الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

يوم المرأة العالمي


حبا الله النساء صفات لصيقة بهن، لا تقترن إلا بشخصياتهن وحدهن، غير قابلة للمشاركةِ أو المناصفةِ مع شريكها البيولوجي في هذا الكوكب، بعض تلك الصفات باطن "التكريم" كالأمومة، وبعضها الآخر ينطوي على "التحريم" كالدلال!

فلا شك ولا تشكيك بأن الله كرّم النساء واختصهن بوظيفة الإنجاب، وتوّج رؤوسهن بالأمومة لتتسيد المرأة العالم بلا منازِع، فهي نصف الدنيا الذي يهب الحياة لنصفها الآخر، فمصير أولاد آدم بينَ المهدِ واللحد، مرهون بما تقدمه حواء الأم من تضحيات، وما تبذله من مجهودات، وقدرتها على صنع معجزات تقهر المُعجِزات!

فالأم هي ثُلثا الأمل الداني والأمن الدائم والأُمَّة المستقرة والأمس الدافئ والأمرِ بالحَسَن!

خَمْسَة عوامل هي كل ما يحتاجه الإنسان ليستوي على چودي الحياة، تأمل الكلمات الخمس فستجد أن لفظة "أم" هي الأصل وما يزيد عليها من حروف، مجرد رتوش!

ولا يخفي على سائلٍ عن حال المرأة في بعضِ المسائل، التي قرر مجتمعها أن يدللها بطريقته الخاصة، فيحرمها ليكرمها، يمنعها ليدللها، يسلِب حقها ليتوجها، ويا له من تتويج تدفع فيه المرأة الغالي والنفيس من حريتها وحياتها!

وخير دليل على ذَلِك ما أعلنه مركز "ستارش" للأبحاث البريطانية بأن المرأة السعودية تحتل المركز الأول في "الدلال" لأنها لا تعمل ولا تقود، ولا تتعرض للشمس والعوامل الجوية التي مِن شأنها أن تؤثر في جمالها!

ولا أدري كيف لمقياس الدلال أن يخلو من مؤشر السعادة، فما قدر الراحة والرضا المصاحبين لهذا الدلال، على أرض الواقع هذا الدلال خالي الوفاض إلا من الصبر عليه، لعل الله يُحدِثُ بعد ذَلِك أمرًا!

وحدث الأمر وها هي المرأة السعودية تخلع تاج الدلال، بعد مطالبات واحتجاجات دامت على مدى ربع قرن، في السريرة كثيرًا وفِي العلن قليلًا خشية مِن رحا التقاليد العتيقة المتمسحة في ثياب الدين الرفيعة، ستحصل على رخصة القيادة مساواةً بنساءِ العالم، حيث إن المملكة العربية السعودية كانت الدولة الوحيدة في العالم التي لا تستخرج رخص قيادة للنساء بالرغم من عدم وجود قانون صريح ينص على عدم قيادة النساء!

حق للمرأة أُريد به حق للدولة! عندما وضعت الدولة السعودية رؤية 2030 أيقنت أنها لن تُحقق ذلك دونَ مشاركة المجتمع كله، فالبطالة بين النساء السعوديات تصِل إلى 80٪‏ والمرأة تمثل نصف المجتمع السعودي في التعداد، إذًا فنصف مجتمع لن يحقق الرؤية ويصِل للأهداف المرجوة، وبما أن أحد الأسباب الأساسية لعدم خروج المرأة للعمل هو كيفية ذهابها لهذا العمل!

لذا وجب إرجاع الحق لأهله، ليعود بالخير على أَهْلِ أهلِه!

وتستمر مسيرة المرأة السعودية لتحطيم صخور الموروثات الاجتماعية، وتوابيت القوانين العُرفية، فتسلقت جبل إيڤرست ودخلت بطولات الملاكمة وتولت مناصب عُليا في الشركات الكُبري وأُدرِج أسمها في قوائم المحامين وهو أمر لم يَكُن من دروب المُممكن قبلْ عام 2013، سُمِحَ لها بحضور المباريات وأقيمت لأجلها الحفلات، طالبت بالخُلع واحتلت الصفوف الأولى لأول مرة في كلية أمن المعلومات بالإضافة لحصولها على 140 وظيفة في وزارة الداخلية مصحوبة برتبة أمنية، اقتحمت عالم تصميم الأزياء والتصمِيم السياسي، فأصبحت تمثِّل ثلث مجلس الشورى بل ووصلت لنائب وزير.

والبقية تأتي، فهذا أول الغيث وإن كان نهرًا! وفِي يوم المرأة العالمي يجب أن يكون نموذج المرأة السعودية منارًا، تهتدي به نساء العالم في الإصرار والمثابرة، وشهادة حق تأخذ بها حكومات الدول أن قاطرة التنمية لن تبرح مكانها دون مساهمات النساء، فالدلال الحقيقي للمرأة يوم أن تتزين بتاج حريتها الذي سيحرر مجتمعها ككل.

بدأ الاحتفال بيوم المرأة لأول مرة في عام 1909 وبعد ما يقارب المائة عام أعلنت السعودية عن أن الثالث من مارس هو يوم المرأة السعودية، وهذا العام في المرة الثانية للاحتفال به حصدت المرأة تكريمات تدُل صدق نوايا الدولة في دعمها، وأن الالتفات لحقوقها لم يكن نوعًا من غسيل الوجه الحضاري أمام دول العالم ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، فتكريم شاعرة ومغنية وممثلة ومصورة رياضية وفنانة تشكيلية وغيرهن من المبدعات، اعتراف بأن الأيدي الناعمة لا تصنع حضارات إنما القوى الناعمة ستسطر النهضات، رؤية متنورة لولي عهد يبشر بالكثير ويبدو أننا على موعد قريب لتولي المرأة السعودية منصب الوزير، سيذكر التاريخ للملك سلمان الأب ولولده محمد أنهم نفذوا وصية الرسول الكريم وكانوا الأكثر رِفقًا بالقوارير.

تحية لكل امرأة على كوكب الأرض، كرّمها الله بنون النسوة والتاء المربوطة لتعمِر وتنشر رسالة العطاء والسلام في تِلْك الأرض، كل عام وكل نساء العالم طيبات.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط