الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عروض الصوت واللمبة


فى أوائل التسعينات كنا طلابًا صغارًا، وعندما كنا نزور الأقصر وأسوان فى رحلات نصف العام، كنا ننبهر بعروض الصوت والضوء فى معابدنا الفرعونية العظيمة، فصوت الممثلين كان معروفًا لنا من خلال المسلسلات والافلام التى كنا نشاهدها على قناتى التلفزيون المصرى وقتها، وكانت الرهبة من المؤثرات الصوتية هى قمة الإعجاز بالنسبة لنا فى ذلك الوقت.

كبرنا وكبرت معنا أحلامنا التى كانت عادة ما تسبق عقولنا، وأتسعت مداركنا مع تطور كل شيء فى العالم، سافرنا خارج مصر وشاهدنا بعض متاحف العالم اليوم، وكيف يتم الاستفادة من تكنولوجيا الاضاءة الحديثة والإخراج الفنى فى صناعة شئ ذو قيمة من لا شيء أو إبراز عظمة شيء عظيم.

ثم شاءت الأقدار أن نزور معابد فيله بأسوان هذا الأسبوع، للاستمتاع بعرض الصوت والضوء فى هذه المعابد الجميلة، سحر النيل وشاعرية ليل أسوان الممتزجة بعظمة تاريخنا الفرعونى، تجعلك تشعر بعظمة الوطن الذى تعيش فيه أكثر وأكثر , كنا نتخيل أن العرض هو أستعادة لتاريخنا فى صورة أخرى، ولم يخطر ببال أحدنا اننا سنستعيد ذكريات طفولتنا الجميلة فقط، لأننا شاهدنا وسمعنا عرض عفى عليه الزمن فى معابد فيله الصامدة عبر الزمن.

تناقض رهيب بين عظمة وروعة أجدادنا اللذين بنوا معابد فيله، وبين مستوى عرض الصوت والضوء فيها، فعروض الصوت والضوء أكبر من مجرد إضاءة لمبة أو أكثر بلون تقليدى مع الصوت المرافق، ناهيك عن السيناريو الخطابى الذى تتخلله بعض الفقرات التى تشعرك بأنك تستمع الى خطبة سياسية، يغلب عليها طابع المدح لمجرد المدح، لا الى قصة حضارة عظيمة.

لذا أعتقد أننا أمام مسئولية كبرى اليوم من أجل إبراز تاريخنا، وهى إعادة إخراج عروض الصوت والضوء فى المعابد المصرية كافة، فليس من المعقول فى ظل تكنولوجيا الافلام ثلاثية الأبعاد وغيرها من وسائل الإخراج الفنى والتقنى الحديثة، حيث يتم تجسيد الصور بين المشاهدين وكأنها صور حية، أن نعتقد أن إضاءة عدة لمبات بطريقة بدائية على جدران المعابد هى قمة الإبهار، وكذلك مطلوب إعادة صياغة السيناريو من جديد بطريقة نركز فيها على قصة الحضارة المصرية العظيمة التى كانت بين جدران هذه المعابد.

ومسئولية تطوير وتحديث عروض الصوت والضوء فى معابدنا الفرعونية، تقع على عاتق السيد الرئيس، لأنه لو صدر القرار من وزير الآثار فسوف يواجه بعقبات بيروقراطية، حول الجهة التى ستنفذ، والتمويل، والمحتوى التاريخى، وغيرها من العقبات التقليدية، ولو صدر القرار من وزير الثقافة فسوف يصطدم بالاثار صاحبة الولاية على المعابد، ولو تبنى أحد المخرجين أو المصورين المبدعين الأمر فسوف يصطدم بالاثنين معًا.

أما الرئيس فيملك صلاحية توجيه الجميع عن طريق مجموعة عمل مشكلة من المخرجين السينمائيين والمصورين المبدعين، ووزراة الاثار ووزارة السياحة ووزارة الثقافة، لتنفيذ عروض صوت وضوء تليق بعظمة تاريخ معابدنا الفرعونية، مستخدمين أحدث ما وصلت اليه تكنولوجيا الصوت والإضاءة والتصوير والإخراج الفنى فى العالم.

فأنا أتخيل أن يكون العرض عبارة عن فيلم روائى تدور أحداثه بين جدران المعابد، فنرى صور الفراعنة مجسمة بالتكنولوجيا الحديثة بين أحضان الجدران وعلى الحوائط، ويرى السائح صورة مرافقة للصوت الذى يسمعه، ويتحول المعبد الى صالة عرض مفتوح، ويشعر السائح أثناء حركته فى المعبد أنه يسير وسط الفراعنة ويعيش الاحداث، وسحر الماضى ويستشعر عبيقه، حيث يجد الفرعون أو الكاهن أو العامل وكأنه يقف بجواره أو أمامه.

هذا ما أتصور رؤيته ومعايشته فى معابدنا العظيمة، وهو شيء يمكن تنفيذه بسهولة، ويستخدم على نطاق واسع فى الداخل والخارج خلال تصوير بعض المسلسلات والأفلام والبرامج بشتى أنواعها، فعروض الصوت والضوء الموجودة فى معابدنا اليوم صارت تاريخ فى حد ذاتها ومكانها الطبيعى متحف الصوت والضوء، وليس معابد مصر العظيمة، التى تم بناؤها ورسم جدرانها بأحدث ما وصل العلوم والفنون فى زمن بناؤها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط