الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محاسبة اتحاد الكرة الفاشل .. إذا أردنا نهوضا


مخطئ من يظن أن السقوط يحدث هكذا فجأة، فليس هناك حدث في الكون يقع دون سبب، أو بغير مقدمات، يكون هو نتيجة لها، فلو تتبع أيٌّ منا نتيجة قد حدثت له، أو فعلا قريبا له قد وقع، أو حدثا خاصا به وتأمل هذا الحدث وذلك الفعل، وذاك الحدث بعين فاحصة وعقل واع، لوصل ببساطة شديدة للأسباب الموضوعية التي أدت إلى ذلك، ولأدرك دون كثير عناء أن كل ذلك كان حتميا.

وهناك - نتيجة للخبرة أو الفطنة- من يستطيع التنبؤ بالنتائج قبل حدوثها، وذلك ليس من باب الفراسة فحسب، بل نتيجة للدرس والبحث، فكم من دراسة تنبأت بوقوع حدث، ومن بحث أكد نتيجةً قبل وقوعها، والعالم كله الآن يأخذ بالأساليب العلمية للوصول إلى النتائج التي يعمل على تحقيقها.

لم يكن السقوط المدوي لمنتخبنا الوطني مفاجأة لدى المتابعين للشأن الكروي في مصر، ولكنه كان صادما رغم توقعه، ما يعكس مدى الجرح الذي خلفه هذا السقوط في أعماق ونفوس جماهير الكرة المصرية، وأبناء الشعب المصري جميعا، الذين ينظرون - مثلهم مثل غيرهم من بقية شعوب العالم - إلى المنافسات الرياضية كساحة لرفع علم البلاد وتقديمها في صورة مثلى يزهون فيها بوطنهم بين أوطان العالم.

إن السقوط لم يكن مفاجئا، بل كان متوقعا، وإن تمنينا جميعا ألا يحدث، ولقد كان هناك من يرسل تحذيرات وتنبيهات ضمنية مرة وصريحة أخرى بهدف إيقاظ المسؤولين عن رياضة كرة القدم المستغرقين في نوم عميق، والمشغولين في مصالحهم الشخصية، والمنبطحين أمام سطوة أصحاب المال، والخاضعين لذوي المناصب.

منذ اللحظة التي تأهلنا فيها لنهائيات كأس العالم كان التخبط واضحا جليا في إدارة منظومة كرة القدم المصرية، وكأن بالمسؤولين عنها وقد حققوا أقصى ما يمكن أن يطمحوا إليه، فلم يعد لديهم أي طموح لتحقيق مزيد من الإنجازات، فجاءت نتائج مبارياتنا في كأس العالم كما يعرفها الجميع، وكانت أيضا نتيجة طبيعية لما حدث قبلها من إعداد وما صاحب بعثة المنتخب ابتداء من اختيار مكان الإقامة في الشيشان، مرورا باستقبال الرئيس الشيشاني صاحب أحد أسوأ ملفات حقوق الإنسان - في نظر الشعب الأوروبي والعالم الغربي، وتوريط نجمنا العالمي محمد صلاح في هذا الاستقبال.

كان الطبيعي - والذي بح صوتنا في المطالبة به على صفحات موقع صدى البلد وغيره من الصحف - أن يتقدم اتحاد الكرة بعد الظهور المزري لمنتخبنا الوطني في نهائيات كأس العالم بتقديم استقالته، كما كان ضروريا أن يتم معاقبة اللاعبين الذين تخلو عن الحماس، وخاصموا الرجولة، وقدموا أسوأ صورة لمصر، وجاءوا في المركز الواحد والثلاثين من بين اثنين وثلاثين فريقا شاركوا في كأس العالم، ذلك الذي كان يستوجب فتح تحقيق ينتهي بالضرورة بمعاقبة المتسببين في مثل هكذا نتيجة عار، وصياغة منظومة كروية جديدة جديرة بالتخطيط لوضع مصر في المكانة التي تستحقها، والتي يعطيها لها تاريخها، والتي تؤهلها لها قدراتها، والتي توفر لها الدولة متمثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي كل الإمكانات لتحقيق الهدف المنشود وهو رفعة مصر التي يعمل عليها طوال الوقت السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي.

ولكن شيئا من هذا لم يحدث، فظن الفاشلون أنهم في مأمن من المحاسبة والعقاب، وتخيلوا - وهما – أنهم قد أتوا بما لم يأت به الأوائل من إنجازات، فصدعوا رؤوسنا بتحقيق حلم الوصول لكأس العالم، الذي لم يكن ليحدث إلا بفضل لاعب فذ منحته لنا العناية الإلهية هو محمد صلاح.

وبدلا من أن يقدم اتحاد الكرة استقالته استمر في الاستهانة بمشاعر المصريين، وبقي على غيه، وعاش أعضاؤه في برج عاجي لا يكلفون أنفسهم مجرد النظر إلى حسرات الجماهير، ولا غضب الشعب، ولا صيحات النقاد، ولا ملاحظات خبراء اللعبة، الذين أعلنوا جميعا أن هناك أخطاء قاتلة سوف تؤدي إلى كارثة يقوم بها المسؤولون عن إدارة كرة القدم المصرية.

فشاهدنا مسابقة للدوري، لا يمكن أن نرى لها مثيلا حتى في بلاد الواق واق، ووجدنا تجاوزا في حق مصر وفي حق مؤسسة الاتحاد المصري تصل في تصورنا إلى حد الإهانة في مصر الدولة، ولم يحرك القائمون على الأمر شيئا، وسمعنا ألفاظا من مسؤولين عن أندية تخدش أحياء العاهرات!، ووجدنا المسؤولين عن اللعبة منبطحين أمام أصحاب الصوت العالي، ومن تربطهم بهم المصالح الشخصية، ذلك الذي انعكس جميعه على الجماهير فبلغ التعصب بينهم مبلغا لم أشاهده طوال نصف قرن هو مدة اهتمامي بكرة القدم المصرية.

إن خضوع المسؤولين عن فضيحة كرة القدم المصرية في نهائيات كأس العالم قبل كأس الأمم الأفريقية - التي قدمت فيها الدولة المصرية نموذجا رائعا للتنظيم الذي يضاهي تنظيم البطولات الأوروبية الكبرى – لهو أمر طبيعي، بل هو مطلب شعبي نشفي به غليل تلك الجماهير الحزينة المصدومة من ناحية، ونرسل به رسالة تحذيرية لمن يأتي بعدهم مفادها أن من يتحمل مسؤولية ولم يأت بالنتائج المطلوبة والطبيعية، فإنه سيواجه نفس هذا المصير في المحاكمة من ناحية أخرى، وتكون بمثابة إشارة لمن ليسوا على قدر المسؤولية بالنأي بأنفسهم عن خوض الانتخابات التي ربما يجيدون لعبتها جيدا، حيث لابد أن يدركوا أن براعتهم في جمع الأصوات والجلوس على كرسي الجبلاية لن تحميهم حال لم يضعوا مصر فوق كل اعتبار، وحال لم يحققوا النتائج التي تجعل المصريين يزهون بمسابقاتهم المحلية التي انتهكت على كافة المستويات، ويفخرون بمنتخبهم في كل البطولات التي يشارك فيها.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط