الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الغول والعنقاء وتجديد الخطاب الديني


كلنا نسمع عن المستحيلات الثلاثة عند العرب والتي جمعها أحد الشعراء القدامى وقال : لمّا رأيتُ بَني الزّمانِ وما بهِم خلٌّ وفيٌّ، للشدائدِ أصطفي أيقنتُ أنّ المستحيلَ ثلاثة: الغُولُ والعَنقاءُ والخِلّ الوَفي". 

وبعدها اعتاد العرب أن يقولوا عند تأكيد عدم حدوث الشيء واستحالة وقوعه .. أن هذا الأمر من رابع المستحيلات وهذا معناه أن هناك مستحيلات ثلاثة تسبق هذا الرابع الذي يتمسك به الناس ويطالبون به أكثر من مرة رغم استحالته ويبدو أن تجديد الخطاب الديني أصبح المستحيل الرابع بعد المستحيلات الثلاثة المعروفة والتي نسمع عنها منذ قديم الأزل وهي .. الغول وهي المستمدة من قصص أمنا الغولة المرعبة التي كان يرويها الجدات ورغم تطورات العصر والإنترنت وأفلام الرعب ومصاصي الدماء وآكلي لحوم البشر فإن أجيالنا كانت تستمع أكثر بقصص وحكايات أمنا الغولة المرعبة .. 

وطبعا أسطورة الغول ترددت كثيرا جدا في حكايات ألف ليلة وليلة الشهيرة .. وكانت شدة الخوف التي عاشها القدماء من خرافة الغول جعلت بعضهم يضع الطعام خارج الدار ليتناوله الغول وينصرف بعيدًا عنهم، ومن المعتقدات الشائعة قديمًا أن خير طريقة للتخلص منه هي رش بذور الكتان على الأرض .. أما المستحيل الثاني فهو العنقاء وهو طائر أسطوري ضخم له ريشتان فوق رأسه الى الخلف ومنقار طويل وأطلقوا عليه العنقاء لطول عنقه .. والأسطورة تربط بين العنقاء و"أصحاب الرس" الذين ذكرت قصتهم القرآن الكريم، وفي تفسير أبي السعود: "قيل إن أصحاب الرس: هم أصحابُ النبيِّ حنظلةَ بنِ صفوانَ، ابتلاهم الله تعالى بطيرٍ عظيمٍ كان فيها من كلِّ لون، وسمَّوها عنقاءَ لطولِ عُنقِها وكانت تسكنُ الجبل فتنقضُّ على صبيانِهم فتخطفُهم إنْ أعوزها الصَّيدُ فدعا عليها حنظلةُ فأصابتْها الصاعقة".أما المستحيل الثالث هو الصديق الوفي الذي يبحث عنه الانسان طوال حياته .. 

ويبدو أن المستحيلات الثلاثة ستصبح أربعة في عالمنا العربي والاسلامي وفي مصر وهو تجديد الخطاب الديني الذي أصبح ضرورة مُلحة لمواجهة الأفكار المتطرفة والمتشددة التي أدت الى ظهور الاسلام السياسي الطامع في السلطة والحكم ومن أجل ذلك يجندون الشباب ويغسلون أدمغتهم بأفكار الجهاد وأغلبها مرويات وأحاديث ضعيفة أو موضوعة تؤدي بهؤلاء الشباب الى قتل الأبرياء أو السائحين الأجانب وتخريب المؤسسات الوطنية في بلدانهم بدعوى انها حكومات كافرة وغير ذلك .. 

ورغم أن المطالبة بتجديد الخطاب الديني في السعودية مثلا بدأت تلقى آذان صاغية وبدأت تأخذ خطوات كبيرة جدا في هذا الاتجاه رغم أنها ظلت لسنوات طويلة أكبر معقل للسلفية .. ما علينا المهم أن الرئيس السيسي أول أمس وفي مناسبة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وجه كلامه بشكل مباشر الى الإمام الأكبر شيخ الأزهر ونعلم جميعا جيدا أن الرئيس يقدر الامام حق قدره ويُنزله منزلة طيبة، ويتمنى أن يرى المشيخة منارة تضرب مثالا تجديديا وتنويريا في العالمين .. ما نطلبه جميعا من الإمام الأكبر وعلماء الأزهر وطلبه الرئيس السيسي علانية هو التجديد الديني لأن المشكلة الموجودة الآن هي القراءة الخاطئة لأصول ديننا .. وعلماء الأزهر وإمامه الطيب .. منوط بهم حمل رسالة التجديد إلى العالم وأن تجديد الخطاب الديني مؤتمن عليه علماء الأزهر الشريف ..وأيضا واجب تصحيح الكلمة وبيان حقيقة ديننا السمح وتفنيد مزاعم من يريدون استغلاله بالباطل، بالحجة البرهان .. والله المستعان ..
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط