الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شباب يِفرح!


يزداد إيمانى يوما بعد يوم بقيمة الشباب إذا ما توفرت الرغبة الصادقة فى بناء أى مجتمع .. وإقامة دولة متقدمة .. وصناعة أمة واعية وعفية .. ويترسخ الإيمان إلى درجة العقيدة عندما تظهر أمامنا نماذج مبهرة وصور مضيئة لفصيلة من البشر تحارب الفقر بالعطاء، وتعالج المرض بالرحمة، وتساعد الضعيف بمنحه مقومات القوة والصلابة .. وأقصى ما تنتظره هذه الفئة هو احترام الجهد وعدم عرقلته لا تذليل العقبات أو المساهمة من أهل المسئولية والقرار!.

ورصدت العين نشاطين يجسدان فى روعة ونبل طائفة من شباب مصر تخلت عن السلبية والحياة التقليدية من أجل تخفيف أعباء البؤساء ورسم البسمة على شفاه البسطاء .. فقرأنا عن "ثلاجة الخير" لفريق "بسمة" للإيواء فى محافظة الشرقية، وشاهدنا محتوياتها من الطعام والشراب واحتياجات أكثر الأسر فقرا وإرهاقا.

فى مبادرة تهدف إلى إعانة عمال اليومية في الشوارع، وتوفير المأكل والمشرب مجانا .. وبمجرد أن تسأل عن مصادر تمويل هذه المشروعات، تنطلق إجابة "الجهود الذاتية" و"الصدقات الجارية" .. فهل هم متسولون؟! .. قطعا لا .. وإنما يسارعون إلى تطهير المجتمع من "جراثيم" الفساد المالى والسياسى التى تراكمت على مدار عقود، وأفرزت آلاف الفقراء وذوى الأجساد العليلة .. ولم يتردد شباب الزقاريق فى النزول إلى الشارع واختراق الأزقة والحارات لالتقاط الأسر التعسة وتكريمهم بحياة أفضل .. وبلغت جهود الشباب آذان المحافظة وتجاوب المسئولون مع مشروع "بسمة" بـ "مليون جنيه" لبناء صرح جديد لإيواء المسنين والضالين ..

 ولسنا بصدد تقييم المبلغ أو المطالبة بأضعافه مقارنة بمشروعات أخرى أقل أهمية وإنسانية .. ولكننا نتوقع من الدولة تحصين الفكرة ورعايتها على نحو أكثر عمقا وفائدة، إما بتبنى هؤلاء الشباب وتيسير إجراءات كيانهم بصورة رسمية وتحت إشراف الحكومة ضمانا لوصول هذه المبادرات الرائعة إلى أهدافها ومستحقيها .. وأبسط ما يمكن تقديمه لشباب حريص على الخدمة والبناء والتعمير هو دمجه فى السلطة والاستعانة به فى خطط التنمية السابحة فى الفضاء الإعلامى فى كل لحظة!.

وإذا كان شباب فريق "بسمة" الإنسانى قد قرر طريقه واختار اتجاهه، فما هو مطلوب من الكبار أن يقتدوا بالصغار هذه المرة ويُحسنوا التعامل مع طموحاتهم وبرامجهم التى تبغى مجتمعا ناضجا سليما من كل ما عانينا منه فى الماضى، ونتجرع مرارته الآن وغدا .. وإنى على يقين من أن شبابنا عندما حددوا هدفهم وارتضوا اختيارهم لم يربطوا الفعل بمردوده من الدولة ورجالها، فالخير مقصدهم والعدل مبتغاهم .. ورغم ذلك لا أجد مبررا للعزوف أو التلكؤ فى تسهيل مهمتهم وتسخير "جيش" من الموظفين الشرفاء لدعم المشروع إداريا وفنيا وماديا .. ولنا أن نتخيل حجم الفائدة بعد أن تتحول هذه المشروعات أو المبادرات إلى ترس فى عجلة الدولة وليس مجرد عمل تطوعى مصيره الموت البطئ مثلما حدث مع تجارب سابقة كثيرة!.

- وصورة أخرى تنفذ إلى العقل وتعدل السلوك والأخلاق من بوابة الدين، رسمتها مجموعة من طالبات البكالوريوس بكلية الإعلام جامعة الأهرام الكندية، فى مشروع تخرجهم "افهمها وعيشها" كأول منصة إعلامية إلكترونية مصرية للتسامح والحوار مع الآخر، للإسهام فى تجديد الخطاب الدينى .. ونال المشروع احترام وتقدير مفتى الديار المصرية، وقرأه أساتذة الطلبة والمشرفون، وصفق له شخصيات إعلامية وسياسية ذات وزن وثقل وتاريخ .. وهل نكتفى بذلك؟ .. إن ما يدور بخلد أبنائنا أن تحظى "المنصة الجديدة" باحتضان المؤسسة الدينية ودمجها ضمن خطة الأزهر لمحاربة التطرف والإرهاب الفكرى وتنقية ثقافتنا وحياتنا من أجواء الكراهية والكهوف المظلمة ..
 ومشروعات التخرج فرصة لترجمة الأفكار إلى واقع واستراتيجية عمل وإنتاج، ومنها تنطلق البذرة لتنمو وتثمر، وهذا هو الوقت المناسب للجلوس مع الكوادر الشابة واستلهام الطاقة منها، بل ومنحها صلاحيات ومنابر شرعية لتصحيح أشياء ومفاهيم خاطئة ومضللة، وإذا لم نعتمد أو نراهن على شبابنا فى هذا السباق، فعلى من يكون الاعتماد أو الرهان؟!.
- صدقونى يا قوم .. مع هؤلاء الشباب "اللى يفرح"، الرهان فرض .. والمكسب مضمون!.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط