الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إبراهيم عطيان يكتب: المجري الجزء الخامس‎

صدى البلد

بدأ نادر يغض الطرف عن حلم السفر في الوقت الحالي حتى يتسنى له البقاء بجوارها

مدة أطول، ينهل من معين حبها وفيض حنانها ؛ ما استثار حفيظة الأستاذ محمود

أحد أصدقائه في العمل ذلك الرجل الذي يهتم كثيرًا بنادر ويكترث لأمره

فهو شخص هو عطوف يهتم بمشاعر الآخرين ورغباتهم،

ويسلك مسلكًا رحيما تجاه من يعرفه ومن لا يعرفه ، محب لأصدقائه وخصوصًا نادر

الذي يعتبره أحد أبنائه وهذا ما دعاه لسؤاله عن سبب إهماله الملحوظ لفكرة السفر خلافًا لما كان عليه من قبل ، رغم علم الرجل بما يجول في عقل نادر ، وما يشغل فكره .

يحدث أحيانًا أن نبني أمالًا وطموحات، نرغب في تحقيقها ثم نقوم بأشياء تدعم خطواتنا نحوها فنزداد حماسًا وثقة ونهتم بأن نحصل على ما نحبه

لكننا في النهاية قد نجبر على التخلي عن تلك الطموحات.

وهذا ما حدث بالفعل عندما تخلى نادر عن فكرة السفر نهائيًا حتى لا يفارقها بعدما شغلت فراغًا كبيرًا في حياته ، فأخبرها بقرار البقاء بعدما أصبح يصحو على دقة هاتفها

ولا ينام إلا على صوتها .

بينما تغمر السعادة قلب بسمة التي تمني النفس ببقائه بجوارها .

لكن الرياح دائمًا تأتي بما لا تشتهي السفن ؛
فقد أنهى صديقه طارق الذي يقيم في أوروبا جميع الإجراءات التي كان قد بدأها

من قبل كي يلحق به نادر الذي استقبل الخبر بصدمة وكأنه لم يكن أبدًا حلم الماضي!!
لكنه سافر لأوروبا مودعًا بسمة بعدما اتفقا معًا على كل شيء ‘

بينما نادر يسابق الزمان ويتحدى الصعاب ‘يواصل الليل بالنهار ‘يعمل بكل طاقته
حتى يتمكن من العودة سريعًا. كان صوت بسمة هو الدافع للاستمرار ومواصلة المشوار
كانت دائمة الاتصال به في كل الأوقات ‘لم تترك له فراغًا في غربته إلا وشغلته كما كانت
وكأنها معه ولم يفارقها ‘ كلماتها الرقيقة ووعودها كانت هي الدواء الذي يسكن آلامه
في أصعب الظروف. وفي الوقت الذي قرر نادر فيه العودة للوطن :
يجد أن الاتصالات من جانب بسمة بدأت تقل بشكل ملحوظ!!

حتى ردها على هاتفه لم يكن بتلك الحرارة التي تعود عليها من قبل.

فبدأ ينتابه القلق بشأنها!
كلما سألها عن سبب التغير والبرود الذي يلاحظه أجابته بأنه لا شيء، أنا على ما يرام!!
لا تقلق بشأني ... فقط اعتني بنفسك جيدًا.

لكنه لم يصدق ما يسمعه من عبارات الطمأنينة التي تحاول أن تبثها في عقله وقلبه،

حتى بدأت تحدثه بكل صراحة عن كونها لا تناسبه !!
تخبره بأنها لا تستحقه !

قائلةً : أنت أفضل مني بكثير ، وأنه من الأفضل أن نبتعد .

تعددت العبارات والألفاظ لكن يبقى المعنى واحد ،

فيسألها نادر عن الأسباب لكنها ترفض الحديث في هذا الأمر !!
بدأ نادر يشعر بشيء من الحيرة ، فأخذ يفكر ويفكر ..
حتى اهتدى لفكرة ربما يعرف من خلالها سبب هذا الحديث الغامض حتى يطمئن قلبه..
فتذكر صديقتها التي كانت تلازمها دائمًا ربما تعرف شيء ..

بالفعل أخبرته بأنها مقبلة على الزواج !!
وأنه من الأفضل أن ينساها بشكل نهائي ...

هنا أدرك نادر أنه من الحكمة أن يستمر في أوروبا
لفترة أطول حتى ينتهي كل شيء .... لكن شعورًا غريبًا بدأ يتملكه !!
بدأ يشعر بوجود علاقة قوية تربط بينه وبين تلك المطبات الهوائية ؛
فكلما تعلق في هوى فتاة غادرته !

لذلك قرر أن يعيش حياة جديدة لم يألفها من قبل ..

وجد نادر أنه من الأفضل أن يقطع عهدًا أخر ليخرج به من تلك الحقبة البائسة
ينهي من خلاله مسلسل الصدمات والإخفاقات العاطفية التي تلاحقه بشكل مخيف !!
أدرك أنه يجب أن يأخذ على قلبه عهدًا بأن لا يقرب الحب مرة أخرى،
وأن سبيله الوحيد للنجاة هو اعتزال الحب حتى يتفادى تلك المطبات التي تلاحقه.
بدأ يتعرف على الحياة من الجانب الأمن بعيدًا عن ما يسمى بالحب .

ترك الإبحار في محيط الهوى وأمواجه التي لا تهدأ ، تخلى عن التحليق في سماء طالما عبثت في وجهه بعدما اعتقد بأن ملاذه الوحيد هو أن يحيا بلا قلب.

أن يقتلع جذور الحب الممتدة في أعماقه ...