الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أوجاع اللاجئين وآلامهم


ستظل قضية اللاجئين والمهاجرين أحد أهم تحديات هذا القرن، فحركة اللاجئين والمهاجرين حركة التاريخ والواقع، ولن تتوقف يوما، وبرغم أن النزوح والهجرة قديمة قدم الإنسانية، لكنها لم تكن أبدا بهذا الألم والمهانة لمن يترك أرضه ويبحث عن الآمان في بلد آخر، فتتعدد الأسباب؛ لكن الهجرة واللجوء واحد، إما بسبب الفقر أو الحروب الأهلية أو بسبب الصراعات الإثنية والعرقية والدينية، وهذه أحداث لا تتوقف أو تنتهى، فما أن تخفت في مكان حتى تظهر أكثر اشتعالا في مكان آخر.

المأساة في ازدياد، فهذا العقد الثاني من هذه الألفية أصبح يضم العدد الأكبر في التاريخ، وذلك بحسب ما أعلنته الأمم المتحدة أن عدد اللاجئين والنازحين نتيجة النزاعات في العالم بلغ 68,5 مليون شخص عام 2017 في رقم قياسي جديد للسنة الخامسة على التوالي، وهذا معناه في الإجمال أن شخصا من أصل 110 في العالم هو نازح، ومن هذا العدد هناك 25 مليونا من اللاجئين فروا من بلادهم هربا من النزاعات والقمع.

أما جنسيات هؤلاء اللاجئين، فإن المأساة هنا في هذا الشرق المتوسط الرهيب الذي أحمرت خرائطه بالدماء، نتيجة الصراعات والحروب والفقر، فخُمس اللاجئين تقريبا من الفلسطينيين، أما الباقون، فغالبيتهم من خمس دول فقط هي سوريا وأفغانستان وجنوب السودان وبورما والصومال، فإفريقيا والشرق الأوسط استحوذ على نصيب الأسد من هذه المأساة.

وتاريخيا تمتعت مصر بمكانة كبيرة ينجذب إليها الكثير من مختلف الجنسيات، فكانت دائما بلدا حاضنا لعدد كبير من أبناء الجنسيات المختلفة بمن فيهم طالبو اللجوء، فمن أشهر من هاجر إليها في منتصف القرن التاسع عشر كان الشوام وخاصة اللبنانيين، واستقروا في القاهرة والمنصورة ودمياط، وكان لهم دور كبير في الحركة التجارية فضلا عن الحركة الثقافية، وكان ذلك بسبب المذابح العثمانية، التي لم تتوقف أيضا لتشهد مصر أيضا لجوء الأرمن إليها هربا من مذابح العثمانيين عام 1915، ولجوء الفلسطينيين عقب النكبة 1948، أبناء السودان في أعقاب الحرب الأهلية عام 1983، العراق بدءا من التسعينات وغزوها في 2003 بالحرب، ومؤخرا والحرب في سوريا واليمن، ويبدو أننا والعالم في انتظار المزيد في ظل الأحداث التي لا تتوقف

خلال الشهر الفائت كان هناك حدثان مهمان ولافتان في مصر فيما يتعلق بأوضاع اللاجئين، الأول، كان حلقة نقاشية في مؤسسة طابة للأبحاث والاستشارات التي يرأسها الحبيب على الجفري وحملت اسم " قضايا اللاجئين.. تحديات وإشكاليات الواقع" حيث هو برنامج الزكاة الذي تم إطلاقه لمساعدة اللاجئين في الأردن ولبنان بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، من أجل توفير مسار موثوق وفعال لأداء الزكاة وضمان وصول كامل أموال الزكاة إلى أسر اللاجئين الأشد عوزًا وحاجة. 
 
كما سلطت الحلقة الضوء على معاناة اللاجئين في مصر والعالم، وأنهم دائما وأبدا يواجهون إشكاليات قانونية تعوقهم عن معرفة حقوقهم، فضلا عن إشكاليات العودة والدمج، وأن الكثير من اللاجئين يتخذون هذه الدول منطقة عبور لأوروبا ولكن نظرا للمتغيرات الإقليمية قد يستقر بهم الحال في بلد العبور، لكن دون الحصول على حقوقهم، وفي هذه الأثناء فإن اللاجئين يتعرضون للنبذ والعنصرية في كل دول العالم بسبب أن الأوضاع المعيشية أوضاع صعبة وقاسية وأنه لابد من تضافر جهود المجتمع المدني للتخفيف من أزمات السكن والتعليم والصحة، وقبل ذلك كله الدعم النفسي، وهو المفتقد جدا في منطقتنا العربية.

أما الحدث الثاني وهو الأهم فكان اجتماعات الدورة الـ64 للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، وفيه قدمت مصر رؤيتها لأوضاع اللاجئين، من خلال وفد رفيع المستوى ضم الوزير عمر مروان ومحمد فايق ومايا مرسي وغيرهم، حيث كانت كلمة مصر معبرة، ومؤكدة أن التاريخ سجل أن مصر كانت من أوائل الدول التي ساعدت حركات تحرر الشعوب في العالم بصفة عامة، وفي قارتها الإفريقية بصفة خاصة، وأنها ساهمت بجهودها المادية والمعنوية في تكوين المؤسسات الإفريقية السياسية، وبناء التكتلات الإفريقية الاقتصادية، وإنشاء الآليات الإفريقية للدفاع عن حقوق القارة وشعوبها وأفرادها، وأن مصر تستضيف عدة ملايين من اللاجئين من دول مختلفة، تكفل لهم التعليم والسكن والانتقال والعمل، فضلًا عن حصولهم على كافة الخدمات التي يتمتع بها المواطن المصري من غير عزلهم في معسكرات.








المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط