قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

محمد نبيل يكتب: Marriage Story دراما غنية للتأمل عن الحب والطلاق

لقطة من فيلم marriage story
لقطة من فيلم marriage story

فى عام مليء بالأفلام القيمة، ولا سيما على مستوى السينما الأمريكية، يسمح لنا المخرج والكاتب نوه بومباخ في فيلمه الجديد "قصة زواج" marriage story في رصد الإضطرابات العاطفية التي يعانيها زوجان بشكل عميق، والتأمل في مصير مجهول ينتظر ابنهما، عن طريق حكاية قد تبدو مكررة وعادية عن الانفصال، ولكنها تلمس المشاعر بشكل عفوى ومؤثر.

المخرج الذى يعرف جيدا هذه المنطقة، قدم لنا عام 2005 فيلما آخر عن انفصال زوجين، وهو the squid and the whale، ولكنه يحكى لنا هذه المرة بشكل ممتع عن ثنائى مكافح، جمعهما الزواج قبل سنوات، ورغم بعض المعوقات إلا أنهما يتكيفان مع الأوضاع، قبل أن يأخذ طموحهما منحى آخر، يحول دون التوافق الكامل، لتبدأ رحلة الانفصال حتى تصل لذروتها.

"قصة زواج" واحد من أفضل أفلام 2019، حيث التفوق طال أغلب عناصره الفنية، تدور أحداثه بالأساس عن مشوار ثنائى نحو الطلاق، فالزوج هو المخرج المسرحى تشارلى "آدم درايفر"، وزوجته الممثلة نيكول "سكارليت جوهانسن"، يقرران أخيرا الإنفصال، حيث يمران بمنعطفات حياتيه تجعل من أهداف حياتهما غير متطابقة، يعيشان في نيويورك، والآن، بعد مشاريع تتعلق بـ نيكول، تريد الزوجة العودة إلى مجتمع ما قبل الزواج في لوس أنجلوس بصحبة إبنها، من الساحل الشرقى إلى أقصى الساحل الغربى، إيحاء مثالى بإسخدام الجغرافيا للانقسام بينهما ، يبرز مدى المسافة التي أصبح عليها كل منهما من الآخر.

القطع المتكرر والمتتالي في بداية الفيلم للقطات تظهر فيها الزوجة بتعليق صوتى من زوجها والعكس، عن أهم الصفات والمميزات التي يراها كل منهما في الآخر، إنما هي مراوغة سينمائية لا تعبر عن إستقرار العلاقة، وإنما يتبعها مشهد يشي بوصولهما إلى طريق قارب على الانتهاء بالانفصال.

توالى الأحداث يحقق نوعا آخر من الخلل لدى المشاهد، حيث لا نستطيع أن نقرر أو نجزم من هو الطرف الذى حاول الصمود تحاشيا للانهيار، وبذل جهدا أكبر لإنجاح هذه العلاقة، وهو أمر يحسب للمخرج الذى لم يفرط فى التعاطف مع طرف على حساب الآخر، ولكن إظهار حرصهما بشكل متساوٍ على مصلحة طفلهما تجعلك في حيرة مستمرة، ما الذى اقترفاه ليستحقا الطلاق، هل الحب وحده يكفى لاستمرار الزواج، أم أنه يجب أن يمتزج بعوامل أخرى، أكثرها بروزا تلافى كل طرف خسارة حياته وكيانه وذائقته لأجل الطرق الآخر.

واحدة من نقاط قوة الفيلم، الحوار الذكى، الذى وضح لنا دون عناء تفاصيل العلاقة بين كل الأطراف، ومدى تصديق أن لكل منهما حقه في اختيار مصيره، دراما إجتماعية نفسية غنية بالتفاصيل، قد تترك تصورات مختلفة عن منظومة الحب والزواج، حتى لمن يعتقدون فى تمتعهم بخبرات حقيقية هو هذه المنظومة المعقدة.

صراعات في المحاكم، وادعاءات إجتهد المحامون لكشفها عن عوراتهما، وصلت بمشهد قاسٍ يصارح كل طرف الآخر بمدى الحقد والكره الذى يكنه له، ينفجران بالكلمات، يطلق تشارلى أمنياته بالموت إلى زوجته، وتقذفه بمدى أنانيته المطلقة، ولكن نهاية الفيلم تبرز أنه لا يزال يقدرها، ويحرص على مشاعرها، فى حين لا تزال تهتم للاعتناء برباط حذائه.

بين ألوان نيويروك الباردة وبين توهج لوس أنجلوس الدافئ، برع المخرج فى تقديم كادراته، ضبط ألوانه، مع تفوق لافت لعنصر التمثيل، وتخطى البطلين، وصولا إلى ظهور لافت للمحامية نورا، والتى لعبت دورها الممثلة Laura Dern.

الميزة الأكبر في الفيلم أنها ليست حكاية أمريكية خالصة، فكل المشاهدين حول العالم يمكن أن ينتبهوا لبعض التفاصيل الخاصة بهم بمرور الأحداث، وربما أن يعملوا على تحسينها، فالعلاقات العاطفية تنبى أساسا من أجل المشاركة، وعندما يشعر طرف بأنه لا يتمتع بالحد الأدنى من الشخصية قد يترك ذلك أثرا سلبيا عليه، ويؤدى تراكمه إلى مصير محتوم.

حكاية مؤثرة ومحبطة لحب ينهار بلا هوادة، وبرغم مدى التقدير الذى يظهره كل طرف إلى الآخر حتى النهاية، ولكن تعقيداتها الحزينة، منحتنا الوقت للتعرض لشخصيات عانت من التهميش بصورة أو أخرى، ولم تقدم كل شيء في سبيل إستمرار الحياة.