من الفواكه المحببة لدى
المصريين في الشتاء "اليوسفي" والذي تختلف أشكاله وأحجامه وتتنوع
مسمياته وفقا لنطق المصريين في كل المحافظات، يسميه البعض يوستفندي أو يوسفندي أو
سفندي أو مندرين.
واليوسفي له قصة مع المصريين منذ عهد محمد علي باشا، الذي أدخله
إلى مصر ضمن التجارب الزراعية حينما كان يرسل الطلاب الى الخارج للتعرف على زراعة
الفاكهة.

تحكي الروايات أن أحد الطلبة
ويدعى يوسف أفندي، أرسله محمد علي باشا إلى فرنسا، وحين عودته إلى مصر مع رفقائه
هبت ريح شديدة، سببت إقامته نحو ثلاثة أسابيع في جزيرة مالطا، وفي تلك المدة رست
سفن حاملة أشجارا مثمرة من جهات الصين واليابان، فاشترى منها يوسف أفندي ثمانية
براميل بها شجر مثمر من النوع المعروف الآن باسم اليوسفي.
عندما وصل يوسف أفندي إلى الإسكندرية وجاء وقت مقابلة محمد علي
باشا التمس يوسف أن يحمل معه بعضًا من هذه الفاكهة، التي كان قد اشترى أشجارها،
وعندما تناولها محمد علي باشا أعجبته وسأل عن اسم الفاكهة، وكان يوسف سأل قبل ذلك
بعض الحاشية عمن يحبه محمد علي من أولاده أكثر من غيره، فأخبره أنه يحب طوسون
باشا، فقال يوسف له: إن اسمها هو "طوسون"، فتبسم محمد علي، وقال: ما اسمك؟
قال يوسف.

وكان طوسون أحب أبناء محمد علي إليه، وأرسله إلي الحجاز علي رأس الحملة العسكرية لإخماد حركة الوهابيين، و كان عمره لا يزيد عن 18 عامًا. فاستولى الشاب علي مكة والمدينة عام 1228 هج/1813 م و أرسل مفاتيح المدينتين إلى السلطان العثماني في اسطنبول، و لكن حين لاقت الحملة صعوبات خطيرة، سافر محمد علي بنفسه ليساعد ابنه.
عاد طوسون إلي مصر واستقبل استقبال الأبطال، و في 7 ذو القعدة 1231 هج / 29 سبتمبر 1816 م أقام محمد علي مأدبة كبيرة احتفالًا بعودة ابنه طوسون، و لكن ما كاد الاحتفال يبدأ حتى مرض طوسون بالطاعون ، ومات خلال 24 ساعة، وحين بلغ النبأ الفاجع محمد علي كاد يغشي عليه.

لذلك فإن التاريخ يربط فاكهة اليوسفي
بمأساة في حياة محمد علي الذي يعود إليه تاريخ بناء مصر الحديث.
واليوسفي في الأصل مهجن من البرتقال واللارنج، وتشير الأبحاث
إلى أن تناوله يفيد في الحد من أخطار سرطان الكبد والأمراض الأخرى المتعلقة به،
لأنه غني بمركبات فيتامين آي والمسماة كاروتينويدات والتي تعطي اليوسفي لونه
البرتقالي.