الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ما حكم الشرع في تعليق صور الأم والأب المتوفيَين؟ علي جمعة يجيب

سائل لـ علي جمعة
سائل لـ "علي جمعة" حكم الشرع في تعليق صور أبي وأمي المتوفَّي

تلقى الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، سؤالا من سائل يقول ما حكم الشرع في تعليقه صور أبيه وأمه المتوفَّيَيْنِ في مدخل شقته؛ تلمسًا للدعاء بالرحمة والمغفرة لهما مِنْ كل مَنْ يراهما عند دخول بيته؛ حيث إن هناك من أخبره بأن ذلك حرام.

أجاب الأستاذ الدكتور علي جمعة في فتوى له: "لا بأس بتداولِ الصورِ الفوتوغرافية أو تعليقِها للإنسانِ والحيوان، وليس فيها المضاهاةُ لخلقِ اللهِ التي وردَ فيها الوعيدُ للمصوِّرين، وذلك ما لم تكن الصورُ عاريةً أو تدعو للفتنةِ؛ لأنَّ المقصودَ بالتصويرِ المُتَوَعَّدِ عليه في الحديث هو صنعُ التماثيل الكاملة التي تتحقَّق فيها المضاهاةُ لخلق الله تعالى".

وتابع: "والتصويرُ الفوتوغرافي وإن سُمِّيَ تصويرًا فإنَّه ليس حرامًا؛ لعدمِ وجودِ هذه العلة فيه، والحكمُ يدورُ مع علَّتِهِ وجودًا وعدمًا، وهو في حقيقته حبسٌ للظل ولا يُسَمَّى تصويرًا إلا مجازًا، والعبرةُ في الأحكامِ بالمُسَمَّيَات لا بالأسماءِ".

وأضاف مفتي الجمهورية السابق: "وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّه يجوزُ لك شرعًا تعليقُ صورِ أبيك وأمِّك لهذا الغرضِ النبيلِ ما دامت صورةُ أمِّك محتشمة، ولا يَضُرُّ في ذلك كونُ الصورِ كاملةً أو غيرَ كاملةٍ، وليس ذلك حرامًا كما أخبرك بعضهم".
قال الشيخ محمد عبد السميع أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن الشخص المتوفى يعلم بمن يزور قبره، ويأنس لهذه الزيارة، ويرد السلام على من يسلم عليه.

وأضاف عبد السميع خلال فيديو له، في إجابته عن سؤال "هل يشعر المتوفى بمن يزوره في قبره" أنه وردت أحاديث تفيد بسماع الميت لبعض ما يقوله الأحياء.

واستشهد بما ورد في صحيح البخاري، قائلا: "اطلع النبي صلى الله عليه وسلم على أهل القليب، فقال: وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ فقيل له أتدعو أمواتا فقال ما أنتم بأسمع منهم ولكن لا يجيبون".

هل يشعر الميت بمن يزوره ومن يسلم عليه؟
أكد الدكتور محمد شلبي، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء، أن الميت يشعر بمن يزوره، مستشهدًا بما روي عن بريدة رضي الله عنه قال: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُهُمْ إِذَا خَرَجُوا إِلَى الْمَقَابِرِ، فَكَانَ قَائِلُهُمْ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ لَلَاحِقُونَ، أَسْأَلُ اللهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ" أخرجه مسلم في "صحيحه".

واستدل «شلبي» في إجابته عن سؤال: «هل يشعر الميت بمن يزوره ومن يسلم عليه؟» بما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ رَجُلٍ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا، فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ، إِلَّا عَرَفَهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ» أخرجه تمام في "فوائده"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد".

وأشار إلى أنه صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنه أمر بقتلى بدر، فأُلقوا في قَلِيب، ثم جاء حتى وقف عليهم وناداهم بأسمائهم: «يَا فُلانُ بْنَ فُلانٍ، وَيَا فُلانُ بْنَ فُلانٍ، هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فَإنَّي وَجَدت ما وعدني ربي حقًّا»، فقال له عمر رضى الله عنه: يا رسول الله، ما تخاطب من أقوام قد جيفوا؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «والَّذِي بَعَثَنِي بِالحَقِّ مَا أَنتُمْ بِأَسْمَع لِمَا أَقُولُ مِنهُم، وَلَكِنَّهُم لَا يَستَطِيعُونَ جَوابًا» أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحيهما" بألفاظ مختلفة.

حكم زيارة القبور والسلام على أهلها
وأكد أنه يستحب للمسلم زيارة القبور والسلام على أهلها، والميت يعرف المسلِّم عليه ويرد عليه السلام كما ذكرنا؛ قال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (5/ 310، ط. دار الفكر): [قال أصحابنا رحمهم الله: ويستحب للزائر أن يدنو من قبر المزور بقدر ما كان يدنو من صاحبه لو كان حيًّا وزاره].

ونقل قول الإمام ابن القيِّم في "الروح" (ص: 5): [وقد شرع النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأمته إذا سلموا على أهل القبور أن يسلموا عليهم سلام من يخاطبونه، فيقول: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين)، وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل، ولولا ذلك لكان هذا الخطاب بمنزلة خطاب المعدوم والجماد، والسلف مجمعون على هذا، وقد تواترت الآثار عنهم بأن الميت يعرف زيارة الحي له ويستبشر به].

وعرض قول المناوي في "فيض القدير" (5/ 287): [وقال الحافظ العراقي: المعرفة ورد السلام فرع الحياة ورد الروح، ولا مانع من خلق هذا الإدراك برد الروح في بعض جسده، وإن لم يكن ذلك في جميعه. وقال بعض الأعاظم: تعلق النفس بالبدن تعلق يشبه العشق الشديد، والحب اللازم، فإذا فارقت النفس البدن فذلك العشق لا يزول إلا بعد حين، فتصير تلك النفس شديدة الميل لذلك البدن؛ ولهذا ينهى عن كسر عظمه ووطء قبره].