في بدايات الأربعينات من القرن الماضي بدأت عمليات التنقيب تنتشر بشكل كبير بين كبار رجال الدولة والباشوات في الجبال وخاصة البحر الأحمر، أملًا في الحصول على ما في باطن الأرض من معادن، الأمر فقط كان معتمدًا على قدرة الباشا أو المسؤول في الحصول على موافقة شفهية من القصر ثم تبدأ العمليات.
وبمجرد الحصول على موافقة يبدأ أحدهم في استقطاب أحد الخبراء الأجانب ممن لديهم خبرة في التنقيب لمعاينة المنطقة الواقعة في صحراء النوبة الشرقية، ثم بعد جث الأرض واكتشاف ما فيه تبدأ عمليات التنقيب، والتي يسبقها بناء مدينة صغيرة للعمال القادمين من الخارج، ومن محافظات مصر ونجارين وبنائين وحفارين وغيرهم.
ولسنوات طويلة ظل الجبل حكرًا على أبناء الباشوات وبعضهم صنع من وراءه ثروة كبيرة وهو ما وثقة الكاتب صبري موسى في روايته الحائزة على جائزة الدولة "فساد الأمكنة" تحدث خلالها عن عمليات التنقيب والزيارات البسيطة التي قام بها الملك فاروق وكيف نجح العديد من رجال الدولة في تحقيق ثروة كبيرة.
أما منجم السكري فيقع في منطقة جبل السكري الواقعة في صحراء النوبة بالصحراء الشرقية، 30 كم جنوبي مرسى علم بمحافظةالبحر الأحمر المصرية، وهو مرشح لأن يحتل مرتبة بين أكبر ١٠ مناجم ذهب على مستوى العالم، تستغلّه «شركة السكري» وهي شركة مشتركة ما بين هيئة الثروة المعدنية ، ووزارة البترول والثروة المعدنية المصرية، و«سنتامين مصر» الّتي يملكها رجل أعمال مصري ومركز الشركة أستراليا، بعدما استحوذت عليه من الشركة المستغلّة سابقًا «الشركة الفرعونية لمناجم الذهب».
ويعتبر منجم مصر الأوّل للذهب في العصر الحديث، وأنتجت أوّل سبيكة تجريبيّة منه في عام ٢٠٠٩، وبدأ الإنتاج في ذلك العام بمعدّل ٣٠ ألف أونصة في السنة، وكان حينها قد تمّ حفر ١.٦٠٠ حفرة إلى قلب التراكم البالغة كمّيّته ١٢ مليون أونصة. وازداد الإنتاج خلال عام ٢٠١٠ إلى ٢٠٠ ألف أونصة في السنة بصورة منتظمة.
وظل منجم السكري نهبًا للباشوات ورجال الدولة، إلا أن قرر الملك فاروق إغلاق المنجم ومنع الحفر بعد انتشار ذلك وبدء عدد كبير جدًا من الباشوات الحفر في الصحراء ونهب خيراتها من معادن وهو ما كان مرفوض في ذلك الوقت وتداولت المسؤولين في الدولة أن الملك فاروق قال "يجب غلقه حفاظًا على ثروات الأجيال القادمة".
ووفقًا لهيئة الثروة المعدنية، فإن الأسباب الحقيقية لإغلاق المنجم وقتها إن إنتاج أوقية الذهب في هذا الوقت كانت تتجاوز ثمن بيعها، وهو ما أجبر الشركات صاحبة الامتياز على التوقف عن الإنتاج كما كانت هناك مجموعة من مناجم الذهب، وليس منجم السكري فقط، وجميعها توقف في فترة الخمسينيات، بعد أن كانت تعمل بصفة دورية، لعدم وجود اقتصاديات تشغيلها في هذه الفترة.