الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

من سجن طرة لـ السينما العالمية.. عاش هنا يوثق كفاح صلاح ذو الفقار ضد الإنجليز وأسرار زواجه من شادية وزهرة العلا.. وكواليس تهريبه السادات من السجن

صلاح ذو الفقار يلعب
صلاح ذو الفقار يلعب الكرة

فى محافظة القاهرة وتحديدًا في 5 شارع صلاح ذو الفقار "يشبك" العباسية القاهرة، عاشت الفنان الراحل صلاح ذو الفقار، التى وثق جهاز التنسيق الحضارى منزله، من خلال وضع لافتة على باب العقار، توضح تاريخ الميلاد: 18/11/1926 مكان الميلاد: المحلة الكبرى، وتاريخ الوفاة 22/12/1993. 

يأتى ذلك فى إطار مواصلة مشروع "عاش هنا"، أحد أهم المشروعات التي يشرف عليها جهاز التنسيق الحضاري التابع لوزارة الثقافة، جهوده في توثيق المباني والأماكن التي عاش فيها الفنانون والسينمائيون وأشهر الكتاب والموسيقيين والشعراء وأهم الفنانين التشكيليين والشخصيات التاريخية، التي ساهمت في إثراء الحركة الثقافية والفنية في مصر عبر تاريخ مصر الحديث. 

ولد صلاح ذو الفقار في 18 ديسمبر عام 1926، في المحلة الكبرى لأب ضابط شرطة برتبة عميد، وكان الأخ الخامس لأربعة أشقاء "محمود-عز الدين- كمال- ممدوح".

رسمت الأقدار طريقًا مغايرا لما كان يصبوا إليه ذو الفقار، حيث كان يحلم بدخول كلية الطب في القاهرة، لكن للأسف درجاته كانت أقل بثلاث درجات من المطلوب للالتحاق بها، فالتحق بكلية طب الإسكندرية، وبعد بدء الدراسة بشهرين فقط مرض والده وتوفي على أثر المرض، وكان صلاح شديد الارتباط بوالده، وطال مكوثه في القاهرة أثناء المرض وبعد الوفاة، ارتفعت نسبة غيابه عن الكلية وتم فصله . 

لم يكن أمامه سوى التقدم إلى كلية "الشرطة" بأوراقه، واجتاز الاختبارات، وتخرج "ذو الفقار"، عام 1946، من كلية الشرطة ضمن دفعة الوزراء "أحمد رشدي - النبوي إسماعيل - زكي بدر"، وعمل في سجن طرة، كما تم تعيينه مدرسًا في كلية الشرطة. 

يعتبر صلاح ذو الفقار أحد أبطال معركة 25 يناير 1952 التي ظهر فيها بسالة وشجاعة رجال البوليس ضد البريطانيين . في ذلك اليوم تم حصار قسم الشرطة الصغير المجاور لمبني محافظة الاسماعيلية من قبل قوات الجنرال " أكسهام " وكان عددهم سبعة ألاف جندي أنجليزي مزودين بالاسلحة والدبابات ومدافع الميدان.

بينما كان عدد الجنود المصريين لا يزيد عن 800 جندي في الثكنات و80 جندي داخل مبني القسم والمحافظة لايتعدي تسليحهم البنادق القديمة ، صمد رجال الشرطة في تلك المعركة وقاوموا ببسالة حتي أستشهد منهم خمسون جندي وظل ثلاثون أخرون مصابون يقاومون القصف حتي نفذت ذخيرتهم ..

وبعد انهيار جدران القسم والمحافظة طلب الجنرال" أكسهام " من الجنود والضباط الخروج من القسم رافعي الايدي مستسلمين ألا أنهم رفضوا وقرروا المقاومة لآخر قطرة دماء وصنعوا بشجاعتهم ملحمة فداء ووطنية في حب مصر وكان صلاح ذو الفقار الضابط الصغير أحد الضباط الصامدون بتلك الموقعة الشهيرة عام 1952. 

وقع الاختيار علي ملازم أول صلاح ذو الفقار لحراسة المتهم محمد أنور السادات الذى كان مشتبها فى اشتراكه فى حادث اغتيال أمين عثمان رئيس جمعية الصداقة البريطانية، الذي حكي له أنه كان ضابطًا في القوات المسلحة وتم فصله من الخدمة بسبب اشتراكه في اغتيال أمين عثمان وبعض عملاء الإنجليز.

ولمس ذلك الحديث وطنية صلاح ذو الفقار وحرك مشاعره فقام بتهريب "السادات" عدة مرات الأولي في سجن مصر العمومي، والثانية في قاعة محكمة باب الخلق للجنايات، وبالرغم من فشل الخطة في المرتين لم ييأس "ذو الفقار" وقام بتهريبه للمرة الثالثة من داخل مستشفى مبرة محمد علي الخيرية، مما أدي إلي محاكمته عسكريًا، ولكنه استطاع الخروج من تلك الأزمة التي لحقت به بسبب موقفه الشهم مع أحد الضباط الشرفاء، وذلك بعد تدخل وزير الحربية والداخلية حيدر باشا الذي طلبه ضمن مجموعة من الرياضيين للالتحاق بفريق الملاكمة بنادي الزمالك.


كان شقيقاه عز الدين ذو الفقار و محمود ذو الفقار مخرجين. وفي وقت فراغه كان يحضر أوقات تصوير الأفلام. في عام 1955، أعطاه شقيقه الأكبر "عز الدين ذو الفقار" دور بطولة في فيلم "عيون سهرانة"، اتجه للتمثيل وقدم أدوارًا صغيرة في فيلمي «ليلة فرح» و«حبابة»،تعد انطلاقته الكبرى في عام 1956 بظهوره في «عيون سهرانة»، والذي جسد فيه دور ضابط شرطة، أنتج عددًا من الافلام من بينها: "أريد حلا"، ، عن رواية الكاتبة حسن شاه، وهو الفيلم الذى أسهم في إجراء تعديل قانون الأحوال الشخصية . 

وخلال مشواره الفني الذي بلغ 250 فيلما و70 مسلسلا، وعددا من المسرحيات، كون الفنان "صلاح ذو الفقار" ثنائيًا مع الفنانة شادية، ولعب معها العديد من الأفلام الكوميدية والرومانسية - وجمعت بينهما قصة حب طويلة توجت بالزواج - وهي: "أغلى من حياتي، كرامة زوجتي، عفريت مراتي، ومراتي مدير عام". 

تزوج الممثل صلاح ذو الفقار اربع مرات كانت زوجته الاولى هى نفيسة بهجت وكانت على صلة قرابة به ومن رائدات العمل الإجتماعي وقد تزوجها في عام 1947 وبعد الخلافات قررا الإنفصال شكليا من دون أن يتم الإنفصال الرسمي خصوصًا أنها ام ابنائه المهندس أحمد والمحامية منى ، وأثناء تصويره فيلم "رد قلبي" تعرف على الممثلة زهرة العلا واثناء مشهد زواجهما بالفيلم طلب منها ان يتزوجها في الحقيقة وهو ما حدث بالفعل ليحضر كل فريق عمل الفيلم الزفاف ولكن انتهى الامر بالطلاق بعد عام من دون أية خلافات حيث شاركا في افلام سويا بعدها مثل "الرباط المقدس" و"جميلة".

في نفس الفترة ونهاية الخمسينيات كان قد شارك مع شادية في فيلم "عيون سهرانة" عام 1957 وكانت وقتها متزوجة من الفنان عماد حمدي لكن العلاقة كانت متوترة حيث تم الإنفصال وارتبطت بعلاقة حب بعدها مع صلاح ذو الفقار وتم الاعلان عن الزواج بعد عرض فيلم "أغلى من حياتي" وبعد عام كانت شادية قد أوشكت على تحقيق حلم حياتها بالأمومة والتزمت بتعليمات طبيبها ولم تخرج من المنزل طيلة خمسة أشهر لكن تم الاجهاض وهو ما جعل العلاقة بينهما تتوتر لتطلب الإنفصال ونجح الأصدقاء في جمعهما مجددا لكن بعدها بسنوات قليلة وبالتحديد في عام 1973 تم الإنفصال النهائي.

الزواج الرابع والأخير في حياة صلاح ذو الفقار كان من السيدة بهيجة مقبل وهي من خارج الوسط الفني ودام الزواج 18 عاما حتى وفاته وهي جدة الممثل المصري شريف رمزي وليس صلاح ذو الفقار كما يتردد، وقد أوصى بها ابناءه قبل وفاته.

ومن المفارقات الغريبة في مشوار صلاح ذو الفقار، أن تألقه ونجاحه في فيلم "أغلى من حياتي" كان سببا في ترشيحه لأدوار في أفلام أجنبية، فشارك في فيلم إيطالي ألماني بعنوان "ابتسامة أبو الهول" مع نجوم من إيطاليا وألمانيا وأميركا، وأعجب به المخرج، وعرض عليه العودة معه إلى إيطاليا والانطلاق للعالمية، لكنه رفض وقرر استمرار مسيرته الفنية في بلده.

وشارك في فيلم بريطاني، "الفرسان" جسد فيه شخصية صلاح الدين الأيوبي، كما شارك في فيلم مكسيسكي، "نفرتيتي" وجسّد فيه دور حور محب قائد القوات العسكرية في عهد أخناتون. 

وخاض صلاح ذو الفقار، تجربة الإنتاج من خلال تأسيس شركة للإنتاج الفني مع أخيه "عز الدين"، وقدما من خلالها العديد من ‏الأفلام الناجحة منها "بين الأطلال" و"الرجل الثاني"، ثم استكمل مشواره الإنتاجي عقب وفاة شقيقه 1963 ليقدم العديد من الأفلام منها "شيء من الخوف"، و"أغلى من حياتي"، و"مراتي مدير عام"، و"أريد حلًا"، كما عمل وكيلًا لنقابة الممثلين في العام 1986. 

في 22 ديسمبر عام 1993 كان صلاح ذو الفقار يصور المشهد الأخير لفيلم "الإرهابي" مع الممثل عادل إمام وقد اصيب ذو الفقار بأزمة قلبية مفاجئة أدت لوفاته عن عمر يناهز 67 عاما، فطلب عادل امام تأجيل المشهد والذي تم تصويره بعدها بالإستعانة بدوبلير يظهر من ظهره فقط، فعلى الرغم من أهمية وجود صلاح ذو الفقار في المشهد الاخير لكنه لم يكن متواجدًا.

وخلال مشواره الفني، نال صلاح ذو الفقار، العديد من الجوائز والتكريمات حيث حصل على نوط الواجب تقديرًا لدوره الوطني في معارك العدوان الثلاثي عام ‏‏1956، وجائزة الدولة في الإنتاج عن فيلمي "مراتي مدير عام" و"أريد حلًا"، كما حصل على جائزة أحسن ممثل عن أفلامه (أغلى من حياتي- كرامة زوجتي – الطاووس- زيارة رسمية – الأيدي الناعمة) وعلى بطولة الجمهورية في الملاكمة "وزن الريشة" عام 1947

من ابرز أفلامه: "مراتي مدير عام"، "الأيدي الناعمة"، "عفريت مراتي"، "رد قلبي"، "الرجل الثاني"، "الناصر صلاح الدين"، "كرامة زوجتي"، "الإرهابي"، "أغلى من حياتي، "أنا وبناتي". المسلسلات : "بلا خطيئة"، "رحلة عذاب"، "زهور وأشواك"، "مفتش المباحث"، "رأفت الهجان "، "عائلة شلش" وافته المنية في عام 1993 أثناء تصويره فيلم (الإرهابي). 

جدير بالذكر أن مشروع "عاش هنا" يتم بالتعاون مع الجهات والمؤسسات الفنية، ويستعان خلالها بالمُهتمين بتوثيق التراث الثقافي والفني في مصر لتدقيق المعلومات والبيانات التي يتم تجميعها.