الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لم ينقذ المدينة غير اللصوص.. قصة الإشعاع الذري الذي استعان محافظ القليوبية بـ "السوابق" لمنع كارثته

خطر الإشعاع - صورة
خطر الإشعاع - صورة أرشيفية

على مدار أيام ولم يتوقف الحديث عن النجاح الكبير الذي حققه المسلسل الأمريكي الجديد "تشرنوبل"، والمكون من 5 حلقات، باعتباره يستعرض القصة الحقيقية لواحدة من أسوأ الكوارث البشرية في التاريخ، وهي كارثة محطات تشرنوبل النووية، الواقعة في أوكرانيا عام 1976م، والتي كانت تتبع وقتها الاتحاد السوفيتي قبل انهياره.

المسلسل الذي بدأ عرض أول حلقاته في شهر مايو الماضي، استطاع أن يكون حديث العالم، لما يحكيه عن دور الرجال والنساء المكلفين الذين تم تكليفهم بتنظيف المنطقة وتغطيتها من أثار الإشعاع النووي، استطاع أيضا أن يخلق حالة من الجدل داخل مصر ويعيد للأذهان حادثة الإشعاع الذري التي وقعت في محافظة الدقهلية.

الحادثة المصرية تعود إلى عام 2009 حينما كشف عنها المستشار عدلي حسين الذي كان يشغل منصب محافظ القليوبية في هذا التوقيت، خلال كلمته في مؤتمر إدارة الأزمات الذي عقد في مجلس الوزراء، لكن الغريب في تلك القصة هو التعامل مع تلك حل مشكلة الإشعاع والذي لم تفلح حيل منع ضرره إلا بمساعدة "اللصوص".

بداية الأزمة، كانت بظهور حالة مرضية تعاني من جروح جسيمة في كف اليدين وأسفل الإبط، وباءت كل محاولات علاجها بالفشل، في قرية «ميت حلفا» التابعة لمركز قليوب بمحافظة القليوبية، ولم ينجح الأطباء في التوصل إلى تشخيص نهائي لتلك الحالة، حتى أصبحت تزداد سوءا كل يوم تلو الأخر، مما جعل تلك الحالة تحظى باهتمام المسئولين في المحافظة ووزارة الصحة خوفا من أن يكون وباء قد ينتشر بين أبناء القرية بأكملها.

تعددت اللجان الصحية لمتابعة أسباب وتداعيات تلك الحالة المرضية «الغريبة»، لكنها باءت جميعها بالفشل، والتي كان من بينها السؤال عن طعام غريب تناولته تلك الأسرة، حتى تم إخبارهم أن الأسرة اشترت طعاما من منطقة سوق إمبابة، وعلى الفور تم إرسال لجنة لمنطقة السوق والتي لم تتوصل إلى شيئ قد يكون سببا في تلك الحالة المرضية.

وكلما مر الوقت كلما ازدادت الحالة سوءا، وفي إحدى المكالمات الهاتفية بين «المحافظ» وعمدة القرية، للإطمئنان على أخر ما توصلت إليه نتائج الكشف عن المرض الغامض، أخبر عمدة القرية محافظ القليوبية أن الأسرة تنتظر النتائج وتواصل عملها لاستكمال بناء منزل لأحد أبنائها الذي يقضي فترة الخدمة العسكرية، حتى تبادر لذهن المحافظ عن وجود بعض أنواع الأرمال التي تحوي على إشعاع وقد تكون هي سبب تلك الأزمة.

لم يدم الوضع كثيرا حتى طلب محافظ القليوبية وفدا من هيئة الطاقة الذرية لمسح أنواع الرمال الموجودة في منزل تلك الأسرة، وخلال عملية الفحص للمنزل أثبت وفد «الهيئة الذرية» براءة الرمال من الإشعاع، لكن اكتشف كارثة وجود كرتونة مغلقة أعلى الدولاب يخرج منها كميات كبيرة من الإشعاع ولا يمكن لأحد الاقتراب منها إلا بعد صبها بالرصاص للحد من ضرر هذا الاشعاع.

وبسؤال الأسرة عن العلبة الكرتونية تبين أن بها قطعة يشتبه في أنها قطعة ذهبية وجدها أحد أبناء الأسرة خلال أعمال حفر المنزل، والتي تبين فيما بعد أنها جهاز إشعاعي فقده أحد عمال البترول في تلك المنطقة منذ فترة، وبعدها لم يجد محافظ الدقهلية إلا الكمية المطلوبة من مادة الرصاص لصب تلك الكرتونة لوقف ضررها الإشعاعي.

«عايزكم في حاجة إنسانية وعارف انكم قدها وقدود» ليست رسالة لأبطال معارك أو خبراء متخصصين في الطاقة الذرية، لكنها رسالة بعث بها محافظ القليوبية وقتها إلى اللصوص والمسجلين في المحافظة عن طريق الشرطة، لسرقة وجمع مادة الرصاص و سرقة أغطية البالوعات التي تحتوي على تلك المادة، والذين سرعان ما تمكنوا من جمع 100 كيلو من مادة الرصاص.

أخل وفد هيئة الطاقة الذرية المنازل المجاورة وعمل على صهر مادة الرصاص وصبها على الكرتونة لوقف خطر الإشعاع، والذي كان يهدد أهالي تلك القرية، ونجحت عملية التخلص من الإشعاع الذري بفضل ما قدمه اللصوص من سرقة مادة الرصاص.