قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

محمد شعبان يكتب: الانتحار بين التجريم والتحريم


عندما نتحدث عن الانتحار فاعلم أن أسبابه تتعدد ووسائله تتجدد، وأسبابه قد تكون اليأس، الفقر، الجهل، الظلم أو الحزن.

لذا يجب معالجة هذه الظاهرة من جميع جوانبها وأسبابها الاجتماعية والاقتصادية والدينية وغير ذلك، فالمنتحر شخص أغلقت أبواب السعادة والأمل فى وجه وفى لحظة فقد عقله غير مسكر، لم يكن لديه من الوعى والوازع الدينى والأخلاقى ما يكفى لإحباط هذه الفكرة التى سيطرت عليه ولم يجد من يحنو عليه، فشرع فى التفكير فى الانتحار بل وبدأ فى تنفيذه، فهل كان يظن أنه بذلك سيذهب إلى جنة الخلد، هل كان يعتقد أنه بنهاية حياته بهذا الشكل تنتهى المتاعب والمصائب؟

أولا: حكم الشرع فى الانتحار
قال العلماء إن الانتحار من عظائم الذنوب وكبائرها التي من ارتكبها فقد استحق الخلود في نار جهنم، كما قال تعالى: "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا* ومن يفعل ذلك عدوانًا وظلمًا فسوف نصليه نارًا وكان ذلك على الله يسيرا"، "وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ"، فلا يجوز الإقدام على قتل النفس (الانتحار) بأي سبب من الأسباب لقوله تعالى: "ولا ‏تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا"، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "من قتل نفسه ‏بحديدة فحديدته يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن شرب سمًا ‏فقتل نفسه، فهو يتحساه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها".

وعذاب صاحبه يكون بنفس الوسيلة التي تم بها الانتحار، يضاف إليها دخوله جهنم ‏والعياذ بالله، هذا وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن اليأس والقنوط، وأخبر أن ذلك من ‏صفات الكافرين فقال: "يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ ‏اللهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ" [يوسف:87]، ‏وقال تعالى على لسان خليله إبراهيم: (قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ) ‏‏[الحجر:56]‏.

والحاصل أن الإقدام على الانتحار أمر فظيع وعواقبه وخيمة، مهما كانت المشاكل الدافعة إليه، فعظموا رجاءكم بالله وأيقنوا برحمته سبحانه التي وسعت كل شيء، وجددوا صلتكم بالله ‏وأكثروا من الطاعات والجأوا إليه سبحانه بالدعاء والتضرع أن يصرف عنكم السوء وأن ‏يحبب إليكم الإيمان وأن يزينه فى قلوبكم، واعلموا أن الحياة نعمة عظيمة أنعم الله بها عليكم "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً".

وفرصة لا يمكن ‏تعويضها فاغتنموها في العمل الصالح حيث به تحيون حياة كريمة كما قال تعالى: "مَنْ ‏عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ‏مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" [النحل:97]. ‏

حكم الانتحار فى القانون
ﻭإﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻹﻧﺘﺤﺎﺭ ﻓﻲ ﺣﺪ ﺫﺍﺗﻪ ﻻ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻳﻌﺎقب ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻓﺎﻋﻠﻬﺎ، ﺇﺫ إﻥ ﺍﻟﻤﻨﺘﺤﺮ ﺑﺎﺕ ﻓﻲ ﺭﺣﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤلك ﻭﺣده ﻣﻌﺎﻗﺒﺘﻪ ﻭﺣﺴﺎﺑﻪ، ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ذلك كذلك ﻭﻛﺎﻥ ﺍاﻧﺘﺤﺎﺭ ﻻ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺟﺮﻳﻤﺔ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺸﺮﻭﻉ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺃﻭلى ﻻ ﻳكون ﺟرﻳﻤﺔ.

ﻭﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺫلك ﻓﻘد ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﺎنون ﺍﻟﻔرﻧﺴﻰ ﺍﻟﻘديم ﻳﺴﺒﻎ ﺇﻧﺰﺍﻝ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺑﺠﺜﺔ ﺍﻟﻤﻨﺘﺤﺮ، ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻣﺼﺎﺩﺭﺓ ﺃﻣﻮﺍﻟﻪ، ﻭﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﺁﺛﺎﺭ ﺣﻔﻴظة ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ، ﻓﻬﻮ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﻳﺘﺠﺮﺩ ﻣﻦ ﺍﻷﺛﺮ ﺍﻟﺮﺍﺩﻉ ﻟﻠﺠزاءﺀ ﺍﻟﺠﻨﺎﺋﻰ ﻷﻧﻪ ﻳﻨﺰﻝ ﺑﺠﺜﺔ تعجز ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻋﻦ الإﺩﺭﺍﻙ، ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺃﺧﺮى ﻳﺼﻴب ﺃﺳﺮﺗﻪ ﺑﺄﻓدح ﺍﻟﻀﺮﺭ، ﺣﻴث يُسلب ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻮﺭﺩ ﺭﺯﻗﻬﺎ، ﻭﻗﺪ ﺣﻤﻞ ﺫﻟﻚ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺇﻟﻐﺎﺋﻪ ﺗﻤﺎﻣﺎ، ﻭأغلب الآراء ﺃﻥ ﺍاﻧﺘﺤﺎﺭ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳُﺠﺮﻡ، ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺠﺮﻳﻢ ﺃﻣﺮ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺤدﺙ ﺃﺑدﺍ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﻤﻨﺘﺤﺮ ﻓﻲ ﺫﻣﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ.

ﻭﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍلاﻧﺘﺤﺎﺭ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺠﺮﻡ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻻ ﻳﺠﺮﻡ ﺍﻟﺸﺮﻭﻉ ﻓﻴﻪ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎﺕ ﺫﻫﺒﺖ ﺇﻟى ﺗﺠﺮﻳﻤﻪ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﺎﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻹﻳﻄﺎﻟﻰ ﻭﺍﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻯ ﻭﺍﻟﺴﻮﻳﺴﺮﻯ ﻭﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻟوﻻﻳﺎﺕ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﻬندي ﻭﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻰ.

ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻨﺎ، ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺗﺠﺮﻳﻢ ﺍﻟﺸﺮﻭﻉ ﻓﻲ ﺍلاﻧﺘﺤﺎﺭ لأن ﺗﺠﺮﻳﻢ ﺍﻟﺸﺮﻭﻉ ﻓﻲ ﺍلاﻧﺘﺤﺎﺭ ﻳﺆﺩﻯ ﺇﻟى ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺳﻠﺒﻴﺔ ﻭﻏﻴﺮ ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ، ﺇﺫ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻨﺘﺤﺮ ﻳﻌﺎﻧﻰ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﺻﻌﺒﺔ ﻭﻇﺮﻭﻑ ﻗﺎﺳﻴﺔ ﺇﻟى ﺩﺭﺟﺔ أﻧﻪ ﻭﺻﻞ ﺑﻪ ﺗﻔﻜﻴﺮﻩ إلى أﻧﻪ ﻻ ﻣﻬﺮﺏ ﻣﻦ ﺣﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﻭﺍﻷﺯﻣﺎﺕ ﺇﻻ ﺑﺎلاﻧﺘﺤﺎﺭ ﻭﺗﺮﻙ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ.

ﻓﺈﺫﺍ ﻣﺎ ﺟﺮﻣﻨﺎ ﺍﻟﺸﺮﻭﻉ ﻭﺣﺎﻭﻟﻨﺎ ﻣﻌﺎﻗﺒﺔ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻓﻲ ﺍاﻧﺘﺤﺎﺭ، ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﻜﻮﻥ ﺃﺿﻔﻨﺎ ﺇﻟى ﻫﻤﻮﻣﻪ وﺁﻻﻣﻪ ﻫﻤﺎ ﻭﺃﻟﻤﺎ ﺟﺪﻳﺪﺍ، ﻗﺪ ﻳﺪﻓﻌﻪ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮى ﻓﻲ ﺍلاﻧﺘﺤﺎﺭ، أﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﺠﺮﻡ ﺍﻟﺸﺮﻭﻉ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﻗﺪ ﺗﺘﺤﺴﻦ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻓﻲ ﺍلاﻧﺘﺤﺎﺭ ﻭﻗﺪ ﻳﺘﺒﺪﻝ ﺍﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﻨﺸﻮﻯ ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﺋﺐ ﺑﺎﻟمسرات ﻓﺘﺘﻔﺘﺢ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﻭﺗﺨﻀﺮ، ﻭﻗﺪ ﻳﺪﻓﻌﻪ ﺫﻟﻚ ﺇﻟى ﺍﺳﺘﻐﻼﻝ ﻃﺎﻗﺎﺗﻪ ﻭﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺗﻪ ﻭﻟﺮﺑﻤﺎ ﺃﻓﺎﺩ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻧﺒﻮﻏﻪ ﻭﻗدﺭﺍﺗﻪ.