الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سحر النغمات ..


كان الجو يهمسُ بموجاتِ بردٍ مداعبة لوجهي وشعري تُذكرني ببداية فصل الشتاء وأعياد الكريسماس و رأس السنة، وكنت في طريقى لتلبية دعوةٍ لصديق غال بحضور حفل دار الأوبرا المصرية المسرح الصغير تُحييه نجمة الفيولا المصرية رشا يحيي. 

دخلت المسرح المليء بالجمهور المتشوق للسفر عبر موجاتِ النغماتِ تصحبه الذكريات والأماني ، جلستُ في مقعدي بجوارِ الأصدقاء و قد تدفقت في رأسي الأفكار قبل بدءِ الحفل عن جمال الموسيقى وسحرها الأخاذ، هذا الدواء الشافي لأصعب العلل ، لا يستطيع أحد على وجه الأرض مقاومة سحر نغمات الموسيقى ، هذا الكائن الرقيق المستبد الذي تستسلمُ له أقوى الأباطرة برضاءٍ كاملٍ بل وبحب و شغف يسلمون أنفسهم للاحتلال الجميل الذي تسمو به الروح و يطمئن له الوجدان ، للموسيقى سحر و سطوة و نشوة تُحرك الحجر و تُرقص الشجر وتُلين الجماد ، الموسيقى تُنير ظلمة العقل بالأفكار و تشعلُ الإنسانية في جسدك ، انت مع الموسيقى كائن حي راق فهي تطهرك من ملوثات الحياة ، الموسيقى لغة عالمية يفهمها كل الأجناس و الأعراق باختلاف حضارتهم، الموسيقى لغة كونية يتحدث بها الكون لكل عناصره و نفهم رسائله جيدًا ، الموسيقى لغة السلام ، الألفة و الحب التي تحلق بنا في كل سماء و زمان و مكان . 

دخلت رشا يحيى تُحيى جمهورها المتشوق لسماع معزوفتها وبدأت بلحنين من كلاسيكيات الموسيقى العالمية لاول مرة يتم عزفهما في مصر كما قالت هي ، ثم بدأت بعزف المقطوعات التي يُذاب معها القلب من تراثنا الموسيقي مثل و دارت الأيام لموسيقارنا العظيم محمد عبد الوهاب و غيرها من التحفِ الموسيقية شاركها فيها أختها النجمة رنيا يحيي عازمة الفلوت و معها أولادها يحيي الذي لم يتجاوز بعد الـ ١٥ عاما و فريدة التي لم تتجاوز الـ ٨ سنوات ليتألقوا على آلة الماريمبا و يشعلوا القاعة و المسرح بالبهجة و السرور . 

انتهت الحفلة بسرعة الصاروخ كعادةِ الأوقاتِ السعيدة ، و لكن لم تنته بصمة الحفلة في وجداني و التي صاحبتني إلى البيت و معاها إجابة لسؤالٍ كثيرًا ما طرق باب فكري ، لماذا يتوه الأبناء و يَهوى بهم الطريق ، إنها الأسرة يا أصدقائي ، هي من تحتوي و تعلم و ترعى أولادها ليصبحوا أقوياء ، أصحاء ، قادرين على مواجهة التحديات وعندهم مخزون للعطاء . 

أحببتُ بشدة رعاية واحتضان رشا و رنيا يحيي لموهبةِ يحيي و فريدة و زرع الإنسانية و حب الفن في نفوسهم وتمنيت لو المجتمع كله شاهد هذا المشهد البسيط القوي الرائع وألهمهم كما ألهمني ، هذا المشهد الذي يَعدُ بغدٍ أفضل لمستقبل الأبناء في كل المجالات ، فالبيت هو الأرضُ الخصبة التي ينمو فيها مستقبل بلد .
تحياتي لآل يحيي .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط