الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قصة «البشعة» .. جهاز كشف الكذب عند بدو مصر

صورة ارشيفيه
صورة ارشيفيه

في صحراء سيناء، بعيدًا عن قاعات المحاكم وأحكام القضاء .. حيث لا صوت يعلو عن العرف والتقاليد التي وضعتها القبائل منذ مئات السنوات، تظهر «البشعة»، التي يتبعها البدو لفض النزاعات ومعرفة الجاني أو المتورط في أي خلاف.

ما هي البشعة؟

البشعة -بكسر الباء- هي قطعة معدنية أشبه بـ "الملعقة" الضخمة يتم وضعها على نار ملتهبة حتى يصبح لونها مثل الجمر لتوضع على لسان المتنازعين.

يجتمع الخصوم في مجلس عربي عند شخص يقال له المبشّع ويقوم بإحماء "المحماس" وتجهيز زجاجة ماء أمامها، لكي يقوم "المتهم" بلعقها بلسانه قبل أن يشرب القليل من الماء.

أنواع البشعة

1- بشعة العيادى: وهى محصورة في عائلة أبو عويمر من المحاسنة من السلاطنة من قبيلة العيايدة فى سيناء، ومقرها اليوم فى الإسماعيلية.

2- بشعة الدِّبِرْ: وهى محصورة في الدّبُور من العمران من قبيلة الحويطات في جنوبي الأردن (العقبة)، وقد انتهت هذه البشعة فعليًا عام 1976م، بموت أخر مبشع وهو على بن مساعد الدبر، وإلغاء قوانين الإشراف على البدو.

3- بشعة العلى (بلى): وهى محصورة في عائلة العلى من القواعين من مخلد من قبيلة بلى الحجاز (وليس بلى سيناء)، ومقرها شمال غرب الحجاز، وقد انتهت كما بشعة الدبر ولم تبقى إلا بشعة العيادي.

خطوات البشعة

• يُوضع "المحماس" في النار حتى يُصبح شديد الاحمرار .
• يُخرج المبشع المحماس ثم يفرك به ذراعه ثلاث مرات لكي يؤكد أن النار لا تضر الأبرياء.
• يمد المبشع المحماس إلى الشخص المتهم ويقول له " أبشع".
• على المتهم أن يمد لسانه للحاضرين كي يريهم أن لسانه سليم وليميزوا حالة لسانه قبل البشعة وبعدها .
• يلحس المتهم المحماس ثلاث مرات وهو بيد المبشع ثم يتمضمض ببعض الماء .
• إذا ظهر على لسانه أي أثر للنار قالوا "موغوف" أي مذنب وإلا فهو بريء .

تفسير الظاهرة

فسر البعض هذه الظاهرة فقالوا إن الإنسان الصادق يكون واثقًا من نفسه بحيث لا يجف ريقه ويكون لسانه مبتلا ً فلا تؤثر فيه حرارة المعدن، وأما الكاذب فيكون مضطربًا لدرجة أن ريقه يجف مما يجعل المعدن يلتصق بلسانه.

الخلاف حول البشعة

تشير الوقائع للتقاضي بين المتخاصمين من قبائل وعائلات سيناء إلى أن ثمة تراجع فى اللجوء إلى البشعة، بل إن البعض اعتبرها مخالفة صريحة لتشريعات الإسلام.

وفي هذا السياق قال القاضي العرفي "يحيى الغول"، أحد القضاة العرفيين بمدينة العريش، "الناس تفهم موضوع البشعة بشكل خاطئ وكأن السابقين كفرة ولكنها كانت وسيلة ترهيب لمعتادي النكران وفيها مقاصد تخويف لإبراز وإظهار الحق وقليلا ما كانوا يذهبون إليها كمرجعية ترهيب، ولا يقصدون مخالفة شرعية لأنهم كانوا لا يملكون أدوات للاعتراف والإثبات، وهى الآن موجودة كمرجعية تخويف فقط ولا نقاش فى أن السابقين كانوا يعلمون قواعد الشرع ولكنها أداة فقط".