الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كواليس الانتخابات الألمانية!!


يراقب العالم الانتخابات الألمانية باهتمام لم يسبق له مثيل منذ وقت طويل حتى ساعات صباح الاثنين لمعرفة نتائج الانتخابات، وقد أعلنت لجنة الانتخابات التشريعية الألمانية حصول الاتحاد الاشتراكي المسيحي/الاتحاد المسيحي الديمقراطي الذي تقوده المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على 35.1%.

وأضافت اللجنة أن الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني حصل على 21.3 %من الأصوات.

بينما حصل حزب "البديل من أجل ألمانيا" على 11.5%، وحصل الحزب الديمقراطي الحر على 10.9% والحزب الأخضر 8.9%.

وفيما يتابع البعض ذلك بإعجاب وبحسد تشوبه أسئلة حول قدرة ألمانيا على قهر كل التحديات، يتخوف آخرون من تعاظم قوة ألمانيا في أوروبا مجددًا.

البعض يرى في المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل القلعة الأخيرة التي تقاوم انهيار الاتحاد الأوروبي، فيما ينتقد آخرون ألمانيا باعتبارها تسعى لفرض هيمنتها على القارة الأوروبية، ليس من أجل أوروبا ولكن لأجل مصالحها في أن تبقى على رأس قائمة المصدرين وللحفاظ على ديمومة معجزتها الاقتصادية.

تتنافس ستّة أحزاب كبيرة على منصب المستشار في ألمانيا، لكنّ حزبين فقط يحظيان بفرصة الفوز. المستشارة الحالية أنجيلا ميركل التي خدمت في هذا المنصب لاثنتي عشرة سنة وهي مطمئنّة مبدئيًّا لفوز مقبل. ترعرعت الأخيرة في ألمانيا الشرقية ونالت درجة الدكتوراة في الكيمياء الفيزيائيّة قبل أن تصبح أوّل امرأة تتبوّأ المنصب الأبرز في البلاد.. بالمقابل، تخرّج مارتن شولتز في المرحلة الدراسيّة الثانويّة آتيًا من عائلة تنتمي إلى الطبقة العاملة، وقد ناقش علنًا فترة صراعه ضدّ الإدمان على الكحول. وقبل مواجهته ميركل، ترأس شولتز البرلمان الأوروبي.

تَواجه المتنافسان الأساسيّان، أنجيلا ميركل والاشتراكيّ الديمقراطي مارتن شولتز، في مناظرة تليفزيونية واحدة لم تتح لهما مناقشة عدد من الملفّات الأساسية. وتستعد الأحزاب المتنافسة في ألمانيا إلى التعاون بعد الانتخابات عوضًا عن تعميق خلافاتها. وعلى الرغم من هدوء الحملة ستكون النتائج مهمة في تاريخ ألمانيا. فمنذ نهاية الحرب العالميّة الثانية واندحار النازيّة، لم يستطع أي حزب يمينيّ متطرّف أن يوصل ممثّلين عنه إلى المجلس التشريعي في ألمانيا. لكنّ ذلك سيتغيّر في الأيام القادمة بحسب الكثير من الترجيحات.

كيف ستؤثّر الانتخابات على واشنطن؟
الجدير بالذكر أنّ الانتخابات الألمانيّة ستؤثّر على الأمريكيين لأنّ ألمانيا هي أكبر الدول في الاتحاد الأوروبّيّ من حيث التعداد السكّانيّ إضافة إلى قوتها الاقتصاديّة الهائلة. ويتفق الحزبان الكبيران في ألمانيا على وجوب أن تقف برلين ضدّ العديد من سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خصوصًا حول التجارة والهجرة. وسيعزّز فوز ميركل موقفها في أي مفاوضات مع إدارة ترامب فيما سيوسّع الفوز غير المرجّح للاشتراكيين الديمقراطيين الخلاف العابر للأطلسي.

سيناريو التحالفات
بناءً على استطلاعات الرأي، هنالك عدّة تحالفات قد تتشكّل لاحقًا. ويفضّل الألمان استمرار "التحالف الكبير" بين الحزب الديمقراطي - المسيحي والحزب الاشتراكيّ - الديمقراطي، وهما أكبر حزبين شعبيّين في ألمانيا والأكثر ترجيحًا. لكن يمكن لميركل أن تدخل في تحالف مع الحزب الديمقراطي الحرّ أو حزب الخضر. الحزب الأوّل كان حليفًا لها بين عامي 2009 و2013 قبل أن يخرج من البرلمان على وقع اتّهامه بأنّه كان شريكًا ضعيفًا للمستشارة، أمّا حزب الخضر فخسر عددًا مهمًّا من المؤيّدين في الآونة الأخيرة.

هنالك احتمال بأن ينشأ تحالف من دون ميركل، بناء على قوة الحزب الديمقراطي الاجتماعيّ وفشل محتمل للمستشارة الحاليّة بإقناع أحزاب أخرى للدخول في الحكومة معها. ويمكن نظريًّا للحزب الديمقراطي الاجتماعي أن يقيم تحالفًا يساريًّا حكوميًّا مع حزب الخضر وحزب اليسار. لكن لم يتشجّع أحد على التحالف مع الحزب الأخير الذي يُعتبر سليل الحزب الشيوعي الذي حكم في ألمانيا الشرقيّة.

وتعتبر هذه الانتخابات مهمة في المشهد الانتخابي الألماني لأنها قد تقود إلى تمثيل ستة أحزاب في البرلمان الألماني وذلك لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية.

وقد حقق اليمين القومي المتطرف في ألمانيا أمس، الأحد، نتيجة تاريخية في الانتخابات التشريعية بفوزه بـ11.5% من أصوات الناخبين، لتقف برلين أمام نقطة مفصلية في تاريخها بعد الحرب العالمية الثانية.

ووعد حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني القومي المناهض للمهاجرين بألمانيا، بعدما حقق اختراقا تاريخيا في الانتخابات التشريعية التي جرت الأحد 25 سبتمبر، بتغيير ألمانيا.

جدير بالذكر أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" فشل عام 2013 في بلوغ عتبة الخمسة في المائة المطلوبة للفوز بمقاعد نيابية.

وتنبأت الاستطلاعات بأن "البديل من أجل ألمانيا" سيحصل على ما بين 60 و85 مقعدا، ما سيجعل منه أكبر قوة معارضة للتحالف الحاكم (في حال تمكنت ميركل من تشكيله).

يذكر أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" أعلن في مارس 2016 إدراج منع الحجاب في الجامعات والمؤسسات العامة ضمن برنامجه الانتخابي، وكذلك منع ختان الأطفال المسلمين واليهود.

وكثف اليمين القومي الألماني حملته ضد الهجرة والإسلام مع ارتفاع شعبيته في استطلاعات الرأي، ما أدى إلى ضغوط على حزب المستشارة أنجيلا ميركل.

كان الثنائي الذي يدير حملة حزب "البديل من أجل ألمانيا" ألكسندر جولاند وأليس ويدل، مؤتمرًا قد عقد مؤخرًا مؤتمرًا صحافيًا بعنوان "الهجرة الإسلامية والجريمة"، وهو الموضوع المفضل لدى هذا الحزب الذي يكتسب زخمًا كبيرًا منذ اتخاذ ميركل قرار فتح الحدود أمام نحو مليون من طالبي اللجوء عام 2015.

وتخللت حملته الانتخابية شعارات مثيرة للجدل، بدءا من الملصقات التي تظهر نساء على شاطئ البحر وكُتب عليها "البرقع؟ نفضل البيكيني"، وصولًا إلى صورة لمركب يحمل مهاجرين مع كلمات "منكوبون؟ بل موجة الإجرام القادمة".

كما استهدف الحزب ميركل، موجها إليها تهمة الخيانة وبتعريض أمن البلاد للخطر.

جدير بالذكر أن الأحزاب الكبيرة حاولت تشويه صورة "البديل من أجل ألمانيا" للحد من تقدمه، معتبرين أن البلاد التي عانت من النازية يجب أن تمنع وصول اليمين المتطرف إلى البرلمان.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط