الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

داعش وترامب وعيد الهالويين


أيام قليلة تفصلنا عن آخر الشهر ويحتفل البعض بعيد الهالويين وخاصة من طبقة النخبة والنبلاء من المجتمع والبعض من العامة المنقادين والمقلدين للثقافة الغربية والترامبية، على أنه عيد كأي عيد سيمر مرور الكرام، مع العلم أننا في المنطقة نعيش هذا العيد منذ قرونٍ عدة ولكن في العقد الأخير بتنا نعيشه بشكله المكثف حتى صار جزءً من يومنا العادي.

هذا العيد الذي انتقل إلى أمريكا منذ قرون عن طريق المهاجرين الأيرلنديين والذي كان طقسًا يحتفلون به في آواخر كل يوم من شهر أكتوبر من كل سنة، حولته أمريكا لثقافة غربية وصدرته لنا كأحد أدوات الرقي والتقدم للتخلص من التخلف الذي نحن فيه.

خلال السنوات القلية الماضية ومن خلال ما نعيشه من فوضى أصابت كل مناحي حياتنا ومجالاتها من الثقافة إلى الفن إلى السياسة والاقتصاد والحالة الاجتماعية، تحولت كل أيامنا إلى حفلة هالويين جماعية يُمثل فيها الكل على الكل مرتدين قناع الإرهاب تارة وقناع الفقر والهجرة تارة أخرى. أقنعة نرهب فيها بعضنا البعض وننشر الخوف والهلع بين كل الذين يرفضون وجودنا أو فكرتنا وكذلك كل من يختلف عنا. أقنعة كثيرة تم أو يتم تغييرها وفق لمشيئة الحاكم والزعيم القوموي محليًا أو لرغبة السلطان والخليفة الاسلاموي إقليميًا أو لحسابات القوى المهيمنة الليبرالوية دوليًا.

ارتداء الأقنعة ليست مشكلة عويصة بالنسبة لنا لأننا مسيّرين ولسنا مخيّرين وكذلك نحن من مللّة "نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا" ونطيع "أُولِي الْأَمْرِ"، واعتمدنا النقل من دون إعمال عمل العقل. ووضعنا العلم والقراءة والكلمة على رفوف النسيان حتى غطاها غبار الجهل والتخلف.

وأفضل قناع تم استثماره في العقد الأخير الذي نعيشه هو يقطينة "داعش، النصرة" والإخوان المسلمين وكل تفرعاتها وأخواتها من المسميات المختلفة. هذه اليقطينة / القناع الذي تم تصديره وتسويقه من خلال أردوغان سمسار مشروع الشرق الأوسط الكبير، نجح نوعًا ما في نشر الفوضى والحروب مستغِلًا الدين أحيانًا ومستثمرًا باللاجئين ومهددًا بعض الدول مثل مصر وليبيا أحايينًا أخرى.

ترامب الذي يستغل أردوغان بكل تفاصيله وكذلك فساده وارهابه ويقدم له العطايا والهدايا المجانية بغض النظر عن التهديدات الفنكوشية التي لا تتجاوز التصريحات الإعلامية إرضاءً وخداعًا لمن يدعي أنهم حلفائه في محاربة داعش. إنها الرأسمالية المتوحشة التي تستخدم كل أوراقها كي تحافظ على تواجدها وهيمنتها على العالم لنهبه أكثر فأكثر واتذهب الحقوق والأخلاق والشعوب إلى الجحيم.

ما يفعله ترامبفي فلسطين من تقديم المدن والمناطق هدية لإسرائيل بدءً من اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل إلى إهدائه الجولان وكذلك حرق ورقة اللاجئين في بوتقة الدول التي يعيشون فيها مع بعض المنح الاقتصادية والقادم المجهول أعظم في الضفة وغزة. من يقوم بكل هذا وبكل صلافة لن يتورع عن تقديم الشمال السوري بدءً من عفرين وجرابلس والباب واليوم كري سبي/تل أبيض وسري كانيه/رأس العين لأردوغان والقادم المجهول أعظم من المدن في روج آفا.

بالفعل إننا نعيش الهالويين بكل تفاصيله وحركاته وحتى كلماته وشعاراته وليس ليومٍ واحد فقط، بل تحولت كل أيامنا إلى هالويين نخيف فيها بعضنا البعض، ليبقى الهدف الأساسي مخفيًا في ثمرة اليقطين ألا وهو ابتعادنا عن ثقافتنا وهويتنا وتاريخنا وحتى جغرافيتنا.

من شعارات وكلمات التي يقولونها في عيد الهالويين نقولها الآن يوميًا عن غير قصد مثل (أنت شخصيتي المفضلة للإرهاب) وكذلك (أود منك أن تكون شيطانًا ... حتى تدخل جهنمي)، هي نفس الأقوال التي يقولها أردوغان لمرتزقته من داعش والنصرة وغيرها من الفصائل الأردوغانية الإنكشارية، والذين هم بدورهم ينشرونها بين الناس لترهيبهم وترعيبهم. وكل من لا يكون شخصيته المفضلة أو لا يكون شيطانًا، لن يدخل جنة أردوغان وفردوسه المفقود في روج آفا. 

ربما على شعوب المنطقة من كرد وعرب وأرمن وآشور ويهود وتركمان وأمازيغ وكذلك دولها أن تتوحد بوجه السمسار أردوغان وارهابه في المنطقة. وأن يتوحدوا تحت مشروع فكري جديد بعيدًا عن التعصب القوموي والتطرف الديني، تكون أخوة الشعوب والعيش المشترك هي الأساس لبناء مجتمع أخلاقي وسياسي محصن للدفاع عن ذاته.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط