إنقاذ العالم مقابل 300 مليار دولار.. العلماء يطلبون ميزانية 60 يوما من الإنفاق العسكري لمواجهة التغير المناخي.. وتحذيرات من دفع الفقراء والمهمشين الثمن

- دراسة حديثة: الفجوة الاقتصادية بين الدول الفقيرة والغنية كانت ستكون صغيرة لولا كوارث المناخ
- النساء الأكثر عرضة للخطر بسبب فقر الطاقة
- الفيضانات والأعاصير والجفاف وغزو الحشرات مشاهد من فيلم رعب بالنسبة للولايات المتحدةحذرت نتائج دراسة حديثة من أن الجفاف والفيضانات والحرائق انتشرت عبر العالم، في وقت تكافح فيه الدول والمدن من تكلفة هذه الكوارث الطبيعة، إلا أن الفقراء والمهمشين هم من يدفعون الثمن الباهظ.
وأشارت الدراسة، التي نشرت نتائجها شبكة "دويتشه فيله" الألمانية، وأجراها الباحثان نوا إس ديفينبو ومارشال بورك، إلى أن الفجوة الاقتصادية بين الدول الفقيرة والغنية كانت ستكون صغيرة لولا كوارث المناخ.
وقال الباحث نوا إس ديفينبو لدويتشه فيله إن "نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الهند أقل بنحو 30 ٪ مما كان يمكن أن يكون دون ارتفاع درجات الحرارة، مضيفا أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في البرازيل تأثر بنسبة 25% بسبب التغير المناخي.
وكشف "مؤشر مخاطر المناخ العالمي" التابع لمنظمة "جيرمان ووتش" غير الحكومية عن أن 8 من 10 دول الأكثر تأثرا من التغييرات المناخية العنيفة، مثل الأعاصير والأمطار الموسمية، في الفترة من 1998 إلى 2017، كانت دول نامية يتقاضي سكانها دخلا منخفضا أو أقل من المتوسط.
وقال ديفيد أكشتاين، مؤلف مشارك في تقرير مؤشر مخاطر المناخ، إن مناطق مثل جنوب شرق آسيا الأكثر تعرضا للمخاطر بسبب أنها الأكثر تعرضا للكوارث الطبيعية، كما أنهم يفتقدون الموارد للتعامل مع التأثيرات المناخية.
وعلى الرغم من أن الكوارث الطبيعية ليست جديدة، فإن تغير المناخ يزيد من تواترها وشدتها، مما يجعل من الصعب على المتضررين مواجهة تأثيراتها.
وأوضح أكشتاين أنه "عادة، ما تكون هذه الدول في مرحلة إعادة بناء، عندما تتعرض لكارثة جديدة".
وقالت منظمة أوكسفام الدولية إن الإعصارين اللذين ضربا موزمبيق، في وقت سابق من هذا العام، تركا 2.6 مليون شخص في حاجة إلى الغذاء والمأوى والمياه النظيفة. كما ترك الآلاف يبحثون عن مكان جديد للعيش فيه.
بينما أكد "مركز مراقبة النزوح الداخلي"، ومقره سويسرا، أن هناك 7 ملايين، من بين حوالي 10.8 مليون، تعرضوا للنزوح الداخلي في الفترة بين يناير ويونيو الماضيين، وتم إجبارهم على ترك منازلهم بسبب كوارث مرتبطة بالمناخ وزلازل.
وقال هارجيت سينج، رئيس فرع سياسة المناخ بمنظمة أكشن إيد غير الحكومية، فإنه حتى الناس الذي لا يعيشون في فقر مدقع، فإنهم مهددون بأن يصبحوا فقراء، وذلك بعد زيارة إلى مدينة سنداربانس، التي ابتلعها البحر بعد ارتفاع منسوبه.
وشهد سينج وضعا مشابها في دلتا السلوم في السنغال، حيث جعل ارتفاع مستوى سطح البحر من الصعب على المجتمعات المحلية الزراعة أو صيد الأسماك. وشرح كيف أن الناس يصبحون فقراء للغاية ويهاجرون دون أي موارد، ويصبحون عمالة غير ماهرة في المناطق الحضرية.
وذكرت دراسة نشرتها مجلة "ساينس" أن الفوارق الاقتصادية بسبب التغير المناخية ليست جديدة بالنسبة للدول الفقيرة، موضحة أن يقول ارتفاع درجات الحرارة في الولايات الأمريكية مثل أريزونا سيؤدي إلى استخدام أكثر كثافة لأنظمة التبريد، الأمر الذي يعني بدوره استخدام أكبر للطاقة وتكاليف أعلى للمستهلكين.
وأظهرت الدراسة أن الولايات الشمالية الأمريكية، يمكن أن تستفيد من تقليل استخدام أنظمة التسخين، ففي ولاية مين، على سبيل المثال، يمكن أن يزيد إجمالي الناتج المحلي بنسبة تصل إلى 10٪، بينما في أريزونا قد ينخفض بنسبة 20٪.
وفي العاصمة الإسبانية مدريد، فإن 20% من أصحاب العقارات مهددون بفقر الطاقة، وهي القدرة على إبقاء منازلهم دافئى في الشتاء، وباردة في الصيف.
وقالت كريستينا ليناريس، الباحثة في المدرسة الوطنية للصحة العامة في إسبانيا: "لا يستطيع الأشخاص الذين لديهم موارد أقل دفع تكاليف التدفئة أو تكييف الهواء، وغالبا ما يعيشون في مباني أقدم بكثير دون عزل مناسب، وهذا يجعل درجات الحرارة القصوى تهدد حياتهم بشكل كبير".
وقالت الشبكة الألمانية إن الخطر يزداد بالنسبة للعائلات التي تقودها المساء بين 35 و 120٪ عن متوسط المنطقة، وإن النساء المسنات اللائي يعشن بمفردهن والأمهات العازبات معرضات للخطر بشكل خاص.
وفي الوقت ذاته، حذر تقرير حديث من أن المخاطر المحتملة التي تواجه المدن الأمريكية يمكن قراءتها على أنها مشهد من فيلم رعب، من الفيضانات إلى الأعاصير والجفاف وغزو الحشرات، كما أن المناطق الحضرية تواجه تهديدات مع استمرار الاحتباس الحراري لكوكب الأرض.
وأودت حرائق الغابات في مقاطعة بوت بولاية كاليفورنيا، في نوفمبر الماضي، بحياة 85 شخصا وتسببت في احتراق أكثر من 18 ألف مبنى. وغمر الإعصار هارفي أكثر من 150 ألف منزل حول هيوستن وتسبب في خسائر بقيمة 125 مليار دولار في تكساس.
وفي إطار متصل، أكد خبراء تابعون للأمم المتحدة أنه يحتاجون إلى 300 مليار دولار بوقف انبعاث غازات الدفيئة وشراء 20 عاما من الزمن لوقف الاحتباس الحراري، وهو ما يعادل الإنفاق العسكري العالمي في 60 يوما.
لا يتمثل المبلغ في تمويل التكنولوجيات الخضراء أو تمويل حل صناعي للانبعاثات، ولكن لاستخدام ممارسات بسيطة قديمة لدفن ملايين الأطنان من الكربون مرة أخرى في مورد يتم التغاضي عنه بشكل مفرط: التربة.
وقال رينيه كاسترو سالازار، مساعد المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو" ، إنه من بين ملياري هيكتار (ما يقرب من 5 مليارات فدان) من الأراضي حول العالم التي تدهورت بسبب سوء الاستخدام والإفراط في الرعي وإزالة الغابات وغيرها من العوامل البشرية إلى حد كبير، يمكن استعادة 900 مليون هيكتار.