الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ثورة 23 يوليو.. وتظلمات الثانوية العامة


لا شيء يأخذ نسبة اهتمام الساسة والعامة ووسائل الإعلام، عند ذكر محاسن ثورة 23 يوليو من العام 1952، والتى تحل ذكراها السادسة والستون هذه الأيام، أكثر من التعليم، وكيف أنه أصبح حقا لكل المواطنين، وبالمجان، ولولا الثورة، وحسبما يرى الكثيرون، لما حصل المصريون على التعليم المجانى، الذى كفلته الثورة للمواطنين، كما وكيفا، ودون أى أعباء مالية على كاهل أولياء الأمور.

الحديث عن تأثير ثورة 23 يوليو على التعليم، مجاله أوسع، وفضاؤه أرحب، غير أن الذى يعنينا فى هذا المقام، هو إلقاء نظرة على حال التعليم، فى الوقت الحالى، وبعد مرور ستة عقود ونصف العقد على أحداثها.

التعليم الآن لم يعد بالمجان، كما أكدت الثورة، ولم يعد من حق الطلاب أو أولياء الأمور، الاعتراض على تكلفته التى فاقت القدرات، ولن نتطرق هنا إلى مصروفات التعليم الخاص، ولكن إلى التعليم الحكومى، الذى تحول بفضل السياسات الخاطئة، إلى دروس خصوصية، تفوق فى تكلفتها قدرات الأسر المصرية.

تحول التعليم الحكومى إلى تجارة رابحة، فى الدروس الخصوصية، وفى التفنن فى تحميل أولياء الأمور مصاريف بطرق خلفية، تتمثل فى تبرعات، ومظاريف تقديم، وقرارات تظلم على النتائج، وغير ذلك من الظواهر التى تتسم بها المنظومة التعليمية فى الوقت الراهن.

وإذا كانت معاناة الطلاب وأولياء الأمور مستمرة فى مراحل التعليم المختلفة، فإنها تبلغ ذروتها فى الثانوية العامة، التى تعتبر مرحلة مفصلية فى حياة ومستقبل الطلاب، والتى بسببها تدخل الأسر المصرية فى حسابات مالية مرهقة، تؤثر بالطبع على حياتها.

غير أن ما يعنينا هنا، ومن واقع شكاوى عديدة، هو تظلمات الثانوية العامة، والتى تسعى وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى، لجعلها فرصة للاستثمار على حساب المظلومين، الذين لم يجدوا عدالة فى تصحيح أوراق إجاباتهم، لتجور عليهم السياسات التعليمية الخاطئة، وكذلك المصححون الذين لا يعبأون بمستقبل الطلاب.

وبحسبة بسيطة، تتحصل وزارة التربية والتعليم على ملايين الجنيهات، حصيلة رسوم التظلمات، التى حددتها الوزارة بمبلغ 100 جنيه للمادة الواحدة، ما يعني تحصيل الملايين من أولياء الأمور، الذين أكد بعضهم التقدم بتظلم فى أكثر من مادة، تصل فى بعض الأحيان إلى 4 مواد، بقيمة 400 جنيه.

لا حسد لوزارة التربية والتعليم، على ما تتحصل عليه من قوت أولياء الأمور، ولكن نقد لآلية التظلمات التى جعلت كثيرا من الطلاب، ووفقا لمقابلات مع بعضهم، وأحاديث مع أولياء أمور البعض الآخر، يفقدون الانتماء للوطن، بسبب إحساسهم بالظلم الذى وقع عليهم، جراء أخطاء التصحيح، وعدم اكتراث المصححين بمستقبل الطلاب من ناحية، وعدم التزام الوزارة بما تعلنه من قرارات من ناحية أخرى.

الكثير من الطلاب الذين اطلعوا على أوراق إجاباتهم، بعد دفع المبالغ المطلوبة، يؤكد بعضهم، وقوعه لظلم بيّن، وأن هذا الظلم أطاح بحلمه فى الالتحاق بالكلية التى طالما حلم بها.

البعض أكد حقه فى الحصول على درجات من واقع الاطلاع على كراسة الإجابات، غير أن القائمين على الاطلاع من مسئولين، يؤكدون عدم إمكانية حصول الطالب على أى درجات اضافية، مؤكدين أن التظلمات لا تخرج عن عمليات التجميع، دون النظر الى التصحيح الخاطئ، وهو ما يعنى ان ولى الأمر يدفع مبالغ كبيرة دون جدوى.

وزارة التربية والتعليم، وفى رأى بعض الطلاب وأولياء الأمور المتظلمين، ترتكب خطأ فادحا فى تظلمات الثانوية العامة، فهى تحت ضغط الوقت، والقرارات المتضاربة، لا تمنح الطلاب حقوقهم فى التصحيح أو الدرجات، الأمر الذى جعل الكثيرين منهم يشعر بالظلم، والشعور بأن الحكومة تظلمه.

سياسات التعليم، ورغم الحديث عن تطوير مزعوم، تحولت إلى عقدة لدى كثير من طلاب الثانوية العامة، خاصة المتظلمين منهم، الذين ينظرون إلى الوزارة المسئولة، بل وإلى الحكومة، على أنها تريد أن تحصل على الأموال، دون منح الطالب حقه.

بفعل تلك السياسات، تم إهدار القيم التى أرستها ثورة 23 يوليو، وتحول التعليم من المجان، بأمر الثورة، الى استثمار مباشر فى قوت وأرزاق الأسر المصرية، بأمر وزارة التربية والتعليم.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط