقدم لك الحل السحري لحل أزمة تأخر الزواج، لدينا أفضل الأجهزة والإمكانيات لحفظ البويضات حتى 10 أعوام قادمة، فقط الكشف وإجراء الجراحة، لتضمن حلم الأمومة".
تواصلنا مع المركز، فرد الطبيب المختص، ويدعى دكتور "م. ش"، أن المركز قام بإدخال تلك التقنية منذ عام، وهناك حالات كثيرة حفظت بويضاتها، وعندما سألته عن مدى أمان الحفظ وعدم الاختلاط، رد: "كل أنبوبة بها كود سري ويحفظ بطريقة آمنة داخل أنبوب به مادة النيتروجين، والبيانات سرية ومحفوظة إلكترونيا، ولاخوف من الاختلاط، فهو نظام دولي متعارف عليه في جميع مراكز علاج العقم والإخصاب المجهري، ويتم توقيع عقد بين المركز والفتاة لضمان حقها في استرداد البويضات عند الحاجة ومقاضاة المركز في حال التلف أو الضياع، وأسعار هذا المركز 10 آلاف جنيه، والحفظ ألفي جنيه سنويا"، موضحا أن الحفظ حتى 10 أعوام.
مشروع قانون لم يتم
وطبقا لتصريحات النائبة البرلمانية السابقة ابتسام حبيب، فقد تقدمت بمشروع قانون تنظيم عمليات التلقيح الصناعي وأطفال الأنابيب لتنظيم الإنجاب بالتلقيح الصناعي وطفل الأنابيب أو بمعنى آخر التلقيح داخل الجسم وخارجه في الأنابيب، ويتضمن مشروع القانون 7 مواد وهي "النص على عدم جواز اللجوء إلى عمليات التلقيح الصناعي أو الإخصاب الخارجي في الأنابيب، إلا إذا توافرت عدة شروط منها أن يثبت بناءً على تقرير طبي صادر من ثلاثة أطباء متخصصين في أمراض النساء، وشرط أن يكون هناك علاقة زوجية، وأن لا تتم الاستعانه ببويضة امرأة غير الزوجة أو حيوان منوي لغير الزوج، وحظر تأجير الأرحام".
عقوبات لم يتم إقرارها
ووضع مشروع القانون عقوبات للمخالفين بالسجن والغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تتجاوز خمسين ألف جنيه، وأحيل مشروع القانون للجنة التشريعية حينها، وافقت عليه لكن مع نهاية الدورة البرلمانية لم يتم إصدار القانون، ولم يتم إقرار القانون حينها لاعتراض أغلب العاملين بالمهنه على سن تشريع، مطالبين بالاكتفاء باشتراطات وزارة الصحة وبنود لائحة مزاولة المهنه بنقابة الأطباء، مدافعين حينها عن المراكز بأنه لا تتم في مصر تلك الممارسات غير المشروعة كتأجير الأرحام أو تجميد الأجنة أو الاستعانة بنطفة متبرع أو عدم توافر شرط الزواج.
ولكن بعد تواجد تلك الجراحات المحرمة من تجميد البويضات والحيوانات المنوية بدون عقود جواز للمرضى أو لفتيات ورجال لم يتزوجوا، ما موقف أصحاب المراكز وأطباء العقم من تلك الممارسات، وهل أصبحت المراكز بحاجة لوجود قانون لمنع تلك الممارسات المجرمة.
موقف الأطباء
دكتور يسري فودة، أستاذ امراض العقم وصاحب مركز لأطفال الأنابيب والحقن المجهري، يشرح: "المراكز تعمل بلائحة آداب المهنة وشروط وزارة الصحة، ولا تتم بالفعل ممارسات كتجميد الأجنة الدائم أو الاستعانه بنطفة متبرع أو غيرها من الأمور التى يحرمها القانون والشرع، ولم نكن بحاجة لقانون أو عقوبات، ولكن بالفعل أصبحت تقنية "تجميد البويضات" متواجدة بأغلب المراكز وبدون وضع شروط أو ضوابط لها، وهو أمر حديث على مجال علاج العقم بمصر، ولا يوجد له قانون ينظمه".
وقال: "الموضوع بحاجة لتوضيح وقيود، خاصة أنه بقى تجارة واستغلال لفتيات تأخر سن زواجهن أو مرضى السرطان ومن يخشون صعوبة الإنجاب لتأثير العلاج الكيمائي على معدل التبويض والخصوبة، وبالطبع من حقهم أن يحافظوا على حلم الإنجاب، ولهذا نحن بحاجة لقانون ينظم عمل تلك المراكز، خصوصا مع مستجدات المهنة".
جدير بالذكر أن في مصر هناك قرابة 113 ألف حالة سنويا، منهم 34% إصابات بمرض سرطان، وتؤكد إحصائية صادرة عن المؤسسة المصرية لمكافحة سرطان الثدى، أن نحو 30 مليون سيدة مصرية معرضة للإصابة بسرطان عنق الرحم، ووصل عدد المصابات بسرطان الثدي إلى 18 ألف حالة سنويا، وأصبح معدل حدوث السرطان فى كل أنواعه إصابة حالة جديدة كل 5 دقائق فى مصر، وستصل إلى 3 حالات كل 5 دقائق بحلول عام 2050.تقرير المركزي للعنوسة
كما أفاد أحدث تقرير للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر بتفاقم مشكلة العنوسة، وأكد التقرير أن العنوسة تنتشر في مصر بدرجة كبيرة، و13 مليون شاب وفتاة تجاوزت أعمارهم 35 عامًا لم يتزوجوا، منهم 2.5 مليون شاب و11 مليون فتاة فوق سن الـ 35، ومعدل العنوسة في مصر يمثل 17% من الفتيات اللاتي في عمر الزواج.
و"تجميد البويضات" يعني الاحتفاظ ببويضات مجمدة بدرحة حرارة منخفظة داخل أنبوب بسائل النتروجين، والتقنية تعتمد على تخفيض درجة حرارة البويضات إلى ما دون 196 درجة مئوية خلال دقيقة واحدة ثم حفظها في أنابيب زجاجية خاصة توضع في سائل النيتروجين، والسن المناسبة لتجميد البويضات يتراوح بين 31 سنة و33 سنة، وتسمر حتى عشرة أعوام فأكثر.
طبيب يجري "التجميد"
وقال الدكتور شريف وصفي، صاحب أحد مراكز أطفال الأنابيب: "حتى الآن لم يتم إنجاب طفل من بويضة مجمدة داخل مصر، لأنها لم تقر قانونا أو شرعًا، ولكن يتم حفظ البويضات بالفعل، فالمركز لديه إمكانيات التعامل مع حفظ البويضات والحيوانات المنوية، وهي عملية سهلة لا تستغرق ساعة لسحب البويضات، ويتم حفظ البويضات طبقا للمدة التى تريدها الحالة، ولا أجد مشكلة في الحفظ طالما هناك تعاقد بين المركز والحالة، وطرق لتأمين الأنابيب داخل المركز من خلال أكواد للحفظ والأمان".
فروق الأسعار
وأضاف "وصفي": "بالخارج التكلفة مرتفعة وتتعدى 10 آلاف دولار للعملية، ولكن هناك تتم العملية بـ 10 آلاف جنيه مصري والحفظ بـ 3 آلاف جنيه فقط، ونسب الحفظ والأمان تصل لـ 100%، ولا قلق أو خوف من الاختلاط أو بيعها، وتلك العمليات المشبوهة لا تتم بمصر، ولا يمكن لمركز أن يجازف بسمعته، ولكن على أى فتاة أن تتأكد من ترخيص المركز من قبل وزارة الصحة، وكفاءة فريق العمل وتأهل المعامل لديه قبل التعاقد معه لإجراء تجميد للبويضات".
وكشف عن أن السيدات أكثر حاجةً إلى هذا الإجراء، لارتباطهن بفترة انتهاء الطمث، أما الرجال فتقل خصوبتهم بمعدلات بسيطة مع كبر السن، وتخضع الفتاة لعملية جراحية بسيطة.
وأنهى حديثه قائلا: "لا مانع من إقرار قانون شامل للمراكز يضمن ضمانات وأسس حفظ البويضات والحيوانات المنوية المجمدة لأنه الأمل لمرضى السرطان، طالما أن تلك التقنية يتم تطبيقها بكفاءة عالية، فلابد أن يسمح القانون بذلك، بحيث لا يتم اقتصار العمليات على المتزوجات فقط".
رد الوزارة
دكتور صبري غنيم، رئيس قطاع أدارة العلاج الحر، صرح لـ"صدى البلد" بأن "اشترطات وزارة الصحة تلزم مراكز أطفال الأنابيب بعدم تجميد الأجنة إلا لغرض عمليات طفل الأنابيب فقط، وممنوعا قانونًا تجميد الأجنة بدون عقد زواج أو إجراء طفل الأنابيب أو الحقن الجمهري أو التلقيح بدون زواج أو في حال وفاة أحد الطرفين حتى بعد التجميد، وطبقًا لذلك لا يجوز قانونا تجميد البويضات أو الحيوانات المنوية، وأى مركز يثبت تورطه، سيتم إغلاقه، وهناك مرور دوري على تلك المراكز للتأكد من سلامة العقود والإجراءات والأجهزة والمعامل ومؤهلات الأطباء بالمراكز".
وأبدى "غنيم" استغرابه من وجود تقنية تجميد البويضات والحيوانات المنوية بمصر، مؤكدا أن الوزارة لو تلقت شكوى أو بلاغا من أى متضرر من تلك الأمور سيتم إغلاق المركز فورا وإحالة مديره للتحقيق، كما أكد أن تلك الممارسات محرمة شرعا وقانونا أسوة بتحريم وتجريم حفظ الأجنة.
غياب الفتوى
جدير بالذكر أن الديانتين الإسلامية والمسيحية فى مصر رفضتا بيع البويضات والحيوانات المنوية وتأجير الرحم، ولكن لم يتم إصدار فتوى حتى الآن فيما يتعلق بتجميد البويضات أو الحيوانات المنوية لغير المتزوجين.
اتجاه عالمي
وقامت شركات كبرى في العالم مثل "أبل" و"فيس بوك" بتشجع موظفاتها على تجميد بويضاتهن وتتكفل هي بمصاريفها ليتفرغن للعمل ولا يطلبن عطلة أمومة، وتم توثيق ما يقرب من 200 حالة من الولادات الناتجة عن عملية البويضات المجمدة في جميع أنحاء العالم، ومن بين هذه الولادات، تكون نسبة العيوب الخلقية والتشوهات الصبغية متوافقة بين عامة الناس.