الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عاش هنا يوثق تمرد يوسف وهبي .. وأسرار علاقته بـ المافيا وإقامته بشقة دعارة وتجسيده شخصية النبي محمد.. وكواليس ارتباطه الجنسى بـ صديقة والدته

يوسف وهبى
يوسف وهبى

فى محافظة الجيزة وتحديدًا في 29 شارع أبو علام – الهرم - الجيزة، عاش الفنان يوسف وهبى، التى وثق جهاز التنسيق الحضارى منزله، من خلال وضع لافتة على باب العقار، توضح تاريخ الميلاد: 14/07/1898 مكان الميلاد:الفيوم، وتاريخ الوفاة: 17/10/1982.

يأتى ذلك فى إطار مواصلة مشروع "عاش هنا"، أحد أهم المشروعات التي يشرف عليها جهاز التنسيق الحضاري التابع لوزارة الثقافة، جهوده في توثيق المباني والأماكن التي عاش فيها الفنانين والسينمائيين وأشهر الكتاب والموسيقيين والشعراء وأهم الفنانين التشكيليين والشخصيات التاريخية، التي ساهمت في إثراء الحركة الثقافية والفنية في مصر عبر تاريخ مصر الحديث.

نشأة يوسف وهبى
ولد يوسف وهبى فى مدينة الفيوم على شاطئ بحر يوسف وسمى تيمنًا باسمه، وكان والده عبد الله باشا وهبى يعمل مفتشًا للرى بالفيوم، وقد بدأ تعليمه في كتاب العسيلي بمدينة الفيوم، ثم التحق بالمدرسة السعيدية، فالمدرسة الزراعية بالقليوبية، قبل أن يلتهب شغفًا بالتمثيل لأول مرة في حياته عندما شاهد فرقة الفنان اللبناني "سليم القرداحي" في سوهاج، وفق ما سرد في مذكراته.

انطلق يوسف وهبي بإلقاء المونولوجات وأداء التمثيليات في النادي الأهلي والمدرسة، كما عمل مصارعًا لفترة ي سيرك «الحاج سليمان» حيث تدرب على يد بطل الشرق في المصارعة آنذاك المصارع عبد الحليم المصري، وسافر إلى إيطاليا بعد الحرب العالمية الأولى لدراسة التمثيل وتتلمذ على الممثل الإيطالي كيانتوني، ليعود إلى مصر ويعمل بمسرح حسن فايق، قبل أن يؤسس مسرح وشركة رمسيس للإنتاج السينمائي.

رحلة المعاناة
اضطر يوسف وهبي إلى الهرب من أسرته واتجه إلى إيطاليا ليتعلم التمثيل، وفي روما عمل جرسونا بأحد مطاعمها، ثم عمل "شيال" ثم فراشا في المسرح الذي يعمل فيه الممثل كيانتوني، ثم تعلم التمثيل، وفقد وهبي في المسرح ثروة تقدر بمائة ألف جنيه إلا أنه تمكن من جمع ثروة من السينما قدرت بربع مليون جنيه.

اعترافات صادمة
اعترف يوسف وهبي في مذكراته بأنه اثناء رحلته إلى إيطاليا انضم لـ"المافيا" أثناء سفره لدراسة المسرح، وأن ظروفه الصعبة اضطرته للإقامة مع فتاة إيطالية في شقة دعارة بميلانو، حتى اتهمه البوليس بقتلها، وأظهرت التحريات بعدها براءته.

وكتب يوسف وهبي مذكراته التي تعتبر الأجرأ في تاريخ الفن، وهي "عشت ألف عام" إلا أنها لم تلقَ ترحيبا من النقاد لأنه أخفى الكثير منها ولم ينشر مذكراته كاملة، بل وعمل أيضًا على شطب أجزاء وفقرات عديدة من داخلها، كما تضمنت مبالغات كثيرة، بالإضافة إلى الجرأة والشجاعة التي تحلى بها أثناء كتابته لمذكراته، واعترف فيها يوسف وهبى بأنه أقام علاقة جنسية كاملة مع صديقة والدته، وهو لم يزل تلميذًا يافعًا في المدرسة"، وكانت تلك من أجرأ الاعترافات التي أدلى بها في مذكراته.

واعترف أيضًا بأنه كان مدمنًا للقمار، وأضاع الثروة التي ورثها عن والده من خلاله، فبعد معيشته في قصور فاخرة اضطرته الظروف لأن ينام في غرفة صغيرة على السطوح، ويشاركه فيها الدجاج، فضلًا عن هروبه من الدَيانة.

واعترف يوسف وهبى بإدمانه للحبوب المخدرة قائلا: "لا أنام إلا بحفنة من الحبوب المخدرة وترددت على طبيب نفسي سويسري لعلي أن أهنأ بسبات عميق فذكريات الماضي يحلو لها أن تهاجمني في الليل فأهب من رقادي مهما كنت مرهقًا، وإذا تصادف وانتصر على النعاس فعقلي الباطن لا ينام بل يظل متيقظًا".

النساء فى حياة يوسف وهبى
عُرف عن يوسف وهبي شغفه بالنساء، فكانت حياته مليئة بالمغامرات العاطفية والتى كان من ضمنها إقامته علاقة جنسية مع صديقة والدته وإقامته مع فتاة ليل إيطالية فى شقة دعارة، تزوج لمرات عديدة أولهمالإيطالية إلينا لوندا، وعائشة فهمى، وسعيدة منصور، لكنه لم ينجب اطفال.

على مسرح "إيدن"، في ميلانو الإيطالية، دق الحب قلب يوسف، وتحديدًا خلال فترة عام 1922، أثناء فترة دراسته بمعهد التمثيل في روما، حينما التقى الممثلة إلينا لوندا، والتي وقع في غرامها وعاش معها قصة حب كبيرة تكللت بالزواج، وكان حينها في عامه الـ24، فاستطاعت أن تصقل مواهبه السينمائية وانتقل من أدوار الكومبارس إلى الأدوار الثانوية، حتى عاد إلى القاهرة واستمر زواجهما لمدة أربع سنوات إلى أن انفصلا عام 1925.

كانت الغيرة الشديدة سببًا في انتهاء قصة الحب التي جمعت بين يوسف ولوندا، لارتباطه بعزيزة أمير التي تقاسمت معه أدوار البطولة وظهرت معه في الموسم الرابع في فرقة رمسيس.

حاولت لوندا إرهاب يوسف وهبى وعزيزة بتهديدهم بالقتل ، حينما دخلت عليهم المسرح ممسكة مسدسها، في محاولةٍ منها لإبعادها عنه، لتقرر الأخرى الهروب والابتعاد عن المسرح بلا رجعة، لذلك سافرت زوجة يوسف وهبي إلى جنوة، ومن هناك أرسلت إليه محاميًا يطالبه بنفقة فلم يتردد في أن يرسل إليها وثيقة الطلاق.

تعرف يوسف وهبى على عائشة فهمي خلال إحدى السهرات التي كان يقيمها في منزله، وكان يرفض أن يعلن عن وجود أي علاقة خاصة بينهما بل كان يقدمها كصديقة للعائلة، مستغلًّا الصداقة المعروفة بين والده عبدالله باشا وهبي ووالدها علي باشا فهمي، فكانت علاقة حبهم سرًّا لا يعلمه إلا المقربون منهم مثل الموسيقار محمد عبدالوهاب الذي شجع يوسف وهبي على الزواج منها.

تزوج من عائشة، والتي كانت تكبره بحوالي 16 عامًا، وكانت السعادة تخيم عليهما في بادئ الأمر ولكن كعادة كل المبدعين والفنانين يعشقون الحرية والانطلاق وينفرون من القيود ومن يصنعونها حولهم.

دأبت عائشة تراقب كل حركاته وتصرفاته، فبعد أن كانت تؤازره في إبداعاته الفنية أصبحت مصدر شقاء له، فأرادت أن تستحوذ عليه دون منازع أو شريك لها فيه، مما جعله يهجر قصرها الموجود على النيل في الزمالك دون أن يحمل معه شيئا من ملابسه، ولم يكن في جيبه غير خمسين جنيهًا، فأرسلت إليه عائشة هانم تعرض أن يعود إليها على أن تقتطع من أرضها الخصبة في صعيد مصر 500 فدان تكتبها باسمه، ورفض يوسف وهبي وقام برحلة خارج البلاد عاد بعدها ليجد أن السيدة عائشة قد رفعت عليه دعوى نفقة وأوقع محاميها الحجز على مدينة رمسيس وظلت تلاحقه حتى استطاعت أن تشهر إفلاسه.

ذهبت أمينة رزق زميلته في مسرح رمسيس إلى عائشة فهمي وطلبت منها باسم الحب الذي جمع بينها وبين يوسف أن تترفق به وتوقف الدعوات القضائية المرفوعة ضده، لكن الأمر كان قد خرج من يدها حيث تولى أهلها مهمة الانتقام من يوسف وهبي، لكنها وعدتها بعدم تقديم الكمبيالات التي وقعها يوسف لها بشكل شخصي إلى المحكمة، وأحضرت تلك الكمبيالات ومزقتها وهي تبكي أمام أمينة رزق التي انهارت هي الأخرى بالبكاء.

تدخلت سعيدة منصور، لمحاولة الإصلاح بين يوسف وهبى وعائشة فهمي، حينما وقع خلاف بينهم، وبعد طلاقه منها نشأت قصة حب بينه وبين سعيدة على الرغم من أنها كانت متزوجة من عبد الشافي بيه المغازي وكانت من عائلة ثرية، ومع ذلك أحبت رجلًا في ظروف مالية صعبة وأشهر إفلاسه، وسافرت معه إلى الإسكندرية وتلقى يوسف تهديدات من زوجها وإخوتها، ولكن لم يتخلَ عنها، فكان لهما ما أرادا وتم طلاقها من زوجها، وتزوجها يوسف وهبي، وعرف معها الاستقرار فاستمر معها حتى وفاته عام 1982م.

تجسيد شخصية النبى محمد
حاول يوسف وهبى تجسيد شخصية النبى محمد صلى الله عليه وسلم فى فيلم سينمائى والتى كانت تعتبر واحدة من أهم المشاكل الفنية التي شهدتها الصحافة المصرية الذي كان بطله الفنان يوسف وهبي، الذى تبدأ قصته بما نشرته مجلة "المسرح" في عددها الصادر 26 مايو 1926، أن شركة سينماتوغرافيا تركية أتت لمصر واتفقت مع يوسف وهبي للسفر إلى باريس لتجسيد رواية عن النبي محمد، يكون هو بطلها مجسدًا شخصية النبي محمد.

ويقول محرر مجلة "المسرح": "أخذ يوسف وهبي يستعد لأداء دوره وصنع لنفسه صورًا فوتوغرافية للشكل الذي ابتدعه للنبي، وهى صورة لا تختلف عن صورة راسبوتين"، ما نشرته المجلة أشعل ثورة ضد يوسف وهبي في الصحف والمجلات، حتى أن شيخ الأزهر أرسل خطابًا إلى وزارة الداخلية في اليوم التالى مباشرة يطالبها فيه بالتحقيق في الأمر، ومنع يوسف وهبى من القيام بالدور حتى لو اقتضى الأمر منعه من السفر.

حضر يوسف وهبي إلى وزارة الداخلية وحققت معه وأرسلت ردًا للمشيخة تقول فيه إن يوسف وهبى سيعتذر في الصحف عن قبوله الدور، وسيعدل عنه، وأرسل الملك فؤاد تحذيرًا شديدًا للفنان يمنعه من تجسيد الدور الذي فيه إهانة للمسلمين وبالفعل اعتذر يوسف وهبى عن اداء الدور.

جوائز وتكريمات فى حياة يوسف وهبى
حصل يوسف وهبى على مدار مشواره الفنى على العديد من الجوائز الشرفية منها جائزة الدولة التقديرية فى مصر والعديد من الأوسمة مثل وسام "الجراند اوف سيسيه" من ملك المغرب وحصل على الدكتوراه الفخرية من أكاديمية الفنون و منحه بابا الفاتيكان ووسام الدفاع عن الحقوق الكاثوليكية ليكون اول مسلم يحصل على هذه الجائزة.

توفى يوسف وهبى فى يوم 17 أكتوبر عام 1982 بعد دخوله المستشفى إثر اصابته بكسر فى عظام الحوض، وتوفى أثناء العلاج بسكتة قلبية مفاجئة عقب حياة مليئة بالإبداع والفن.

جدير بالذكر أن مشروع "عاش هنا" يتم بالتعاون مع الجهات والمؤسسات الفنية، ويستعان خلالها بالمُهتمين بتوثيق التراث الثقافي والفني في مصر لتدقيق المعلومات والبيانات التي يتم تجميعها.