الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المتحف المصري القديم.. يا قلبي


أول مرة زرت فيها لندن في نهاية الثمانينات من القرن الماضي أذكر أنني حرصت في يوم وصولي على زيارة المتحف البريطاني الذي يعتبرونه من أهم متاحف تاريخ الحضارات الإنسانية كونه يضم داخله أكثر من 13 مليون قطعة من كل القارات والعديد من الشعوب التي كانت قائمة عليها وطبعا ولابد من أشهر المجموعات الفنية النادرة المعروضة فيه مجموعة الشرق الأوسط التي تشمل داخلها تحف فنية وآثارنا المصرية القديمة وما يوجد منها لدينا ولم يتم اكتشافه بعد ما لا تٌعد ولا تٌحصى.

وفي المتحف البريطاني قطع آثرية أخرى تابعة لجميع الحضارات والشعوب التي عاشت على هذه الأرض الممتدة من العراق وحتى شمال أفريقيا منها بلاد الرافدين والشعوب الفينيقية ومملكة سبأ والفنون الإزنيقية من تركيا والأزياء الفلسطينية وغيرها العديد وبالإضافة لهذه المجموعة الواسعة والنادرة توجد مجموعة المخصصة للسودان ومصر القديمة الفرعونية ترجع بعض أغراضها إلى 10 آلاف سنة قبل الميلاد وتشمل تحف وأثار فرعونية مدهشة ويهدف المتحف البريطاني بعرض تاريخ الحضارات المختلفة داخل مساحته ليستطيع الزائرون بالتعرف على تاريخ الإنسانية، والغريب أن هناك من ينتقد هذا الشيء.

وليس بسبب الهدف بل بسبب الطريقة التي أساسها هي السرقة والنهب الوقح التي قام بها المتحف منذ نشأته وحتى اليوم والتي من خلالها جمع العديد من كنوز الشعوب في مكان واحد ليس له علاقة بأصل هذه الأغراض. موقع بطوطة يؤمن بأن كنوز الحضارات هي ملك الشعوب نفسها ويجب أن تُعرض في الأرض التي عاش عليها الشعب نفسه .. ورغم ذلك يفتخر الانجليز ايما افتخار بمتحفهم اللي كل محتوياته مسروقة أو منهوبة.

ما بالك بمصر وبالمتحف المصري العظيم القابع في ميدان التحرير منذ عقود ويضم بين جنباته الاف القطع الآثرية المصرية القديمة اللي هي ملكنا وبتاعتنا وبتاعة أجدادنا تركوها لنا لعل وعسى أن نتعلم منهم كيف نصنع حضارة أخرى مثلهم أو أفضل منهم ولكن للأسف لم نصنع شيئا.

صحيح ان المتحف البريطاني متوسط عدد زائريه في السنة 6 مليون وأكثر رغم أن ملكية المتحف في الأصل هي لطبيب عندما كان مجرد بيت اسمه Montague House الا أنه يظل أهم أقسامه هو القسم المصري وما يحتويه.

المهم أن زيارة هذا المكان ظلت محفورة في ذاكرتي وهو ماجددته زيارة أخيرة لي قمت بها مع بعض الاصدقاء الأجانب الى المتحف المصري العظيم في ميدان التحرير واللي هوأحد أهم المتاحف العالمية لما يحتويه من قطع أثرية نادرة، ومهمة ترجع إلى آلاف السنين، وجاء إنشاء ذلك المتحف بعدما أقر الخديوى إسماعيل مشروع إنشاء متحف للآثار المصرية سنة 1863 وكان صاحب فكرة إنشاء المتحف عالم المصريات الفرنسي أوجوست مارييت، أول مأمور لإشغال العاديات ورئيس مصلحة الآثار فى عام .

1858 وقد وجد أنه لابد من وجود إدارة ومتحف للآثار، ولذلك قام باختيار منطقة بولاق لإنشاء متحف للآثار المصرية ونقل إليها الآثار التى عثر عليها أثناء حفائره (مثل آثار مقبرة إعح حتب) وفى 15 نوفمبر 1902 تم افتتاح لخديوى عباس حلمى الثانى المتحف المصري رسميًا يضم المتحف أكثر من 150 ألف قطعة أثرية أهمها المجموعات الأثرية التى عثر عليها في مقابر الملوك والحاشية الملكية للأسرة الوسطى في دهشور عام 1894.

ويضم المتحف الآن أعظم مجموعة أثرية في العالم تعبر عن جميع مراحل التاريخ المصري القديم ومن أهم مجموعات المتحف المصري تلك التي تخص الملك منتوحب الثانى ومجموعة تماثيل بعض ملوك الأسرة 12 كما مجموعة توت عنخ آمون وتماثيل حتشبسوت وتحتمس الثالث ورمسيس الثاني بالإضافة إلى العجلات الحربية.

ولن أُشير هنا الى أي سلبيات أو إهمال داخل المتحف المصري حاليا .. ولكن مايهمني بالمقام الأول ويقلقني أيما قلق هو كلما إقترب موعد افتتاح المتحف الكبير بمنطقة الأهرامات ماذا سيكون مصير المتحف المصري القديم وما أتمناه وأدعو اليه بشدة هو المحافظة عليه وعلى القطع الموجودة فيه مع العمل على ترميمه وتحديثه والحفاظ عليه بشكله القديم وبالنسبة للمتحف الكبير الجديد لدينا آلاف القطع الآثرية الفرعونية والإسلامية والرومانية يتم عرضها فيها .. أتمنى أن تجد دعوتي هذه آذان صاغية .. حافظوا على المتحف المصري القديم ولا تفرطوا فيه .. ولا داعي لنقل الآثار والمقتنيات التي لاتُقدر بثمن منه حفاظا عليها من خطورة النقل والضياع والتبديد .. والله المستعان.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط