هند العربي تكتب : "في حضرة سي السيد"... هل سيخطو البدوي خطى نعمان !!
لا ثوابت في السياسة ولا مواقف نهائية علي الساحة، دائما ما تظل الأمور خاضعة للتغيير والتقييم مع المستجدات، فمنذ الإعلان عن قرب موعد انتخابات الرئاسة للعام الجديد ونري وجوه تهل وتتطاير وتحل علينا أخري وتختفي بصرف النظر عن ماهية أسباب تلك التغيرات، فقد تعلمنا انتظار المفاجآت وترقب الجديد علي خريطة الصراع السياسى، وان كان من الذكاء عدم الانحياز لإتجاه بعينه حتي تتكشف الأمور بشكل واضح فقد اختلط الحابل بالنابل، ومؤخرا ترشح السيد البدوي، رئيس حزب الوفد لخوضه سباق الانتخابات الرئاسية حديث الساعة.
عدة مخاوف وجدلا كبيرا انتاب الوفديون داخل حزب الوفد بسبب الدفع بالمرشح سيد البدوي لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة رغم حصوله على تصريح من الهيئة الوطنية للانتخابات لخضوعه للكشف الطبي لخوض الانتخابات الرئاسية وهو ما اثار ضده العديد وعلي رأسهم الوفدين ذاتهم وانتقادات واسعة في دوائر عدة، خوفا من تكرار سيناريو معركة 2005، أو تشويه الحزب إعلاميا، خاصة أن البعض ربط بين ترشح السيد البدوي في هذا السباق، وبين ترشح الدكتور نعمان جمعة والذي شغل منصب رئيس الحزب لسنوات، وان كان من الغريب ان من ضمن هؤلاء الرافضين ممن أكدوا دعمهم للرئيس عبد الفتاح السيسي، وحسمهم لموقفهم تجاه الانتخابات القادمة مع التأكيد على بيانهم السابق بدعمه في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ولعلنا نتذكر أول انتخابات تعددية منذ ثورة 23 يوليو، وبعد تعديل مواد الدستور والتي بمقتضاها خاض الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك الانتخابات الرئاسية بمشاركة 9 آخرين، كان من بينهم نعمان جمعة، آنذاك والذي رشحه حزب الوفد لانتخابات الرئاسة الجمهورية، وحصل على المركز الثالث بنسبة أصوات حوالي 3%، وبعد الانتخابات وجدنا جمعة يثني علي مبارك ويصفه ببطل قومي ونسر من نسور مصر، وقال إنه تم إجباره على خوض الانتخابات من قبل الهيئة العليا لحزب الوفد، في خطة معداة ومؤامرة من قبل السيد البدوى، رئيس الوفد، للاستيلاء على الحزب.
ومن خلال المستجدات والتغيرات علي الساحة السياسية ونظرة متعمقة لمشهد الانتخابات الرئاسية فى مصر ما يكشف مدى تراجع قوة الأحزاب وإرادتها وطموحها السياسي، فبخلاف وجود بعض "الأحزاب الكرتونية" وغياب آخرين من التواجد في الشارع والتعبير عن المواطن المصري بشكل حقيقي، وصل الأمر إلى فشلهم في تقديم مرشحين حقيقين ينافسون علي إنتخابات تعددية قوية قد طالب بها الرئيس بنفسه، وخروج السيد البدوي ليفاجيء الجميع مشاركته في الإنتخابات، في الوقت ذاته الذي يعلن فيه الحزب عن تأييده للرئيس عبدالفتاح السيسي كمرشح قوي لا منافس له، الأمر الذي جعل الكثير يراها تمثيلية يقودها سي السيد لا مبررا لها خاصة أنه يمثل اعرق واقدم حزبا سياسيا في مصر بكونه رئيسا له...!!
وفي جولة سريعة حول تاريخ ومسيرة حزب الوفد مع السباقات الانتخابية الطويلة التي قضاها، تلك الحزب العريق الذي أسسه الزعيم الراحل سعد زغلول في عام 1918 بعد تأليف وفد مصري للدفاع عن قضية مصر في الخارج، وأول معركة انتخابية خاضها حزب الوفد، في تاريخه، كانت بعد إلغاء الأحكام العرفية، وإقرار دستور 1923، الذي يعد الأول الذي يتم تفعيله في تاريخ مصر الحديث، بعام واحد، وخاض أول انتخابات برلمانية في عام 1924، وفاز "الوفد" بالأغلبية وقتها بعد حصوله على 90% من أصوات الناخبين، و 195 مقعدًا في مجلس النواب ليسند له حق تشكيل الحكومة الذي ترأسها الزعيم سعد زغلول، أول رئيس وزراء ريفي، الذي ألقى خطاب العرش نيابة عن الملك فؤاد الأول، وعرض برنامج الوزارة الذي كان يهدف إلى التخلص من التحفظات الأربعة التي كانت تعوق الإستقلال التام لمصر والتي تمثلت في جلاء القوات البريطانية وتولي الحكومة شئون الأقليات والأجانب وحماية قناة السويس.
ثم جاءت الأيام ليترأس الدكتور السيد البدوي حزب الوفد منذ عام 2010، بعد فوزه الإنتخابات أمام محمود أباظة، ويعد ثالث الأحزاب تمثيلًا في مجلس النواب المصري المنتخب في عام 2015.
واخيرا ... أنا لست ضد ترشح السيد البدوي أو غيره، وأن كان هناك بعض التحفظات علي ترشحه من الكثيرين واولهم من أبناء حزبه، فنحن في حاجة ماسة الي وجود مرشحين حقيقين في انتخابات الرئاسة ايمانا منهم بالتعددية والمشاركة الشرعية في سباق ماراثوان الانتخابات الرئاسية، وهذا ما أكد عليه الرئيس ودعي إليه، وحزب "الوفد" كان ومازال شريكا مهما في أهم المواقف من تاريخ مصر، ومازالت المستجدات مستمرة !! غير ان الحزب او الفصيل السياسي الأقدر على فهم الأمور وتقييمها فى سياقها وفى أوقاتها المناسبة، هو الأكثر استجابة لفكرة الحياة السياسية وكونها آلية لتنظيم القوى الاجتماعية والسياسية المتنوعة فى المجتمع، ودمجها فى معادلة صراع سلمى من أجل قيادة قاطرة الوطن للأمام.