الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

اقتصاديات المعيشة السلبية


قد نولد فى أسر فقيرة ، ولكن أن تستمر حياتنا فى فقر وعوذ، أعتقد أن هذا يرجع لأسلوب حياتنا، عندما أنظر لحياة المحيطين بنا، وأنا بالطبع واحد من الطبقة المتوسطة، أجد أن سلوكياتنا أثرت بشكل كبير جدًا فى مدى تمتعنا برفاهية حياتنا، واستمتعنا بجودة الحياة ، فأسلوب المعيشة والكيفية التى نحيا بها لها تأثير كبير على أسلوب معيشتنا، ويرجع ذلك إلى التاريخ الموروث بداخلنا والذى يتناقل جيل عبر جيل دون أعمال للعقل او المنهج العلمى فى التفكير وتدبر أسلوب معيشتنا.

فعندما أنظر لسلوكنا نحن كمصريين أو كعرب بشكل عام ، أجد أننا ما زالنا نتباهى ونتفاخر لنظهر للآخرين قدرتنا على المعيشة وأننا أفضل من غيرنا وأننا نمتلك أشياء مادية كثيرة.
 
وإن كان هذا يدل فإنما يدل على حرمان وعدم أمان اقتصادي كبير نعوضه من خلال التظاهر والتباهى بالإمكانيات المادية، ولكن الأمر يتوقف على الكيف وليس الكم على نوعية التحكم فى الأشياء التى تلبي احتياجاتنا الضرورية الفعلية وليس تلبية احتياجات الآخرين ونظرتهم لنا، لا يهم إطلاقًا راحة الآخرين فى ظل تحملنا مالا طاقة لنا به ، كن أنت نفسك.. اتبع نظامك الشخصى الذاتى وعلى الآخرين قبوله. 

نحتاج جميعنا وقفة جادة مع النفس، ونحتاج إلى إعادة تصحيح بعض الموروثات والعادات والمفاهيم لكى تسير حياتنا بالشكل الذى يحقق لأنفسنا أسلوب حياة جيد يسبب لنا السعادة والرضا ، نحتاج الى إعادة تقييم إمكانياتنا المادية ونسير بخطى واثقة وفقا لتلك الإمكانيات وننظم حياتنا على تلك القدرات المادية ونحسن منها دون النظر والتقليد الأعمى للآخرين ، نحتاج أن نقيم أنفسنا بشكل فردى بعيداً عن سياسة القطيع. 

فالنظر إلى أماكن معيشتنا، الشقة التى نملكها المسكن الذى يجلب لنا الراحة ونشعر فيه بالسكينة والاسترخاء، كم منا يصمم مسكنه من أجل راحته هو وأسرته ، كم منا يصمم مسكنه ليلبي احتياجاته هو وأسرته الصغيرة ؟ 

الأغلبية العظمى تبحث عن مسكن لا يقل عن ثلاث غرف وصالة كبيرة و2 حمام، ولابد أن يقوم بفرش جميع الغرف لكى لا يقال عليه شيء من الأهل والمعارف والأصدقاء، يفكر فى تصميمه للمنزل فى راحة الآخرين وليس فى راحته هو، الناس تقول علينا إي أهم من رؤيته هو وأسرته لمكان معيشته، حتى فى اختيار للألوان والأثاث المهم رأى الناس وماذا يقولون وهل يعجبهم ذاك أم ذلك. 

طاولة طعام ثمانية كراسي فخمه عشان الناس، غرفة صالون مدهب عشان الناس، أدوات مائدة عدد 12 من كل نوع ، لابد من توزيع الإضاءة فى كل مكان عشان الناس لما تيجى الشقه تكون منورة كما الظهر، نخطط أماكن المعيشة حسب ذوق المعارف والأصدقاء والأهل، كما لو ان أناس أخرين سوف يعيشون بتلك الشقة، ونجد بعد ذلك أن غالبية مساحات الشقه مهجوره وتفتح مره أو مرتين فى السنة لاستقبال الناس دقائق معدودة، وكل تلك التجهيزات والأعدادات لم تلقى إجماع من الناس، فنجد من يبدى رأيه لو كنت عملت كذا وكذا وهكذا هو الحال 
لابد أن تكون السيارة عريضة وكبيرة ومتسعة كما لو كانت مسكن آخر نعيش فيه بقية حياتنا ، نستعرض بطول وعرض السيارة لا يهم أقساط تلك السيارة والمديونات المهم شكلى أمام الآخرين أن سيارتى كبيرة وعريضة وماركة معروفة، وتقييم الآخرين عربيته صغيرة كما علبة الكبريت ولا ننظر إلى الأهم من السيارة إنها وسيلة تحقق لنا غرض التنقل وسرعة الوصول ننظر الى الشكل وليس المضمون .

نجد شخصا آخر خريج جامعة ولا يعمل أو فى انتظار العمل ويحمل فى يده أكثر من موبيل ولابد أن يكون ماركة ومعروفة لكى يتباهى أمام الآخرين وكأنه رجل أعمال ولديه اتصالات عديدة.
 
نجد حارس العقار لديه ثلاث أو اربع نمر موبيل ويدعى العوذ والحاجة من الآخرين ويقترض منك لأن الأولاد دخلين المدارس .

نجد الكثير من الطبقة الفقيرة يقيمون الأفراح وينصبون الخيام ويتباهون أمام بعضهم البعض بتصوير الفرح وبـ"الدي جى" والأنوار وامتدادها على جانبي الشارع ووجبات الطعام وغيرها من مراسم الزواج حتى يتظاهرون أمام الآخرين بقدرتهم المادية وأنهم أفضل من غيرهم.
 
نجد المغالاة فى المهور وتجهيز عش الزوجية ومع كل ذلك ارتفاع نسب الطلاق وقضايا الخلع كل ستة دقائق، نجد تأسيس المطبخ بأحدث الأجهزة الحديثة ولم نعد نتذوق الطعام الشهى.
 
أصبحنا نركز على الشكل وننسي المضمون، أصبحنا نقيم الأشياء المادية بكام ويسوى إيه وأشتريه بكام وأصبحنا لا نستطيع العيش كما يحلو لنا أو مازلنا لا نعرف ما يحلو لنا للقيام به خوفا من القيل والقال ومازلنا نعيش أسرى لآراء الناس فينا .

حان الوقت لنحيا الحياة وفقًا لإمكانيات كل شخص وحسب ما يتراءى له من وجهة نظره وفلسفته فى الحياة مادام لم يؤذ أو يجرح أو يعادى الآخر، حان الوقت لنعيش وفقًا لإمكانياتنا الاقتصادية ونمتلك أساليب التعايش الذكية التى تحقق لنا حياة جيدة، فالنتعلم كيف نحيا الحياة بإيجابية.. وللحديث بقية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط