الأثاث النحاسى.. موبيليا جدتى تعود في ثوب عصرى!

يبدو أن مصممى الديكور وصناع الأثاث قد بدأوا يقتنعون فى الفترة الأخيرة بالمثل العامى الشهير "من فات قديمه تاه"، فعادوا مرة أخرى إلى الأساليب الكلاسيكية ، والمتابع لتطورات سوق الأثاث فى السنوات القليلة الماضية، يلاحظ اتجاها واضحا للعودة إلى القديم واستخدام المعادن فى صناعة الأثاث وخاصة النحاس، الذى بدأ يستعيد مكانته من جديد ويتحول إلى موضة.
برغم حداثة هذه الموضة فإنها تعد من أقدم الموضات التى استخدمها العرب منذ آلاف السنين فى تصنيع الموبيليا وقد تفردوا فى صناعتها وبرعوا فى جمالياتها، فالموبيليا النحاسية قد أصبحت أحدث صيحة فى عالم الأثاث يشهدها العالم الآن وأغلى قطع أثاث يتم عرضها الآن هى قطع النحاس.
والموبيليا النحاسية رغم حداثتها فى الغرب فإنها تعد من أقدم أنواع الأثاث التى عرفها العرب وبرعوا فى صناعتها ويرجع سر استخدام العرب للمعادن فى صناعة الأثاث خاصة الذهب والنحاس، حيث كان سعر الذهب أرخص من الفضة فكانوا يصنعون الأسرة من الذهب الخالص أو النحاس المطلى بالذهب أو المطعم برقائق الذهب والفضة.
وكما برع المصرى القديم فى صناعة الأوانى والأدوات النحاسية فقد برع وتفنن أيضا فى صناعة الأثاث من النحاس والذهب وباتت كل الأدوات المستخدمة بالمنزل مصنعة من النحاس المطلى أو النحاس غير المطلى.
وشهدت صناعة الموبيليا النحاسية تطورا كبيرا فى مصر حتى وصلت لأعلى مراحل الرقى والجمال وامتازت بصلابتها وإمكانية تشكيلها وزخرفتها وتطعيمها بالفضة والذهب، والمينا بالإضافة لعدم تعرضها للتلف أو تسرب الحشرات الصغيرة إليها، كما يحدث مع الخشب، وكذلك عدم إمكانية الغش فيها، فالنحاس مادة معروفة ولا يمكن غشها عكس الخشب الذى يمكن استخدام أردا الأنواع فيه دون اكتشاف ذلك مع سهولة تعرضه للتلف والتدمير، كما ساعد على انتشار الموبيليا النحاسية قديما وجود أعداد كبيرة من الفنانين "النحاسيين" المتخصصين فى صناعتها وزخرفتها وترصيعها وطلائها بالمينا، ومن أهم المميزات التى لفتت أنظار العالم للموبيليا النحاسية احتفاظها بجمالها رغم مرور الزمن.
وقد كان الفنانون العرب يحاولون إضفاء لمسات جمالية على هذا النوع من الأثاث باستخدام ألواح وصفائح النحاس المزخرف من خلال تغطية الأبواب الخشبية بهذه الرقائق والصفائح وعمل "الأنتيك" من الأوانى النحاسية بديعة الصنع المكفتة وغير المكفتة، (الأوانى المكفتة هى المزخرفة بعناصر زخرفية محفورة فى أسطح الأوانى الخارجية مع ملئها بأسلاك رقيقة من الذهب أو الفضة ثم الطرق عليها لتتساوى مع أسطح الأوانى وكأنها جزء من النحاس نفسه) وهذا بالإضافة إلى أن تجديد الموبيليا النحاسية لا يحتاج لمال كثير أو مجهود كبير فبمجرد تلميعها وطلائها ببعض المواد تعود لحالتها الأولى لذلك كان لها دائما مكان الصدارة بين الأنواع الأخرى من الأثاث.
والطريف أن عودة الموبيليا النحاسية قد أعادت معها العديد من أساليب الديكور التى كانت ترتبط بها وتتلازم معها قديما كالناموسية (وهى قطعة كبيرة جدا من التُل الحرير الطبيعى أو الصناعى توضع حول السرير زيادة فى جماله وبهائه وحماية له من الناموس) والسلم الخشبى الصغير جميل الزخارف الذى يوضع بجوار السرير لاستخدامه وقت الصعود والنزول.
وعندما أراد صانعو الموبيليا التطوير فى فن الموبيليا النحاسية لتتناسب مع التطور الحالى صنعوا السرير أقل ارتفاعا من السرير القديم، حيث كان السرير القديم يقوم على أربعة أعمدة مزركشة ومزخرفة بالنقوش الجميلة، ويرتفع عن الأرض بحوالى نصف متر، والآن أدخلوا عليه بعض التعديلات فقل ارتفاعه واستبدلوا الأعمدة بأشكال وتصميمات أخرى انسيابية جميلة تتماشى مع الذوق الحديث، مع الاحتفاظ بإمكانية استخدام الناموسية وتشبيكها فى أماكن معينة بأطراف السرير.
كما أدخلوا عليها بعض الزخارف الحديثة المستخدم فيها المينا الملونة والفصوص الكريستالية الأصلية بألوانها المتعددة مع طلاء بعضها بماء الذهب وهو ما يرفع سعرها بشكل كبير.
ولإظهار جمال قطع الأثاث النحاسية الموجودة فى البيت فأنت تحتاج إلى الديكورات التى يدخل فى تكوينها النحاس والزخارف المعدنية وعناصر الديكور التى تتماشى مع طبيعة الأثاث النحاسى.