قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

ليس عيباً أن تفشلوا


فى هذه اللحظة الدقيقة والحرجة من تاريخ مصر، يجب على الإخوان أن يتوقفوا قليلاً ويمعنوا النظر طويلاً فيما قدموا وما هم مقدمون عليه.. هم على رأس السلطة الآن، مسؤولون عما يجرى، وما كان مقبولاً منهم فى السابق، أيام التضييق والملاحقة، لم يعد مقبولاً الآن..
كنت أتمنى أن يأخذوا بزمام المبادأة ويمدوا جسور الثقة مع بقية أطراف الجماعة الوطنية، وأن يفسحوا مكاناً لها، لكنهم فشلوا.. قالوا إنهم حاولوا، لكن الآخرين كانوا يمارسون ضغطاً وابتزازاً!.. كما سبق أن ذكرت، كان رأيى منذ البداية أن الترشح لرئاسة الدولة فى هذه المرحلة سوف يكلف الجماعة والوطن غالياً، وأنه من الأوفق والأفضل والأكثر ملاءمة تأجيل ذلك الأمر لفترة، ربما لعشر سنوات مثلاً..
لكن يبدو أنه تولدت قناعة فى اللحظات الأخيرة مفادها عدم تفويت هذه الفرصة «التاريخية» التى ربما لا تتكرر.. ومع ذلك، حين وصل الحال البائس إلى مفاضلة بين الدكتور مرسى والفريق شفيق، لم يكن هناك تردد فى الوقوف الى جانب الدكتور مرسى.. وتمنيت على الله أن يوفقه ويأخذ بيديه لما فيه صلاح البلاد والعباد.. كنت وأثمن وأثنى على بعض مواقفه.. وكنت أرفض وأعترض على البعض الآخر..
لم أكن لأوافق على الإعلان الدستورى المعيب الذى يكرس لديكتاتورية طالما عانينا منها طويلاً.. قيل إنه كانت هناك مؤامرة، وإن هذه المؤامرة استهدفت حل مجلس الشورى واللجنة التأسيسية لكتابة الدستور.. كان الإعلان هو القشة التى قصمت ظهر البعير.. كان بداية الانفجار والاحتراب.. بدأ الانقسام يأخذ أشكالاً طائفية وأيديولوجية.
أمس الأول وفى أحد المساجد استوقفنى بعض الشباب.. كان الحديث حول المؤامرة، والاستفتاء على الدستور، وبعض الأحداث التى وقعت مؤخراً.. حاولت أن أعرف ما لديهم، فلم أجد علماً أو فهماً أو حتى معلومات يمكن الاستناد إليها.. مجرد أفكار مشوشة ومعلومات ناقصة مبتورة أو مغلوطة، ترداد دون وعى لما يسمعون.. وهذه هى المشكلة.. قضية المؤامرة مسيطرة على التفكير، وتتطور مع الوقت، رغم عدم وجود أدلة أو تفاصيل.. اتسعت دائرة الاتهام لتشمل الجميع، ولم يعد هناك إيمان أو ثقة فى شىء، اللهم إلا فى القيادات التى يتبعونها.. الاستفتاء على الدستور بالنسبة لهم قضية دين وشريعة، ومعنى قول «لا» هو ضياع للشريعة، وسيطرة للعلمانيين على الدولة.. الكل أصبح فلولاً وخونة ومتآمرين..
والقوى السياسية، من جانب آخر، تنظر إلى ممارسات التيار الإسلامى على أنها احتكار للدولة، وإقصاء لشركاء الوطن، ومحاولة لتغيير هويته.. حاولت إقناعهم بأن الاستفتاء بـ«نعم» أو «لا» هو موقف سياسى لا علاقة له بقضية الإيمان أو الكفر، وأن الاتهامات يجب ألا تلقى هكذا جزافاً، دون دليل.. لكن قد أسمعت إذ ناديت حيا.. نحن أمام غضب جامح وغل قاتل، فلا منطق يسترشد به أو عقل يحتكم إليه.. أو مؤسسة يرجع إليها.. أو حتى إدراك للمنزلق الخطير الذى يهوى إليه الوطن.. للأسف، منطق القوة هو السائد الآن..
حشد فى مواجهة حشد، وعنف فى مقابل عنف، ودم أمام دم.. الاستفتاء على الدستور على هذا النحو الذى جرى وفى ظل هذا الغضب العارم لن يكون النهاية، بل مزيد من التفسخ والانقسام والتشرذم والعنف. حين تقوم مؤسسات الدولة بارتكاب أو حتى تسهيل ارتكاب عنف فى حق متظاهرين، كما حدث على مدار العامين الماضيين، ولا عدل ولا قصاص، فهذا يغرى الجميع باستخدام العنف لتحقيق ما يريدون.. هذا ما نشاهده الآن، وهو أخطر ما فى الأمر..
ليس عيباً أن يعترف الإخوان بفشلهم، لكن العيب أن يتصوروا أنهم أحرزوا نصراً وحققوا تقدما.. الأكثر عيباً أن يظلوا ماضين فى طريقهم، غير عابئين بما يحدث من تمزق لشمل الوطن واحتراب بين قواه ودماء تسيل على أرضه.. ومن الإنصاف أن نقول إنهم ليسوا وحدهم الذين فشلوا، بل فشلت معهم كل القوى السياسية.. والنتيجة أننا وصلنا إلى هذا الحال المؤسف من الاحتراب.. أن نسبة المشاركين فى المرحلة الأولى للاستفتاء بلغت ٣١٪ فقط ممن لهم حق التصويت، وهى نسبة ضئيلة للغاية، تعكس بشكل صارخ ما وصلنا إليه.. كنا نريد أن تصل لأكثر من ٧٠٪، لكن كيف؟ لا أدرى.. فهل تستطيع المرحلة الثانية أن تسد الثغرة أو جزءاً منها؟ ربما.. فقد تسبق العرجاء.
نقلاً عن المصرى اليوم