الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العالم فوق البركان


الواضح للقاصى والدانى ان العالم يعيش فوق فوهة بركان توشك على الانفجار فى اى لحظة ومن اى مكان .. العديد من النقاط الساخنة حول العالم يمكن ان تخرج منها الشرارة الاولى سواء من اوكرانيا او من فنزويلا او من سوريا او من منطقة بحر الصين الجنوبى او من شبه الجزيرة الكورية .. بالتأكيد كلها نقاط ساخنة وتشهد توترات وصراعات متراكمة تزايدت حدتها فى الفترة الاخيرة .

لكن الخلاف الاكثر سخونة هو معركة "حظر الصواريخ" التى اشتعلت بين ترامب وبوتين الأيام السابقة ، فواشنطن أعلنت انسحابها رسميًا من معاهدة حظر الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، الموقعة مع الاتحاد السوفيتي عام 1987، وبرر وزير خارجيتها مايك بومبيو، أن سريان انسحاب واشنطن من الاتفاقية جاء "بسبب خرق روسيا لها" ، واعلن ترامب أن بلاده ستطور خياراتها العسكرية الخاصة، و"ستعمل مع الناتو وحلفائها الآخرين لمنع روسيا من استخدام أسلحتها بطريقة غير قانونية".

على الجانب الآخر أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تعليق بلاده التزامها بالمعاهدة ردًا على موقف مشابه من واشنطن..متحديا أيضا بأن بلاده ستباشر في تطوير صاروخ فرط صوتي أرضي متوسط المدى.. معتبرا "استخدام الولايات المتحدة الصواريخ الأهداف، ونشرها منصات إطلاق من نوع "إم كي-41" في أوروبا "انتهاك سافر لمعاهدة الصواريخ".

نبرة التحدى بين كل من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا اتسمت خلال الساعات الاخيرة بالحده الشديدة للدرجة التي يمكن أن تشعل فتيل الحرب العالمية الثالثة ، وهو ما يترقبه العالم أجمع.

جميعنا شاهد خلال الشهور الاخيرة المناورات العسكرية الكبرى التى نفذها الطرفان مع حلفاءهما بشكل هو الأضخم عبر التاريخ منذ الحربين العالميتين الاولى والثانية.

ولا شك ان هذا التحدى والصراع لن يكون محموم العواقب وان يمر بسلام ، بل سيكون له تداعيات أكثر خطورة على المدى القريب والبعيد على اكبر قوتين عسكريا وسياسيا فى العالم. 

ويأتى ذلك التصادم العسكرى امتدادا لمعركة وحرب اخرى ولكنها اقتصادية بين المعسكرين .. هذه الحرب التى كلفت الجانبين خسائر بالمليارات خلال السنوات الاخيرة .. فأمريكا وحلفاؤها يفرضون حصارا اقتصاديا شرسا ضد روسيا ، كما تواصل حربها الشرس مع حليف روسيا وهو الصين فى معركة كلفت الطرفان أكثر من 6 مليارات دولار فى 2018 بحسب خبراء الاقتصاد بمجلة "نيوزويك".

هذه المعارك والصدام المباشر تؤكد ان الحرب العالمية الثالثة قادمة لا محالة وأنها قد تحدث بين ليلة وضحاها ، فكلا الطرفين متحفز للأخر وحلفائهما فى ارجاء العالم لديهم الكثير من الصراعات والخلافات التى يمكن ان تؤجج الأزمة وتطلق الشرارة الاولى لحرب القيامة كما يطلقون عليها.

من ابرز تلك النقاط الساخنة هى شبه الجزيرة الكورية التى تضم حليفا "جنوبيا" وعدوا"شماليا" لأمريكا ، والأخير قالت أمريكا منذ ايام انه تعهد بتفكيك سلاحه النووي وهو مجرد كلام الى ان يتحقق على ارض الواقع ، ويأتى فى ظل تشكك امريكى يظهر فى تأكيد مسئوليها بأن أن واشنطن لديها خطة طوارئ إذا فشلت الجهود الدبلوماسية.
المنطقة الثانية التى قد تنطلق منها شرارة المعركة الكبرى هى بحر الصين الجنوبى وحدود الصين ، حيث تتحرش السفن الحربية الامريكية منذ فترة بنظيرتها الصينية وتهدد امنها وحدودها.

بجانب الصراع حول تايوان ، حيث أعلنت بكين مؤخرا انها "ستوحد تايوان" بالقوة لحظة وصول السفن العسكرية الأمريكية إلى هذه الجزيرة.

هذا الصراع قد يتطور فى اى لحظة لحرب شرسة تمتلك فيها امريكا أسلحة نووية فتاكة وتقابلها الصين بأسلحة لا تقل خطورة وحداثة ، خاصة وان التنين الصينى طور مؤخرا أسلحة يمكنها تدمير المعدات العسكرية الامريكية أو جعلها خارج الخدمة ، حيث طورت الصين ترسانة أسلحة تضم استخدام الهجمات الإلكترونية والحرب الإلكترونية، والصواريخ الفوق صوتية، والذكاء الاصطناعي، إضافة إلى الطائرات الشبحية ، وكذلك طائرات بدون طيار بقدرات متقدمة، وأسلحة مضادة للأقمار الصناعية التي يمكنها تعطيل الأقمار الصناعية الأمريكية وشل قدرة القيادة الأمريكية على التواصل مع قواتها حول العالم ، بالإضافة الى روبوتات عسكرية لاستخدامها في حروب المستقبل ، بجانب استخدام أجهزة الكمبيوتر فائقة السرعة للأغراض العسكرية .. وهو تطور ينذر بمعركة ابادة حال وقوعها.

على الجانب الاخر نجد حلف الناتو الذى يضم امريكا وحلفاءها نفذ مناورات عسكرية ضخمة ، هي الأكبر على الإطلاق منذ حقبة الحرب الباردة وذلك بالقرب من الحدود الروسية ، مما يشكل رسائل تهديد مباشرة لعدوه اللدود " الدب الروسى".

وهذا يأخذنا الى منطقة هى المرشح الاكبر للمعركة العظمى وهى اوروبا التى امتلأت بلدانها بالقواعد الامريكية التى تشكل تهديدا لروسيا خاصة من جارتها اوكرانيا التى تناصب روسيا العداء العلنى منذ ضم الاخيرة لشبه جزيرة القرم والتحرشات العسكرية لسفنها مؤخرا ، مما قد يؤدى لانطلاق الحرب من هذه النقطة التى قال رئيسها منذ فترة وجيزة ان بلادة فى مرمى انطلاق الحرب العالمية الثالثة.

هذه التهديدات الحدودية ردت عليها وزارة الدفاع الروسية بزيادة وتنمية قدراتها العسكرية ، وأعلن بوتين خلال رسالته السنوية أمام الجمعية الفيدرالية ، اعتماد القوات المسلحة الروسية أكثر من 300 نموذج جديد من المعدات العسكرية منذ عام 2012 مؤكدا ان تجهيز جيشه بالأسلحة الحديثة ازداد 4 مرات ، وان بلاده تصنع منظومات أسلحة استراتيجية غير بالستية، تعجز منظومات الدفاع الجوي عن اعتراضها بجانب الكثير من الأسلحة الفتاكة الغير مسبوقة فى العالم موجها هذه الرسائل لأعدائه الأمريكان.

اما سوريا فهى منطقة ملتهبة بسبب الصراع الدولى على الارض العربية ، فبعد الخراب الذى خلفته الادارة الامريكية فى المنطقة اعلنت انسحابها تاركة حليفتها فى الناتو تركيا وعدواها اللدودان روسيا وإيران يتصارعون جميعا على الكعكة السورية مما قد يؤدى هذا الصراع فى اى لحظة لحرب كبرى تجر كافة الاطراف المتداخلة حول العالم لتصبح حربا شاملة.

وفى فنزويلا التى تعد الحديقة الخلفية لأمريكا تصاعدت حده الخلافات بين القوى العظمى الطامعة فى ثروات وحدود الدولة البوليفارية خاصة امريكا وروسيا والصين ، فأمريكا تحافظ على امنها القومى وتؤمن حوالى نصف صادرات فنزويلا من النفط اليها وتحارب من اجل عدم تحول كراكاس الى قاعدة روسية صينية فى ظل الارتباط الاقتصادى والسياسى الوثيق بينهما ، حيث ان فنزويلا مدانة بما يزيد من نصف ديونها الخارجية للبلدان المعارضتان لأمريكا .. وتتطور الاحداث وتتسارع فى ظل مخاوف من اندلاع الحرب الاهلية قريبا فى ظل حكومة تتبع روسيا والصين ومعارضة معترف بها من امريكا وحلفائها ، وينتظر البلد النفطية مصير داخلى وخارجى مجهول يمكن ان يكون نقطة انطلاق حرب عالمية. 

كافة المراقبين حول العالم يؤمنون بأن اندلاع الحرب العالمية الثالثة مسألة وقت، وليست مجرد احتمالات ، وان طرفيها الرئيسيين هما أمريكا وروسيا وكلاهما يمتلكان أكثر من 90 % من قنابل العالم النووية.

فروسيا تحتل المرتبة الأولي بعدد رؤوس نووية 6850 رأسا نوويا ، وتأتى الولايات المتحدة الأمريكية في المرتبة الثانية بترسانة نووية قدرها 6450 رأسا نوويا.

كل هذه المعطيات والمؤشرات تعجل بوقوع الحرب العالمية الثالثة فى اى لحظة .. فهل يكون عام 2019 هو عام الملحمة الكبرى ؟ ام سيكون امام العالم مزيد من الوقت قبل الدمار العظيم ؟
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط