الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"توطين النصر".. ماذا بعد إنجاز أبطال اليد؟!


على كل السخونة، التى تشهدها العديد من المناطق المحيطة بنا، من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وليبيا والسودان وسوريا ولبنان واليمن والعراق وتركيا وإيران والسعودية .. وحتى الحرب التجارية بين الصين وأمريكا التى تؤثر علينا، كان الأجدى من كل ذلك أن أخصص هذه المساحة للأمل الذى منحه ناشئو اليد لنا، بإنجازهم العالمى غير المسبوق، والذين أكدوا به، أن المصريين قادرون على تحقيق المستحيل بأقل الإمكانيات.

لن أكتب أسماء الأبطال في نهاية مقالى، كما فعل كل الزملاء من محررين وكتاب، فيجب أن تتصدر هذه الأسماء الاستثنائية المشهد من أول لحظة في لوحة شرف حقيقية..تضم بعثة الفخر والنصر العالمى، رئيسا عبده عبدالوهاب، عضو مجلس إدارة اتحاد كرة اليد، والعالمى مجدي أبوالمجد مديرا فنيا، والمحترف حسين زكي مدربا مساعدا، والاستثنائي حمادة الروبي مدربا لحراس المرمى، والخبير محمد عبدالمنعم مديرا إداريا، والماهر عمر عصام طبيبا، والمختلف محمد إمام محللا للأداء الفني.

وضمت قائمة الأبطال العالميين، الذين رفعوا رؤوسنا، عبدالرحمن حميد، ومؤمن حسام، ومازن رضا، وإبراهيم السيد، وعمر عطية، ومهاب سعيد، وسيف هاني، وحسن قداح، وزياد عبدالعال، ومحمد سمير، ويوسف علاء الدين، ويوسف أحمد حسن، وعبدالفتاح على، وأحمد هشام السيد، وعمر لطفي، وياسر سيف.

والآن بعد الاحتفاء العالمى والمحلى، يجب أن نقف كثيرا عند لحظة الما بعد، لأننا للأسف غير محترفين في سياسة النفس الطويل وإكمال الطريق، وهناك نماذج نجاح عالمية تاهت وفشلت بسبب عدم الاحترافية، والأسماء كثيرة للأسف منهم على سبيل المثال فقط كرم جابر، ومنتخبات الطائرة التى حققت إنجازات عالمية، ومنتخبات اليد نفسها التي كانت قد انهارت، وها هى تبعث من جديد، مع أجيال مختلفة وإدارات محترفة، وهناك ألعاب كثيرة وملفات أكثر بعيدة عن الرياضة، كنا ناجحين فيها، وبسبب افتقادنا للنفس الطويل والاستمرارية ونقل الخبرات وتطويرها وتداول السلطات باحترافية مع توالى الأجيال، ضاعت الإنجازات وتتحول لانتكاسات، ولهذا كان تحذيرى، والسؤال عن التخطيط للحظة الما بعد، وعدم ترك الأمور للأحلام والاجتهادات الشخصية، التى تتحقق مرة، ولا تتحقق مرات.

إذًا، كلمة السر هي التخطيط وتوطين النجاح والنصر، حتى لا يهرب ويكون صدفة.. نريد أن نعتاد على الإنجازات، خاصة أن لنا سابقة أعمال، كما يقال، والدماغ والإصرار المصري معروف، وروح الحضارة كامنة فينا، رغم كل الإحباطات وقلة الإمكانيات، والسر أيضا في العزيمة، التى عمقناها بالعلم والتواصل مع العالم المحترف.

ويبدو أننا تعلمنا من أخطائنا، فكان مثلا تصرف الدولة المصرية سريعا، مع أزمة المكافأة التى كانت فقط وفق لائحة اتحاد كرة اليد ١٥٠٠ جنيه للاعب، خاصة إنه لم يكن هناك بند لمكافآت الفوز بكأس العالم في هذه المرحلة السنية، لأننا لم نحقق بطولة كهذه من قبل، ولم نحقق أى لقب عالمى إلا في الشباب فقط.. الدولة على الفور أعلنت صرف حوالى ١١٥ ألف جنيه لكل لاعب، وهنأهم الرئيس نفسه، وانقلبت الدنيا في مصر والعالم العربي وإفريقيا من أجلهم.. ولن ننسي تشجيع المنتخب النيجيرى لنا بكل ضراوة.

وكانت قصة مكافأة الـ١٥٠٠ جنيه، أو حوالى ٩١ دولارا، تحولت لنكتة سخيفة رددها أعداء الوطن، حتى من الإسرائيليين، لكن كان رد الدولة سريعا، وأتمنى أن تكون آلية التصرف مع كل المواقف بهذه الطريقة السريعة والاحترافية، لأن نتائجها تكون أسرع.

واعتبره فألا حسنا أن نحقق الميداليتين البرونزية والذهبية في بطولتى الشباب والناشئين، قبل أكثر من عام قليلا على بطولة العالم التى تستضيفها مصر في ٢٠٢١، فمن حقنا أن نحلم بأن نحقق اللقب، ونستمر بين كبار اليد، ونوطن التفوق والنجاح، كما فعل أبطال الإسكواش وحمل الأثقال لسنوات طويلة.

الحلم ليس صعبا، والناشئون كسروا المستحيل، وأعطونا درسا في المثابرة والإصرار، وأتمنى تصدير هذا الفكر لكل الألعاب والمجالات، في إطار ما أحلم به بغسيل مخ إيجابي لهذا المجتمع.

فماذا لو قام هؤلاء الأبطال وغيرهم من الأبطال والمتفوقين علميا، بجولات في المدارس الحكومية والخاصة والمصانع الحكومية والخاصة ومراكز الشباب ، يتحدثون فيها مع التلاميذ والعمال والشباب في مختلف الأعمار عن إنجازهم.. هذا في حد ذاته لم شمل للمجتمع ودفعه للأمام، وتأكيد فكرة قدرة المصري على تحقيق المستحيل، مهما كانت الإمكانيات، فالعلم والعزيمة، هما السبيل لتحقيق أى مستحيل، وليس صعبا أن يتحول ذلك لمنظومة الإنتاج وتعظيم شعار "صنع في مصر"، بدلا من الجلوس على المقاهى وإدمان المخدرات وفوضي التوك توك وتعشيش الإرهاب والفساد، كل هذا من الممكن مواجهته على صعوبته بهذه الروح.. ومن هذا تنبع استثنائية لحظة الما بعد .

ويجب أن نعرف هنا، أن أبطال اليد، هم أيضا من المتفوقين علميا، فمن حصلوا على ألقاب أحسن لاعب وأفضل هداف وأحسن حارس مرمى ، هم من المتفوقين ومن أصحاب المجاميع المرتفعة في الثانوية العامة والجامعات.. إذن فالحل في العلم والعزيمة.. ولا يعنى ذلك بالمرة أن الإمكانيات المالية ليست مهمة، بالعكس، القصة فقط في تطوير الفكر، بالتسويق المحترف، وتغيير الأدمغة الاقتصادية والمجتمعية في مصر التى لاتزال تركز على كرة القدم فقط، رغم النجاحات التى تحققها الألعاب الأخرى، نفس القصة مع تلميع نجوم الفن والرياضة فقط، وتجاهل نجوم العلم و الاجتهاد، ولذا يجب أن نغير فكرنا من أجل بناء دولة قوية في كل المجالات، الرياضية والإنتاجية والتعليمية والثقافية.

ومن نصر إلى نصر دائما، يا مصر.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط