الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كازاخستان.. الدولة التي زارها الرئيس (1)


لأن مسؤولية الإعلام هي التوعية، فلزامًا أن يأخذ المبادرة، وأن يكون جسرًا يحمل الجمهور إلى المعلومة، ويقودهم لما فيه الصالح العام.

أثناء زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى كازاخستان في فبراير 2016، دعيت للتعليق على الزيارة بقناة النيل الدولية، وأشرت إلى ضرورة أن يلتقط الإعلام مبادرة الرئيس ويسعى للتعريف بكازاخستان التي اختارها السيسي لتكون أول دولة يزورها في آسيا؛ بل طالبته بما هو أكثر، وهو أن يبادر بالتعريف بدول آسيا وخاصة آسيا الوسطى في ظل حرص القيادة المصرية على التوجه شرقًا " look east".

ومن هنا تأتي سلسلة مقالاتنا عن آسيا وستكون البداية مع كازاخستان الدولة التي زارها الرئيس.

لم يأت اختيار الرئيس لكازاخستان كي تكون نقطة انطلاقه في آسيا عبثًا؛ بل وفق ما تتمتع به الجمهورية الآسيوية من قدرات وثروات ولما لمصر معها من تاريخ كبير قديم وحديث مشترك.

فهي بلد عابر للقارات، تقع بشكل رئيسي في شمال آسيا الوسطى وجزئيًا في أوروبا الشرقية، وكانت جزءًا من الإمبراطورية الروسية ثم الاتحاد السوفيتي.. استقلت عام 1991، وتتبنى نظام الحكم الرئاسي، ويرأسها نور سلطان نزار باييف، وبصفته رئيسًا للدولة يتولى الإشراف أيضًا على الحكومة.

تمكنت كازاخستان من صنع معجزة اقتصادية بفضل قيادتها التي تمكنت عام 1997 من وضع استراتيجية تنموية تضعها في مصاف الدول المتقدمة على كل المستويات وتطورت هذه الاستراتيجية في 2014 لتضع رؤية للدولة الناهضة عام 2050، والتي سنتحدث عنها في مقالات لاحقة.

فقد بدأت كازاخستان منذ استقلالها بإنجاز التحديث الأول وهو الإصلاح السياسي، ثم التحديث الثاني والخاص بالقطاع الاقتصادي، وفي 12 أبريل 2017، ألقي رئيس كازاخستان، نور سلطان نزار باييف، خطابًا حدد فيه عناصر التحديث الثالث والمتعلق بتحديث الوعي الاجتماعي، وكل ذلك مرتبط بتنفيذ الاستراتيجية الكبرى سالفة الذكر.

ولأن الاقتصاد كان ولا يزال وسيظل هو قاعدة انطلاق أي دولة نحو الرفاهية، فليكن هو البداية في حديثنا عن.. لماذا كازاخستان؟

تعتبر كازاخستان من الدول الرائدة إقليميًا في مجال الإصلاح الاقتصادي، والانفتاح على التجارة الدولية وجذب الاستثمارات الأجنبية، وذلك بفضل استقرارها السياسي والأمني، ولذلك تعد كازاخستان المتلقي الرئيسي للاستثمارات الأجنبية من بين دول الاتحاد السوفيتي السابق، حيث تجاوز إجمالي حجم الاستثمارات الأجنبية بها الـ 250 مليار دولار منذ عام 1990 وحتى الآن.

ولتنفيذ الاستراتيجية الطموحة والتحديث الثالث للدولة كان لا بد من المضي في التقدم الاقتصادي واستمرار جذب الاستثمارات الأجنبية في القطاعات الجديدة وأهمها السياحة والابتكار والنقل، حيث قامت حكومة كازاخستان بعدة تعديلات في سياساتها الداخلية تماشيا مع الظروف الخارجية والداخلية المستحدثة بفعل التغيرات على الساحة الإقليمية والدولية بغرض تحقيق أهداف تنميتها المستدامة. 

وبإدراك القائد الملهم أعلن نور سلطان نازار باييف عن إصلاحات واسعة جاء في مقدمتها القضاء على الفساد، حيث لن يكتب لهذه الرؤية الطموحة التحقق دون محاربة الفساد، ولن يتأتى هذا إلا بحكومة منفتحة وشفافة تخضع للمساءلة، ولذا تم إصدار قانون المعلومات وأنشئت منصة إلكترونية مفتوحة للحكومة والتي تمكن كل مواطن من معرفة نفقات الموازنة العامة وميزانيات المؤسسات الحكومية، والمشاركة في مناقشة مسودات القانون، والحصول على الاستشارات وتقديم الشكاوى عبر الإنترنت، فضلًا عن تقييم فعالية السلطات الحكومية دون أن يغادر المواطن منزله. وتعمل الحكومة حاليًا على تعزيز أداء البوابات المذكورة وتحسين أدائها وفقًا لتقييمات المواطنين.

وتستند تفاعلات الحكومة مع المواطنين اليوم إلى مبادئ الانحياز إلى العملاء والشفافية وإمكانية الحصول على الخدمات دون عوائق، حيث تقدم حاليًا 47% من الخدمات إلكترونيًا، حيث يتم إصدار جميع التراخيص والتصاريح لرجال الأعمال إلكترونيًا، وكذلك يتم تقديم 24% من الخدمات وفقا لنظام الشباك الواحد. وسمحت هذه التدابير بخفض مستوى الفساد اليومي في المعاملات الحكومية بمقدار الثلثين. 

وفي السنوات القليلة القادمة تخطط الحكومة الكازاخية لتكون 80% من الخدمات العامة إلكترونيًا وسيتم تقديم بقية الخدمات من خلال نظام الشباك الواحد.
 
بفضل هذه الإجراءات، تحتل كازاخستان مرتبة رفيعة في مؤشر التنمية الحكومية الإلكترونية بين بلدان آسيا، كما استطاعت أن تحتل المركز الثالث والثلاثين من بين 174 دولة وفقًا لمؤشر الأمم المتحدة.

وبعد اعتماد قانون المجالس العامة، أصبح رؤساء الهيئات الحكومية مسئولين أمام المواطنين وعليهم أن يقدموا تقارير علنية، فيعمل أكثر من 200 مجلس عام على أساس منتظم، ويجب على كل مؤسسة حكومية أن تقدم مسودات التشريعات للمناقشة المجتمعية قبل عرضها على مجلس النواب، وتتمثل المرحلة التالية من تحديث كازاخستان في إعادة توزيع السلطات. 

بفضل ذلك، تم نقل 35 سلطة من رئيس الدولة إلى البرلمان والحكومة مما يعزز دور البرلمان واستقلالية الحكومة، فعلى سبيل المثال لن تعتمد الميزانيات المحلية إلا بعد مناقشتها مع الجمهور مع مراعاة احتياجات ومصالح المواطنين في كل منطقة.

أما الإصلاح القضائي فسيكون بداية انطلاقة مقالتنا المقبلة..
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط