الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أبحاث العودة من الموت


ماذا يرى الشخص الذي مات لمدة خمس دقائق ثم عاد إلى الحياة ؟.. اهتم علماء في دول كثيرة بدراسة هذه الفترة من خلال متابعة مرضى مروا بسكرات الموت وماتوا بالفعل ثم عادوا إلى الحياة ليصفوا ما حدث لهم. هذا الموت المؤقت يحدث نتيجة التوقف التام للقلب والتنفس والمخ أثناء عملية جراحية أو سكتة قلبية.. وتتكرر في منطقتنا حالات مشابهة وأحيانا عودة أفراد بعد دفنهم، لكن لم يخضع أي منهم لأبحاث من هذا النوع.

أول من لفت الانتباه إلى هذه الظاهرة طبيب فرنسي في القرن الثامن عشر، إلا أن البحث العلمي الجاد لم يبدأ فيها إلا عام 1975، وخلال الفترة ما بين 1975-2005 تم دراسة 3500 حالة في أمريكا وأوروبا وآسيا، والدراسات مستمرة، وهناك 55 عالما وفريقا متخصصون في هذا النوع من الأبحاث حاليا.

من الثابت في العقيدة الإسلامية أن الروح تخرج وتمر بمرحلة انتقالية ما بين الحياة الدنيا والآخرة تسمى حياة البرزخ، وهذا متفق عليه، لكن تفاصيل ما يحدث فيها موضع خلاف بين الفقهاء بسبب بعض الأحاديث الضعيفة والموضوعة فيها، بدءا من طريقة خروج الروح ودور ملك الموت وما يحدث في القبر.. أحداث كلها غموض، وأبرزها عذاب القبر الذي يؤمن به الكثيرون، بينما أنكره الشيخ الشعراوي في تسجيل له متاح على اليوتيوب.. 

بعد دراسة الكم الهائل من الحالات التي ذكرناها، إضافة إلى 42 متطوعا وافقوا على خوض التجربة، نعرض ما مروا به ويحدث في حالة الموت المؤقت: 

1- يدرك الشخص أنه مات وخرج من جسمه ويراه عن بعد 2- يمر بنفق ويندفع في ظلام ونور 3- يحس براحة نفسية كبرى ويحس بالصعود إلى أعلى في الهواء 4- يشعر بالسعادة ولا يرغب في العودة إلى جسمه مرة أخرى 5- يتحلل من الزمان والمكان ويرى ملخص حياته أمام عينيه 6- يرى مخلوقات ضوئية بعضها يرتدي الزي الأبيض 7- يقابل أقارب له ميتين 8- فجأة، يجد نفسه داخل جسمه مرة أخرى وعاد إلى الدنيا!.. ولم ير الذين حاولوا الانتحار وفشلوا، مشاهد تختلف عن غيرهم.. هذه النتائج تؤكد بوضوح أن المعرفة ليست مقصورة على عالمنا المرئي فقط، بل وراءه عوالم أخرى لا نعرف عنها شيئا.

سبب الاهتمام العالمي بهذه الظاهرة أنها تحدث بعيدا عن وعي الشخص وثقافته وعقيدته وحتى عند الأطفال بدءا من عمر 3 سنوات، وبما أن الوعي والذاكرة تكونان صفرا ورسم المخ صفرا وحدقة العين متسعة وثابتة، فإن هذا يعني الموت المؤكد والاتصال بالعالم الآخر ورؤية بدايته.. وتأكيد الظاهرة من خلال الدراسات على الأطفال كان مفيدا ومهما، قبل أن يتلقى أي منهم تعليما أو يكتسب رصيدا دينيا محددا، حيث أدلوا بأقوال تشبة أقوال الكبار، مع إضافات بسيطة كرؤية حيوانات أليفة يحبونها وشخصيات لا يعرفونها.

وبدأ العلماء يتساءلون: كيف لشخص فاقد للوعي قلبه ومخه ورئتاه متوقفون عن العمل، كيف له أن يرى ويتذكر ويشرح ما رأى، ويصف "من علو" غرفة الإنعاش والعاملين فيها وهم يتجمعون حوله ويحاولون إنقاذه ويتعجب: ماذا يفعلون؟.. 

صيغت أكثر من عشر نظريات لتفسير تلك الظاهرة لا يتسع المجال لعرضها هنا، واستبعدوا أن يكون ذلك نوعا من الهلوسة.

المعارضون يقولون أن ما يحدث في هذه الفترة قد يكون محاولة من المخ لمقاومة الموت وإثبات أنه لا يزال حيا حتى لو توقفت الكهرباء فيه، وزعموا أن هناك أدوية مثل "داي إثيل تربتامين" تسبب هلاوس مشابهة، لكن هذا مردود عليه، فهؤلاء لم يتعاطوا هذا الدواء، ولكي تحدث الهلاوس لا بد لها من مخ نشط ويعمل.

بعد عودة هؤلاء المرضى إلى الحياة تمت متابعتهم ولوحظ تغير كبير في أسلوب حياتهم. طرأت عليهم تغيرات كثيرة مثل زيادة الإدراك والفطنة والبصيرة والروحانية وعدم الخوف من الموت والرغبة في التعلم وحب الناس والانغماس في أعمال الخير، وحتى الأطفال الذين مروا بهذه التجربة ظهر عليهم سلوك مشابه، أصبحوا أكثر نضجا ويكرهون العنف ويحبون العمل العام.

ومع أن المخ يكون متوقفا تماما كما ذكرنا، لكن هناك لغزا ما زال يحير العلماء، فقد لوحظ أن للعقيدة دخل في أقوال من خاضوا التجربة، فالمسلم والمسيحي والبوذي أضاف كل منهم معلومات زائدة تخص ديانته ولم يذكرها غيره، في لحظة كان الجميع فيها فاقدا تماما للوعي! 

للوصول إلى تصور واضح لهذه الفترة لا بد من البحث العلمي الجاد والانفتاح على الأمم الأخرى لنصل معهم إلى فهم مشترك، فالجدل وحده لا يقود إلى حقائق علمية، وياحبذا لو تعاون علماء الدين وعلماء الطب على برامج عمل وأبحاث موحدة لكشف المزيد عن تلك الفترة الحرجة التي تنتظر كل إنسان.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط