الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الرقابة على المُصدرين


هل شاهدتم يومًا ما سيارة بدون سائق تصدم سيارة أخرى بدون سائق ؟ بكل تأكيد لأ , فلا توجد سيارة يمكن أن تتسبب فى حادث ما إلا إذا كان يقودها شخص ما , ولذا عندما تحدث حادثة على الطريق يتم فحص حالة رخصة السيارة ورخصة سائق السيارة , لأنه من المحتمل أن يكون السبب سائق السيارة أو السيارة نفسها وأحيانًا تكون المشكلة فى السيارة والسائق معًا.

نفس الحال ينطبق على السلع المصرية التى يتم تصديرها للخارج , فلا توجد سلعة تتسبب فى مشكلة دون أن يكون هناك منتُج ومُصدر لها , فالسلع لا تتحرك من تلقاء نفسها , وعندما تحدث مشكلة لسلعة مصرية بالخارج تهرول الحكومة لتشديد إجراءات الفحص على السلع فقط دون قائد حركة السلعة وهو المنُتج أو المُصدر , فتفحص وتراقب باقى السلع من نفس النوعية دون من قام بتصديرها , وكأن السلع تتحرك بمفردها وتفكر بعقلها وترتكب المخالفات بنفسها.

ومع كل مشكلة تجد حزمة من القوانين تهبط من أعلى كى تعقد الأمور وتشدد القيود على السلع الصماء , متخيلين أنه كلما زادت القوانين وزادت التعقيدات زادت جودة المنتجات التى يتم تصديرها , وهو شيء ثبت فشله فى الماضى وسيفشل فى الحاضر ما لم يتم فرض رقابة حقيقية على كل أطراف العملية التصديرية , وأهم طرف فيها هو المُصدر نفسه , فهو حجر الزاوية فى العملية التصديرية.

فالمُصدر الجاهل أو سيئ النية هو المتسبب الحقيقى لكل مشاكل الصادرات المصرية , فلم تخرج سلعة رديئة ومسيئة للخارج إلا عن طريق مُصدر أكثر سوءًا , سواء كان هذا السوء ناتج عن جهل وحسن نية أو عن عمد وسوء نية.

لذا فإن الف باء زيادة الصادرات المصرية هو الرقابة الفعالة على من يصُدر السلع المصرية , رقابة تضمن تنقية السوق من الجهلاء والنصابين والكذابين من أدعياء العمل فى مجال التصدير فى داخل مصر , رقابة سابقة على أى عملية تصدير ولاحقة على التصدير للخارج , هذا فى داخل مصر.

أما فى خارج مصر فيجب أن يتم تفعيل مكاتب التمثيل التجارى كى تتابع السلع المصرية بصفة يومية فى كل الأسواق الدولية , ومراقبة كل المصدرين المصريين فى الخارج , رقابة تجارية بحتة بعيدًا عن أى ميول أو اتجاهات أو أغراض سياسية , ومخاطبة المجالس التصديرية بأى تجاوز من أى مُصدر بالخارج , كى يتم أتخاذ أجراء رادع تجاهه , فمن يسيء الى سمعة شخص واحد يتم حبسه فما بالك بمن يسئ الى سمعة دولة أو يتسبب فى خسارة آلاف المنتجين المصريين.

ونقطة أخرى لا تقل أهمية عن تصدير سلع غير مطابقة للمواصفات , وهى نقطة حرق الأسعار فى الخارج , فالمُصدر الذى يبيع سلعة مصرية بأقل من سعر التكلفة أو سعرها السوقى لأى سبب مهما كان يتسبب فى خسارة فادحة لكل المصدرين الذين يصدرون نفس السلعة, فلا يوجد شيء أسمه (بضاعتى وانا حر فيها ) فالحرية تنتهى عند حدود الآخرين, والسلعة التى يتم بيعها بأقل من سعر التكلفة تؤدى إلى خسائر فادحة لعموم مُصدرى هذه السلعة, وبالتالى خسائر كارثية لجميع المنتجين , وذلك بسبب عمليات التصدير الغير منضبطة.

ومن هنا أتمنى أن يتم البدء فورًا فى مراجعة أوضاع كل من يعمل فى مجال التصدير فى مصر , مراجعة دقيقة وبخاصة بعض سماسرة هذا القطاع وما أكثرهم , وفرض رقابة صارمة على أسعار بيع السلع المصرية فى الخارج من خلال مكاتب التمثيل التجارى وموافاة الأجهزة المختصة بأى تجاوزات بصورة فورية لاتخاذ إجراءات رادعة ضد من يتسبب فى الإساءة إلى سمعة أى سلعة مصرية بالخارج, سواء كان بعرض سلع رديئة أو بيع سلع بأقل من أسعارها الطبيعية , فما أحوجنا لكل دولار يدخل خزينة مصر من صادرات منتجات مصر.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط