البلاك بلوك .. ومن يحرضونهم

هناك فرق بين أن تعارض الرئيس أو الحكومة وتتظاهر سلميا ضد النظام الحاكم - وهذا حق للجميع - وبين أن تعمل على هدم وإسقاط الدولة وتقديم غطاء سياسى أو إعلامى للمجرمين الذين يعيثون فى الارض فسادا وحرقا وتدميرا وترويعا للآمنين .
التظاهر السلمى والاعتراض على الرئيس والحكومة والسعى لازاحة الرئيس وحكومته عن السلطة بالطريقة الديمقراطية ومن خلال صندوق الانتخابات حق مشروع ، وتنظيم المظاهرات السلمية للاعتراض على سياسات لا تعجبنا والضغط على السلطة الحاكمة للتراجع عن قرارات او تعديل سياسات خاطئة حق مشروع ، اما ارتكاب العنف واستخدام المولوتوف والخرطوش وقطع الطرق والسكك الحديدية واقتحام الاقسام وحرق المؤسسات العامة والخاصة وترويع المواطنين على الطرق وداخل مترو الانفاق والاصرار على هدم مؤسسات الدولة خاصة جهاز الشرطة ، فان ذلك كله لا يمت بصلة لا لحق الاحتجاج السلمى ولا للثورة ، بل على العكس فهذه الافعال الاجرامية تسىء الى الثورة السلمية وتتناقض معها وتمثل انقضاضا عليها .
ولا اعتقد ان اى مواطن لديه ذرة حب واخلاص لبلده ، بل لا اعتقد ان اى انسان سوى ، يمكن ان يقبل او يشجع هذه الاعمال الاجرامية التى لا بديل للتعامل معها ومن يشجعونها الا القانون كوسيلة لردع هؤلاء وتقديمهم للمحاكمة للقصاص منهم على ما ارتكبوه فى حق المجتمع من جرائم .
ان ظهور وانتشار ما يسمى بمجموعات البلاك بلوك الملثمين واستخدامهم العنف والحرق والتدمير طريقا لهم ، يمثل تهديدا ليس لنظام الحكم فقط ، بل للشعب المصرى كله ، بما فى ذلك من يحرض ومن يشجع ويروج لهؤلاء ، ويحاول تقديمهم على انهم ثوار ، وهم يظنون ان عنف هؤلاء لن يطالهم ولن يكتوون بناره اذا استمرت وتصاعدت هذه الظاهرةالخطيرة .
للأسف بعض السياسيين ، وبعض القوى السياسية ، لا تتورع فى سبيل ازاحة النظام الذى تعترض عليه عن توظيف اى وسيلة حتى لو كانت جماعات مجهولة ملثمة مخيفة تهدد المجتمع كله ، ان هؤلاء يعملون بمبدأ هدم المعبد على ما فيه ومن فيه .
والغريب ان هؤلاء يعلنون فى تصريحاتهم العلنية تمسكهم بسلمية التظاهر ، لكنهم لا يدينون بشكل صريح ولا يتبرأون من هذه الجماعات الارهابية التى تهدد المجتمع كله ، وحتى لو كان البعض لا يدعم بشكل صريح هؤلاء الارهابيين ، فانهم باصرارهم على الشحن المستمر والدعوة لنزول الناس للشارع - فى ظل هذا الاحتقان والتوتر الخطير - يوفرون الغطاء السياسى لهم ، وكان الاولى بعد ان تبين ان مصر كلها فى خطر الوقوع فى قبضة البلطجة والارهاب ان يعلقوا ولو لمدة اسبوعين فقط المظاهرات حتى ينكشف هؤلاء المجرمين الذين يستغلون مناخ التظاهر للتدمير والحرق والترويع .
وامتد الأمر الى حد افساح المجال لهؤلاء للظهور على شاشات الفضائيات وتبرير جرائمهم دون الافصاح عن وجوههم ولا بياناتهم ، وهذه سقطة اعلامية ومهنية ، علاوة على ما تمثله من خطورة على المجتمع كله .
مرة اخرى لست ضد المظاهرات السلمية ضد الرئيس ونظامه بهدف الضغط عليه للعدول عن اى سياسات خاطئة ، ولست ضد محاولة الاحزاب والقوى السياسية للوصول للحكم عبر الطرق المشروعة ، فهذا حقها ، وهذه هى الديمقراطية ، ولا يمكن ابدا العودة لعصر تقديس الحاكم او تحصينه ضد النقد والاعتراض ، لكن هذا لا علاقة له ابدا بتشجيع الاجرام وتقديم الغطاء السياسى والاعلامى للمجرمين ، فهذا لا علاقة له بالسياسة ولا حرية الاعلام ، وسيكتوى هؤلاء بنار المجرمين ، وسيكون حسابهم عسيرا امام الشعب .