الولائم.. طقوس سيناوية تتوارثها الأجيال.. والترابط الاجتماعي كلمة السر

الولائم هي "طقوس سيناوية" تتوارثها الأجيال القبلية والحضرية، كي يسود السلام الاجتماعي بين العائلات والقبائل والتي وتعتني بها، خاصة عند إشهار حفلات الزفاف بحضور عدد كبير من الأهالي الذين يتوافدون لتقديم التهاني، وليس بالضرورة من الأقارب فقط.
ويتمسك أبناء شمال سيناء بعادة الولائم في المناسبات والأعياد والأفراح وأهمها، ولائم شهر رمضان " والتي تنتشر فى مجالس بدو سيناء خلال الشهر الكريم .. ويحرص البدو على نحر الذبائح ودعوة الأقارب وتوزيع اللحوم على الأرحام.
ويقول "عبد المنعم رفاعي"، أحد أبناء الشيخ زويد بشمال سيناء، إن هذه العادة لا يزال أبناء سيناء متمسكين بها، ويطلقون عليها اسم "رحمة"، وأن كل شخص يقوم بنحر الذبائح , ويدعو للوليمة ,كل أرحامه من بناته وأخواته وعماته.
وأشار إلى أن هذه اللقاءات تشهد كلمات الثناء المتبادلة بين الحضور، والتأكيد على الدور الكبير للقيادات الطبيعية ومشايخ القبائل والقضاة العرفيين، أو عند حضور شخصيات ذات مقام رفيع، خاصة عند حل الخلافات التي تقع بين القبائل، والتي يتدخل فيها قيادات لحل النزاع القائم من اجل ان يسود السلام الاجتماعي بينهم .
وقال الشيخ حميد منصور من بئر العبد ، "إن الرحمات تقرب بين الأهالي والأرحام، والبدو فى سيناء، يعتبرها جزءًا من حياته خاصة خلال رمضان، ولذا فإن القبائل في سيناء يغرسون فى أطفالهم توريث هذه العادة، حتى لا تنقرض، حتى تتواصل هذه العادة لأن الطفل يشعر بأهمية ما يحمله من هدايا لأقاربه .
ويقول حسن سلامة "باحث في التراث السيناوي"، إن نحر الذبائح عادة لا تزال جارية فى مجالس بدو سيناء، فهم يحرصون عليها بشكل يومي، للتقرب الى لله ضمن صدقات إفطار صائم.
وعن أنواع الولائم، أكد أن مائدة العرب قبل الإسلام، ذكرها محمود شكري الألوسي، في كتابه بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب و منها :
- وليمة الخُرس: تتمثل هذه الوليمة في الطعام، الذي يُصنع لسلامة المرأة من الطلق في النفاس «الولادة».
- ولائم الأفراح "طقوس سيناوية" تتوارثه الأجيال القبلية والحضرية، وتعتني به، خاصة في إشهار حفلات الزفاف بحضور عدد كبير من الأهالي الذين يتوافدون لتقديم التهاني و ليس بالضرورة من الأقارب فقط.
العَقيقة: تكون هذه الوليمة على رأس الصبي حين يولد، وسميت الشاة التي تذبح عنه عقيقة؛ لأنه يحلق عنه ذلك الشعر عند الذبح، إلا أن الإمام أحمد أنكر ذلك، وقال: «إنما العقيقة الذبح نفسه».
وليمة الوَكيرة:بفتح الواو وكسر الكاف، وبعدها ياء مثناة من تحت، وهي لإحداث السكن، مأخوذة من الوكر وهو المأوى والمستقر، ولا تزال هذه الوليمة مستمرة حتى الآن.
وليمة العذير:تختص هذه الوليمة بالدعوة للختان، وقيل «للطعام الذي يطعم في الختان إعذار، وقديمًا كانوا يختنون لسن معلومة، فيما بين 10 و15 عامًا».
وقال ابن الحاج المالكي في المدخل: إن السُنة في الختان للذكور إظهاره، وفي ختان النساء إخفاؤه، أي أن وليمة الختان مع الذكور.
وليمة المأدبُة:وتتم هذه الوليمة من منطلق الضيافة التي تعمل بلا سبب، وسميت مأدبة لاجتماع الناس لها؛ لأنها تقع على كل طعام يُصنع، ويدعى عليه الناس وخصوصًا الأصدقاء.
وليمة النزل: هي الإطعام لمن ينزل عليك لضرورة.
وليمة الأخوة: يستدل عليها من حديث وراه البخاري عن أنس، حين قال: آخى النبي (ص) بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع، وقال له: «أولم ولو بشاة».
وليمة الفرع : تقدم مع أول نتاج للناقة؛ حيث كان يتم ذبح أول نتاج للناقة لطواغيتهم، فنهى رسول الله (ص) عنها، فإن ذبح المسلم أول نتاج لوجه الله، وتصدق بلحمه ولو مطبوخًا لم يمنع منه.
وليمة الأملاك: تقدم هذه الوليمة عند النكاح أو الزواج، وترتبط بالدفوف وإعلان الزفاف.وبدوره قال ياسر صادق، مدرس بمنطقة جنوب العريش، إنه جاء من محافظة المنيا للعمل فى العريش، وانتقل لمدرسة فى قرية جنوب العريش، وشاهد كيف يعيش البدو أيام رمضان بشكل مختلف، وأن زملاءه من أبناء المنطقة كانوا حريصين على استضافته عند عمل وليمة ، وفيها تبرز ملامح الكرم وطرق التقرب لله بكل بساطة، حتى أنهم يقفون على الطريق السريع المار بجوار القرية لحث المسافرين على النزول والإفطار معهم فى المجلس.
وأشار محمود عيد، أحد تجار الأغنام بسوق العريش، إلى أن أسعار الماعز والخراف تزيد خلال المناسبات او الاعياد خاصة خلال شهر رمضان، ويقبل على الأهالى شراء "البلدى" من بينها، نظرًا لاختلاف طعمه، وتتراوح أسعار الماعز بين 1500 جنيه وتزيد عن 2500 للخراف .
وأوضح، أن تجارة الغنم تنشط بشكل كبير فى أسواق العريش وبئر العبد، ، وبعضهم أصبح يعتمد على حضور جزارين للمنازل لتجهيزها، ومن أصبح من بينهم يسكن المدن يجهزها فى أماكن الجزارين المنتشرة بالعريش.
ويقول الطاهي الشهير بأبو حسن المتخصص في عمل ولائم المناسبات، إنه يتم التحضير قبل انعقاد الفرح بأيام، من خلال اتفاق مع صاحب الفرح فيه يتم تقدير عدد الضيوف وكمية الطعام والمستلزمات التي يجب شراؤها من الأسواق .
واشار الي انه يتم تقطيع اللحوم بهيئة مناسبة , لطهيها في أوان كبيرة تسمى "القدور" والطهي يكون على نيران الحطب . ولا يتم إضافة أي شئ للحوم سوى المياه و الملح، وبعض الأهالي يفضل إضافة " حب الهيل " أو الحبهان وكذلك البصل لإعطاء نكهة للطعام .