وتحررت الموصل

وبعد تسعة أشهر من المعارك الضارية في مدينة الموصل أكبر ثاني مدينة بالعراق بعد بغداد تحررت بالأمس، وأعلنت القيادة العراقية تحريرها بالكامل، وإن كان متبقى بعض الجيوب من إرهابي داعش في طريقهم للتصفية.

هذه المدينة عانت ما عانت من داعش، والتي من مسجدها الأثري أعلن البغدادي أمير داعش منذ ثلاث سنوات ونيف قيامة دولة داعش الإسلامية، فقد شرد أكثر من مليون من سكانها بعد أن سُرقوا ونُهبوا وتُركوا في الصحراء وأذكرك أيها القارئ العزيز أن بنات اليزيديين تم سبيهم وتزويجهم بالقوة، أما المسيحيون فقد وضعت على بيوتهم وممتلكاتهم حرف "ن" كناية عن "نصارى" حتى يكونوا هدفًا سهلًا للقتل والنهب والسلب، وأبوا أن يغيروا دينهم تحت تهديد السلاح، وكثير منهم تشردوا في المدن المجاورة خاصة اربيل عاصمة كردستان التي استقبلتهم بكل ترحاب رغم ضعف الإمكانيات، ومنهم من ذهب بعيدًا إلى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية ليعيشوا في بلاد الغربة بعيدًا عن بيوتهم وكنائسهم وعاداتهم وتقاليدهم.

المعركة القادمة ستكون فى الرقة عاصمة داعش في سوريا وستكون معركة صعبة وشرسة وقد بدأت فعلًا في القرى والمدن التي حولها، كل هذه المدن مثل الموصل لم يترك حجر على حجر كل شيء مدمر وأولها الإنسان الذي عاش سنوات عجاف وخوف ورعب، فليس المهم إعادة بناء المدن ولكن إعادة بناء الإنسان، العراقي أو السوري بعد هذا الدمار والقتل، خاصة ما تبقى من الأطفال الذين بالقطع يحتاجون إلى مساعدة نفسية قبل المادية.

يجب على مصر الأخت الكبرى للبلاد العربية أن تأخذ دورها حتى لو إمكانياتها ضعيفة ولكن هناك مجالات كثيرة تستطيع مصر من خلالها أن تساعد فيها بجانب المساهمة في إعادة التعمير بدءًا من تعمير الإنسان.