الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هذا الصليب.. فلماذا الهلال ؟


سيتعجب البعض ويندهش إذا قلت إني كمسلم مصري لا أقدس الهلال بل لا أطيق سماع اسمه .. بل وأكثر من هذا أتعجب كلما سمعت صيحة يحيا الهلال مع الصليب..  وإليكم أسبابي ..

فى أعقاب 25 يناير تعالت أصوات تطالب بإعادة الراية المصرية القديمة بهلالها كما حدث فى ليبيا و كنت أتعجب أشد العجب ولا أجد رابطًا بين مطالب الثورة وتغيير العلم الذى صنعته ثورة يوليو !

لكن الأمر اتضح لى فيما بعد ولربما تكشف تلك السطور بعض الحقائق المثيرة للدهشة .

فالتصور بأن الهلال رمز إسلامى هو محض خطأ نتداوله بجهل على مدى زمنى طويل حتى أصبح راسخا فى الأذهان رسوخا جعل أحد أشهر نداءات ثورة 1919 تقول : يحيا الهلال مع الصليب لاستدعاء للوحدة الوطنية ، والحقيقة التى لا يعرفها كثيرون من المسلمين أن الإسلام لا علاقة له بالهلال ولا علاقة له بأى رموز أو صور وأن القمر فى علاقته بالمسلمين لا يزيد عن علاقته بباقى الديانات فى الأمم الأخري ، فالقمر لا يدور حول بلاد المسلمين وحدهم ولا يسير فى مدارات إسلامية، ولنفهم الموضوع لابد ان نعرف أن عبادة الشمس والقمر والنجوم والكواكب كانت من أشهر العبادات القديمة و كانت منتشرة انتشارًا واسعًا فى أرجاء الارض وهذا ما جعل نبي الله ابراهيم فى خيار بينها فى رحلته الإيمانية المعروفة كما وردت فى القرآن التى من خلالها رفض أبو الأنبياء عبادة الشمس ومن قبلها عبادة القمر لأنه أدرك أن الله لا يتجلى ساعات من ليل أو نهار ثم يغيب، أما حكاية ارتباط الهلال بالإسلام فهو ما لا أجد أساسا له وإن كنا سنقدس الاجرام السماوية أو حتى سنتخذ منها رمزا فالشمس أولى بذلك فهى مصدر الضوء لهذا القمر الذى هو بالأساس جرم سماوي معتم ومع ذلك أول راية حملت صورة الهلال كانت راية الملك فيليب المقدوني أبو الإسكندر الأكبر وكان ذلك قبل ظهور الأديان الثلاثة اليهودية و المسيجية والإسلام حيث اختار فيليب الهلال على رايته تيمنا به بعد أن كان محاصرا فى إحدى المعارك فى ليلة حالكة السواد حتى ظهر القمر فجأة فهداه ضوؤه إلى مسارب وفتحات الهروب فتحول الوضع بعد فك الحصار على ضوء القمر لصالح جيشه وانتصر فى تلك المعركة نصرا عظيما.

منذ ذلك الحين أصبح الهلال يتصدر رايات الإغريق ومن بعدهم البيزنطيين حتى ورثها العثمانيون غزاة القسطنطينية برايتهم الحمراء التى لا تعبر إلا عن النار والدم والوحشية فطبعوا الهلال المقدوني على رايتهم وأبقوا خلفية الراية حمراء دامية كما هي بعد أن استحسنوا ذلك الرمز دون علم بمغزاه ، مثلهم فى ذلك مثل الهكسوس عندما كانوا يتخذون من ألهة المصريين الهة لهم دون علم برمزية العبادة المصرية القديمة ، ومن القسطنطينية التى أصبحت عاصمة العثمانية إلى كل البلاد التى احتلها العثمانيون انتقل الهلال على الرايات بألوان مختلفة كرمز للتبعية العثمانية وهو ما يذكرنا برايات واعلام دول الكومنولث التى تحمل فى أجزاء منها صورة مصغرة من العلم البريطاني ، وعندما تذكرت دعوات أيام الفوضى وما قيل حول استعادة الراية المصرية ماقبل ثورة يوليو ودور الاتراك المتأردغين فى الفوضى التى سقطت فيها مصر والمنطقة العربية كلها أصبحت الصورة كاملة وهى أن الهلال رمز استعمارى تركي وليس رمزًا إسلاميا كما يعتقد الكثيرون ، فأصبحت لا أحب الدعوة للوحدة الوطنية برمز يجمع بين الهلال والصليب.. فإذا كان الصليب رمزا دينيا مسيحيا نعلم مصدره وإلى ما يرمز وإذا كان الهلال لقيطا لا علاقة له بمصريتنا أو عروبتنا أو حتى اسلامنا فعليكم أن تبحثوا عن رموز اخري للتعبير عن الوحدة الوطنية إن كان لذلك حاجة.. وفى النهاية أتمنى أن تزيل ليبيا وتونس والجزائر هذا الهلال من أعلامهم لأنه لا يرمز واقعيا إلا للتبعية البغيضة للدولة العثمانية..
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط