الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فعلتها .. نادين لبكي


"السينما لم تكن فقط للتسلية ولكن لقول ما لا يمكننا قوله، لا يمكن أن ندير ظهرنا ونظل صامتين أمام عذابات هؤلاء الأطفال! لا أعلم ما هو الحل...".

هكذا تحدثت المخرجة نادين لبكي عقب فوزها بجائزة لجنة التحكيم الخاصة لمهرجان كان، بالطبع كلماتها عميقة وتستحق منا تحليل كثير، ما لبثنا أن انتهينا من فيلم القضية 23 وقضيته الاجتماعية الحساسة، لنعود مجددا مع لبنان وملف جديد يمثل "مشكلة" كبيرة حيث اختارت نادين الطفولة المعذبة وربطتها بمأساة هذا العصر اللاجئين السوريين نحو مليوني لاجئ نزحوا فجأة وبدون مقدمات من دولة الجوار سوريا لبلد صغير مزدحم وفيه ما يكفيه من مشكلات سياسية وطائفية لا تنتهي، نزحوا بمشكلاتهم الإجتماعية إلى جانب العمالة الأجنبية من افريقيا وآسيا بمشكلاتها أيضا التي لا تنتهي! 

وسائل الإعلام اللبنانية قالت إن فيلم نادين جعل المشكلات "تدحرج" جميعها فجأة فوق الرؤوس بعد فتحه لأكثر من ملف بجرأة تحسب للمخرجة الموهوبة من طفولة معذبة لعنف أسري لعمالة أجنبية تسيء معاملتها لاتجار بالبشر! جملة مشكلات موجودة بالفعل ألقت عليها كاميرا نادين الضوء أمام العالم في أهم حدث سينمائي.

فكرة الفيلم إنسانية من الطراز الأول ويقدم دراما إجتماعية واقعية وإلى جانب فكرته الرائعة كان اختيار المخرجة الذكي لطفل سوري من النازحين ليقوم بدور البطولة ومعه ايضا احدى الممثلات الافريقيات دخلت السجن بالفعل أثناء التصوير لإقامتها غير الشرعية، وهو ما جعل المخرجة تصور عدد ساعات تجاوز 500 على مدار ستة أشهر لكثرة الممثلين الهواة والأطفال بالعمل، الفيلم مليء بمشاعر كثيرة من الحزن والغضب تجاه المجتمع والتي تصل لأعلى مستوياتها عندما يقف الصبي في ساحة المحكمة يقاضي والديه لأنهما انجباه في هذه الحياة الصعبة! لذلك وصفت الصحافة الفرنسية فيلم "كفرناحو" بأنه النسخة البيروتية من "البؤساء" .

التمثيل المشرف كما يجب أن يكون
لازالت أذكر وأنا صبي صغير لحظة وأنا استمع لراديو مونت كارلو حينما تصدر الأخبار صوت المذيع ليعلن "منح المخرج العربي الكبير يوسف شاهين السعفة الذهبية لمهرجان كان في اليوبيل الذهبي" الجائزة كانت حدثا سينمائيا عالميا وتكريما عن مجمل أعماله حيث اعتبر شاهين المخرج العربي الأكثر مشاركة في "كان" بعشرة افلام بداية من فيلم "ابن النيل" عام 1951 وانتهاء بفيلم "اسكندرية نيويورك" 2004 ولكنه لم يستطع الفوز بالسعفة الذهبية ولا جوائز المهرجان الأخرى خلال مشاركاته تلك والسعفة الذهبية الوحيدة للعرب كانت للمخرج الجزائري الاخضر حمينة عن فيلمه "وقائع سنوات الجمر" عام 1975 .

لذلك بدون شك لحظة إعلان فوز اللبنانية نادين لبكي بجائزة لجنة التحكيم لمهرجان كان من أهم اللحظات في تاريخ السينما العربية، أيضا في دورة هذا العام لمهرجان "كان" هناك حضور فني لافت للمخرج المصري عبدالرحمن شوقي وحصوله على إشادات نقدية كبيرة وتم منحه جائزة خاصة تحمل أسم الصحفي فرانسوا شاليه تجعل التمثيل العربي في هذه الدورة مشرف بامتياز.

ونتمنى أن تكون تلك بداية تواجد لا ينتهي للعرب في مهرجان كان واضافة المزيد من الجوائز في السنوات القادمة فلدينا صناع سينما مهمين في العالم العربي قادرين على انتزاع أهم الجوائز العالمية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط