الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الإمام الأكبر والمؤسسة الأعظم


قم في فم الدنيا وحي الأزهرا *** وانثر على سمع الزمان الجوهرا

رحم الله أمير الشعراء وسيد الكلمة، كم كان منصفا في قصيدته عن الأزهر الشريف، وكم كان مؤمنا بهذه المؤسسة العريقة؛ وإن كان - كما قالوا قديما - أصدق الشعر أكذبه، فإن أحمد شوقي يثبت في هذه القصيدة أن أصدق الشعر أصدقه. 

يظل، مهما أنجبت مصر من علماء، ومهما تحصلت مصر على عظماء، الأزهرُ الشريف وحيدا على القمة بعيدا عمن وعما سواه مما يمكن أن يطلق عليهم القوة الناعمة المصرية، ليست المصرية فحسب بل العربية، والإسلامية، فتظل مصر الأزهر الشريف مذكورة مؤثرة في كل بلدان العالم، وفي كل شعوب الأرض، فما من حدث يقع أو حادثة تحدث إلا وتوجّه العالم مشرئب الأعناق صوب مصر متمثلة في المؤسسة الإسلامية الأعرق والأهم في العالم " الأزهر الشريف" .

يمكن للباحث أو الكاتب أو الدارس أن يقف كثيرا أمام الأزهر الشريف ومكانته ومقامه الرفيع ومقام أئمته الأجلاء، ولا شك أن المقام هنا لا يتسع لقليل القليل من ذلك، ولذا كانت وقفتنا العابرة هذه عندما رأيته رأي العين وما عايشته معايشة تفصيلية.

إن شعوب العالم: الإسلامي منها وغير الإسلامي - من خلال تجربتي الحياتية – تنظر لمصر بكثير من التقدير، وتعلم أن هناك لمصر دورا تشارك به مؤثرةً في محيطها الضيق مرة والعالم بأسره مرة أخرى، ويأتي التأثير الأهم لمصر في المجال الديني والمعرفي، وذلك راجع لوجود مؤسسة الأزهر الشريف - كما لوجود الكنيسة القبطية - على رأس تلك المكونات ذات التأثير، فجميع الجاليات الإسلامية في البلدان الأوروبية – النمسا محل إقامتي نموذجا- تعرف قدر ومكانة الأزهر الشريف، وتضيف من خيالها تصورا أن أي إنسان مصري يمكن أن يفتي في الدين، لا لشيء، سوى لأنه من بلد الأزهر الشريف، وذلك يعكس مدى ما للأزهر الشريف من مكانة في نفوس أبناء الشعوب الإسلامية. 

أما هؤلاء الذين تلقوا تعليمهم في جامعة الأزهر الشريف وعادوا إلى بلدانهم، وما أكثرهم، فإنهم يتحصلون على مكانة ممتازة في بلدانهم – وذلك الذي خبرته خبر اليقين من خلال تعرفي على بعض منهم، كما أن لهم تأثيرا عظيما في تلك المجتمعات التي يقيمون بها، ولم لا وهم تلقوا دراستهم وحازوا شهادتهم من المؤسسة الدينية الأهم في العالم. 

لم يكن الأزهر لينال مثل هذه المكانة المرموقة إلا إذا زين رأس هرمه أئمة عظماء يعرفون له قيمته، ويعلون له قدره، فيملكون في نفوس وقلوب أبناء مصر والعالم الإسلامي المكانة التي تليق بعلماء أجلاء يخشع أمامها الناس جميعا ليقضوا لهم قليلا من حقهم.

واخشع مليا واقض حق أئمة *** طلعوا به زهرا وماجوا أبحرا

كانوا أجل من الملوك جلالة *** وأعز سلطانا وأفخم مظهرا

إن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب هو غصن من شجرة أئمة الأزهر الشريف التي جذرها ثابت وفرعها في السماء، ولقد استحق صاحب الفضيلة تلك المكانة التي حازها نظراؤه من الأئمة الكرام، والعلماء الأفذاذ، تلك المكانة التي لا يعادلها مكانة، ولا يضاهيها شيء.

لقد استطاع مولانا فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، في ظل عصر الفضاء المفتوح، أن يذود عن الإسلام في مرحلة هي الأخطر في تاريخ الدين الحنيف، فَدَفَعَ التهم وصد السهام الموجهة دون تنازل أو تهاون أو تفريط.

في لقاء جمعني بمدير مدرسة نمساوية كان الشأن الديني - لاهتمام ذلك المدير به - هو حديثنا في هذا الاجتماع.. توقف الرجل النمساوي عند كلمة الإمام الأكبر أثناء زيارة بابا الفاتيكان فرانسيس للقاهرة، وأكد لي أن لهذه الكلمة تأثيرا بالغا في كل من سمعها، وهذا يؤكد عندي - من زاوية ما - أهمية ذلك الذي يتركه من أثر لقاء الإمام الأكبر بالحبر الأعظم.

إن تلك الدعوات المنتشرة والكثيرة التي تنادي بضرورة تصويب وتعديل وتصحيح الخطاب الديني، لهي بكل تأكيد حق، ولهي عين الصواب، وإن ما يصوَّب نحو إسلامنا العظيم من سهام، وما يطوله من طعنات، كان للفهم السقيم لبعضٍ ممن ينتسبون إليه العامل الأكبر في تلك السهام وهذه الطعنات، وكان لابد - في تصورنا - أن يقود مولانا فضيلة الإمام التصدي بكل حزم لهذه الفئة الضالة، وهو ما ننتظر أن يأتي بنتيجته التي تعود بالإسلام إلى نبعه الصافي، فيزهر في كل بقاع العالم بزهور المحبة لكل بني الإنسان.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط