الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صنع في أفريقيا


وأنا في طريقي إلى العمل شاهدت معرضا كبيرا يتم تجهيزه تحت اسم معرض "منتجات صنع في مصر".

الحقيقة استوقفني العبارة كثيرا ما بين الفخر والافتخار بوطني مصر وما تصنعه، وبين طموحات الجماعة الأفريقية وما تريد أن تصل إليه من وحدة اقتصادية وجمركية وتوحيد جواز السفر الأفريقي حتى الوصول إلى عملة موحدة وفتح الحدود وتذويبها بين الأفارقة.

وما بين طرفة عين وانتباهتها، شردت بعقلي بعيدا نحو الشمال وخطواته الجادة نحو الوحدة التي سميت "الاتحاد الأوروبي"، تلك الكتلة الاقتصادية الموحدة بالعملة والمواصفات والحدود وكل شيء، حتى أنك إذا حصلت على تأشيرة لأي دولة من دول الاتحاد الأفريقي، عفوا أقصد الأوروبي، مسموح لك بالدخول في جميع دول الاتحاد الأوربي.

عدت سريعا بعقلي وبصري لأقف مرة أخرى بنظري المطول إلى معرض منتجات صنع في أفريقيا، عفوا مرة أخرى أقصد صنع في مصر.

هذه العبارة بكل ما تحمله من حب واعتزاز وافتخار، إلا أنها لن تنقلنا إلى العالم الجديد والمعروف أدواته بالتكتلات والاتحادات بين الكيانات والمؤسسات بل ووحدة الأقطار.

فلذلك إذا كنا جادين في الوصول إلى وحدة حقيقية بين الدول الأفريقية، علينا أن نبدأ بعبارة صنع في أفريقيا، ولكي لا نضيع أيضا الشعور الوطنى تجاه أوطاننا داخل قوميتنا الأفريقية علينا أن نكتب على منتجاتنا "صنع في أفريقيا" ونضع الموطن الذ صنع فيه المنتج بين قوسين (مصر) وهكذا، لأن المعنى البديهي لهذه العبارة هي وحدة المعايير والمواصفات للمنتج، بالتالي ما أنتجته مصر أو الكونغو أو السنغال هو إنتاج أفريقي يفتح له الحدود الأفريقية وترفع عنه التعريفة الجمركية وتذوب أمامه الحدود الإدارية، وحتى تلك الحدود والحواجز النفسية لأن ما تصنعه مصر أو رواندا او إثيوبيا أو السنغال سوف يصبح محل تقدير وافتخار لباقي أبناء القارة الأفريقية.

وأنا أكتب هذه المقالة أضع نفسي مكانك أيها القارئ الجميل وأقول ما تقوله، يا لك من حالم في زمن خارم بارم تحلم بالوحدة والاتحاد بين قارة حتى الآن تعاني من صراعات بسبب الحدود والحكم ولديها مشاكل في المياه والأنهار وتفتقر لبديهيات الحكم الرشيد.

أقول لنفسي ولك يا قارئي الجميل؛ أوروبا وصلت لما وصلت إليه بعدما جرت أنهار من الدماء، بل لدينا نموذج أفريقي مشرف، رواندا في الماضي القريب مجازر بشرية لم يشهدها التاريخ من قبل، قتل أكثر من مليون إنسان في ١٠٠ يوم، والآن "صنع في رواندا" مكتوب في أدق الصناعات الإلكترونية والتكنولوجية.

فلذلك أختم مقالي بصنع في "مصر" أو "رواندا" أو "تنزانيا"، قل ما شئت لأنك في القريب العاجل ستكون فخورا معي لأنه صنع في أفريقيا.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط