الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

«حزب دعم مصر.. السهل الممتنع»..300 مستقل يمثلون قوامه حال تعنت الأحزاب ..أيديولوجيته «يمين وسط»..و تخوفات من سيطرة رأس المال على الكيان المحتمل

ائتلاف دعم مصر -
ائتلاف دعم مصر - أرشيفية

بكل بساطة، لا يمكن طرح مسألة تحول ائتلاف "دعم مصر" لحزب سياسي ، بعيدا عن المشهد العام للحياة الحزبية والسياسية في مصر ، لأن هذا القرار بأي حال من الاحوال لن يكون منفصلا سواء في اتخاذه أو تنفيذه عن الوضع الراهن للأحزاب.

المشهد العام :

المشهد العام يقول إننا أمام حياة حزبية هشة، وفراغ سياسي فلدينا عدد يفوق الـ100 من الاحزاب لا يكاد يكون فاعلا منها سوى 3 أحزاب كبرى هي مستقبل وطن ، "المصريين الأحرار"، و يحاول حزب الوفد الوقوف على قدميه مؤخرا بعد إجراء انتخابات داخلية نجح فيها المستشار بهاء أبو شقة في تولي منصب رئيس الحزب .

الانتخابات الرئاسية ، كشفت تماما الحالة المتردية للأحزاب المصرية ، وكيف أن أيا منها لم يستطع تقديم منافسا قويا للرئيس ، بل إنها ربما لن تستطيع أن تفعل ذلك ايضا بعد 4 سنوات من الآن في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

من هنا بدأ النقاش يدور في الساحة السياسية حول الحاجة لأحزاب قوية، وخصوصا بعد تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي عن ضرورة دمج العدد الكبير للأحزاب الغير فاعلة في حزبين أو ثلاثة أقوياء .

صراع البقاء:

على الخلفية السابقة، و في صمت بدأ التنافس والشد والجذب يدور بين الأحزاب سواء على قيادة المشهد أو حتى على البقاء .

وبالتالي مهمة "دعم مصر" أصبحت أكثر تعقيدا ، فهو الآن مطالب بإقناع مجموعة من الأحزاب بالتخلي عن كياناتها تماما والاندماج في الحزب الوليد .

ويضم الائتلاف 7 أحزاب هي مستقبل وطن و حماة الوطن، ومصر بلدى، والمؤتمر، والشعب الجمهورى،الحرية، ومصر الحديثة.

وتمسكًا بالبقاء أعلن حزبي المؤتمر وحماة الوطن ، رفضهما الدخول تحت راية الحزب الجديد، فيما لم يحدد الشعب الجمهوري ومصر الحديثة موقفها، ويميل الحرية للاندماج مع الائتلاف .

"مستقبل وطن ينافس على الصدارة":

وعلى الرغم من أن حزب مستقبل وطن، احد أكبر الأحزاب داخل الائتلاف ، إلا أنه قد ينسلخ عنه تماما حال تحول الائتلاف لحزب، حيث أعلن أشرف رشاد رئيس مستقبل وطن صاحب الـ 52 نائبا ، في أكثر من مناسبه رفضه التام لاندماج حزبه ضمن حزب دعم مصر الجديد ، مؤكدا أن حزبه له كيانه الذي لن يضحي به تحت أي ظرف .

بل وفيما قد يعد منافسة لـ "دعم مصر " على القيادة سعى "مستقبل وطن" لعقد اندماجاته الخاصة ، حيث أعلن رسميا عن التحضير لاندماج مع جمعية من أجل مصر والتي تضم عدد من النواب بالبرلمان ، وربما يندمج ايضا مع بعض الحركات الشبابية المتواجدة على الساحة التي تتفق مع نفس أهدافه .

مصادر من داخل البرلمان ، قالت أن النواب يفاضلون الآن ، ما بين الانضمام لحزب " مستقبل وطن + جمعية من أجل مصر "، وبين الانضام لحزب "دعم مصر" الجديد.

وأشارت إلى أن عدد ليس قليل من النواب فضلوا الانضمام للتحالف الموجود بالفعل، بدلا من انتظار الحزب الجديد .

شق الصف :

إدراك الائتلاف لخطورة هذه الأزمة، التي قد لا تقضي فقط على حلم حزبه الكبير بل قد تطيح أيضا بأغلبيته في البرلمان نتيجة لشق صف أحزابه دفعته لتشكيل لجنة هدفها التواصل مع كل النواب سواء الأحزاب المنضمة للائتلاف أوالنواب المستقلين للوصول للتفاهم بشأن إنشاء حزب باسم دعم مصر.

المستقلون مخرج محتمل :

هل يلجأ دعم مصر للمستقلين في تشكيل حزبه ، حال رفض الأحزاب الاندماج به ..

يمثل المستقلون أغلبية في البرلمان ، وأغلبية أيضا في ائتلاف دعم مصدر ، حيث يقدر عدد النواب الحزبيين في الائتلاف بـ 104 نواب فقط ، من بين 400 نائب تقريبا يمثلون عدد أعضاء الائتلاف ، وبالتالي حتى لو شكل الائتلاف حزبه من النواب المستقلين فقط لن يخسر كثيرا .

بل إن قيادات الائتلاف أيضا أغلبهم من المستقلين ، على رأسهم " محمد السويدي رئيس الائتلاف ، و طاهر أبو زيد ، وحسين عيسى وعمرو غلاب ".

كما أن تصريحات محمد السويدي رئيس الائتلاف الأخيرة بشأن تشكيل الحزب تفتح الباب أمام هذا الاحتمال .

يقول السويدي : " 75% من أعضاء مجلس النواب مستقلين ولابد وأن يكون هناك كيان حزبى يتم التوافق فيه والعمل من خلاله والتعاون مع باقى الأحزاب، خاصة أن كل الأحزاب محترمة والتنوع يجود لصالح الوطن والمواطن".

النائبة مارجريت عازر أيضا ، عضو المكتب السياسي للائتلاف ، قالت لـ "صدى البلد"، ردا على إمكانية تشكيل الائتلاف من المستقلين : " لم لا خاصة أن القوام الأكبر للائتلاف من المستقلين ولازلنا ندرس كل ما يتعلق بالموقف السياسي والقانوني للحزب".

في إشارة أخرى على أن الائتلاف ربما يكون فقد الأمل في إذعان أحزابه لفكرة الحزب الكبير ، يبدو أنه حاول استقطاب نواب الأحزاب للإنضمام إليه ، حتى وإن لم تكن دعوته لأحزاب البرلمان بالاندماج معه مقبولة من جانبهم .

وهو ما حدث مؤخرا بعد اعلان الائتلاف عن انضمام 30 نائبا لصفوفه بينهم 10 نواب من الاحزاب كالتالي: " المصريين الاحرار "5 " نواب، والوفد "3 نواب" ومستقبل وطن "2" والمصري الديمقراطي "1"".

الموقف القانوني :


هل تقف اللائحة الداخلية للبرلمان عائقا أمام تحول الائتلاف لحزب ؟

الإجابة ، قولا واحد : " لا ، لأن الائتلاف باعتباره صاحب الاغلبية في البرلمان يمكنه تعديل هذه المادة ".

النائب صلاح حسب الله ، سبق أن قال في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، إن مادة 6 بالائحة الداخلية للبرلمان ليست عقبة أمام التحول لحزب موضحا ان الائتلاف لديه أكثر من مخرج قانوني لهذه المادة " .

تنص المادة علي أنه يُشترط لاستمرار عضوية أعضاء مجلس النواب أن يظلوا محتفظين بالصفة التى تم انتخابهم على أساسها، فإذا فقد أحدهم هذه الصفة، أو إذا غَيَّر العضو انتماءه الحزبى المنتخب عنه أو أصبح مستقلًا، أو صار المستقل حزبيًا؛ تسقط عنه العضوية بقرار من مجلس النواب بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس، وفي جميع الأحوال لا تسقط عضوية المرأة إلا إذا غيرت انتماءها الحزبي أو المستقل الذي انتخبت علي أساسه.

وشكل الائتلاف لجنة قانونية تضم عدد من الخبرات، لبحث مخرج من المادة 6 .

ويبحث الائتلاف تعديل هذه المادة من اللائحة الداخلية لمجلس النواب لتسهيل انضمام النواب للائتلاف عقب تحوله لحزب.

ومن جهة أخرى حال التصويت على إسقاط عضوية نائب لتغييره الصفة الحزبية المنتخب على أساسها يستلزم ذلك تصويت ثلثي أعضاء المجلس ، أي ان دعم مصر يمكنه رفض إسقاط العضوية .

الأيديولوجية : 

حال نجاح الائتلاف في التحول لحزب سياسي ، عليه ان يحدد أجندته وهويته السياسية والاقتصادية والاجتماعية .

النائب محمد ابو حامد ، القيادي بالائتلاف ، قال في تصريحات لـ "صدى البلد" ، إن مواقف الإئتلاف السابقة تؤكد انه سيكون حزب يمين وسط ، واقتصاد سوق اجتماعي ، يشجع اقتصاديات السوق مع التشديد على الحماية الاجتماعية ، و يميل نحو الليبرالية المحافظة .

واكد أبو حامد انه سيتم تحديد هذه التفاصيل بناء على عدة اجتماعات ونقاشات لحسم التوجه الفكري ، والأيديولوجي للحزب.

ولفت إلى أن هذه هي الأيديولوجية التي يتوقعها ، بناء على مواقف الائتلاف ، مؤكدا أنه سيحدد موقفه من الاستمرار في حزب الائتلاف من عدمه بناء على هذه الأيدلوجية .

مستقبل "دعم مصر " :

هل ينجح "دعم مصر" فيما فشل فيه غيره من الأحزاب، كالاستمرارية والتأثير في الشارع وإحداث الحراك السياسي ، وربما الوصول للسلطة ..

مراقبون شككوا في إمكانية نجاح الائتلاف البرلماني في خطته للتحول لحزب سياسي ، لافتين إلى أن عمر الائتلاف القصير حافل بالكثير من الخلافات سواء بسبب مناصبه القيادية ، وخلافات الترشح على اللجان ، او الخلافات في الرأي.

المحلل السياسي أكرم الفي ، قال في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، الائتلاف سيفشل لأنه يعاني من غياب القيادة السياسية منذ رحيل اللواء سامح سيف اليزل ولديه نقص في الكوادر .

وأشار إلى أن الائتلاف يفتقد أيضا لمقومات الحزب الناجح كالبرنامج ، والبعد السياسي والتنظيمي والقواعد الشعبية ، لافتا إلى أن بناء ذلك لن يكون سهلا .

حزب وطني :


منذ نشأة الائتلاف ، بدأت التخوفات من تحوله لحزب وطني جديد يعمل لمصالح رجال الأعمال و ينفرد بمقادير الحكم والحياة السياسية ، والآن توسعت تلك التخوفات والشكوك بعد إعلان الائتلاف عن تحوله لحزب .

يأتي ذلك في الوقت الذي حرصت فيه قيادات الائتلاف ، وعلى رأسهم السويدي على نفي تلك الشكوك ، قائلا : "هناك ما يثار حول أن تحول دعم مصر لحزب سياسى بمثابة حزب وطنى جديد، لكن لا أحد فى الدنيا يكرر تجربة سابقة ويتوقع نتيجة مختلفة، فمن المؤكد أن تحصل على نفس النتيجة، وهناك مثال يقول إن الإصلاح السياسى بدون إصلاح اقتصادى كشجرة بدون بذور، والإصلاح السياسى بدون إصلاح اقتصادى كشجرة بدون جذور، فالاثنان لا يختلفان عن بعضهما، بمعنى أنه لا بد من أن يكون الإصلاح السياسى قويا حتى يتحمل المواطن أى تغيرات سياسية واقتصادية".

وبالتأكيد الأيام المقبلة ستثبت مدى التشابه بين حزب دعم مصر الجديد والحزب الوطني.

لا ضمانات :

من جهته يرى أبو حامد ، إن دعم مصر يختلف عن الاحزاب المتواجدة حاليا في أنه سيكون لديه نوابه المتواجدون بالفعل داخل البرلمان، وكلما كان عدد هؤلاء النواب أكثر كلما كان الائتلاف أوسع وأكثر انتشارا على مستوى الجمهورية.

وتابع : "سيزداد تأثير الحزب وفقا لعدد النواب الذين سيقرروا البقاء فيه والذين سيحققون التواصل مع قواعدهم في الدوائر".

وأشار إلى أن نجاح الحزب سيحدد بقدرته على التواصل والمشاركة الفعلية وتخريج كوادر تتحمل المسئولية ، قائلا : " هناك أحزاب كثيرة خرجت بضجيج اعلامي ولم تكمل المسيرة وأحزاب خرجت بشكل هادئ وأصبحت متواجدة بشكل كبير لذلك لا ضمانات والعمل على أرض الواقع هو من يحدد مستقبل الائتلاف ".