من الممكن أن نعرّف الأزمة الاجتماعية بأنها تعبير عن المراحل التي يدخلها أي نظام عندما يصبح غير قادرة على الاستمرار بذاته ضمن آلياته وذهنيته الحالية، والأزمة ذات معنى أوسع من كلمتي المشكلة والقضية.
فالقضايا تعاش يوميًا في الأحداث والظواهر والمؤسسات والعلاقات ، بينما الأزمات يغلب عليها الطابع الدوري.
وأزمة النظام بحد ذاتها توصف بالبنيوية أم الأزمة في داخل النظام فتوصف بأزمة حداثتها وأجوائها .
يعتقد أنه للأزمات الاجتماعية دوافعها وأسبابها المختلفة. فبعضها ينبع من المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية والديموغرافية، وبعضها الآخر لها أسس جيوبيولوجيّة وجيوبوليتيكية أي ترتبط بالمكان وجغرافية توضعه وأهميته.
والمجتمعات والشعوب التي تبقى خارج مؤسسات السلطة والدولة ، غالبًا ما تكون أزماتها جيو بيولوجية المصدر.
بعض الأزمات الاجتماعية قد تنتج عن الظروف الطبيعية ونشاط الأنسان. وقد ينجم ذلك عن تدهور بيئي مفاجئ كتغيرات المناخ وارتفاع درجات الحرارة وذوبان الجليد كما في السنوات الأخيرة. كما يمكن أن يكون التزايد السكاني أو عدم القدرة على تأمين الغذاء أو نقص الحماية مسببًا للأزمة.
أما الأزمات الناجمة عن السلطة والهيمنة والاستغلال، فتعاش نتيجة التراجع المتواصل لمعدّلات الربح والفائدة، سواء الذي تمّ تأمينه بتقنية الحروب والصراعات وخلق التهديدات والثنائيات المتقاتلة، أم بالوسائل المالية والتجارية والصناعية والتقنية كالبورصة و نظم التعرفة الجمركية والضرائب والبنوك الدولية والشركات العابرة للحدود.
عندما تتجاوز تكاليف الحروب مكاسبها، يصبح لا مفر حينئذ من الأزمة الاجتماعية، في حال عدم تلافي ذلك بوسائل أخرى. كما لا مهرب من أزمات النظام الداخلية، في حال الهبوط المستمرّ لمعدّلات ربح الاحتكارات المالية والتجارية والصناعية والتقنية المتحكّمة بالأسواق، وعدم النهوض بمعدّلات الربح تلك بوساطة حروب جديدة.
عندما يطول أمد الأزمات النابعة من داخل النظام فترة أكثر (عادةً ما تتراوح فترات الأزمة في الأنظمة بين 5_100سنة)، فإنها تتحول إلى أزمة نظامية ممنهجة، وتغدو استحالة إستمرار المجتمع تحت ظلّ النظام أمرًا واقعًا. فتتبعثر بنية النظام، ويتولّد وسطٌ من الفوضى وعدم الأستقرار لأجل ظهور بنى نظامية جديدة.
ومن يمتلك الأجوبة الأرقى ووعي للحقيقة من بين القوى الاجتماعية وفق الاستعدادات الأيديولوجية والبنيويّة والتنظيمية، يكون قد اكتسب فرصة أو وظيفة أداء الدور الرئيسيّ في إنشاء النظام الجديد وسيكون القادرين على أداء هذا الدور في منطقتنا هم الذين يجسدون الشخصية الديمقراطية للمجتمع النموذجي البدئي للمجتمع الديمقراطي الأخلاقي في منطقتنا.
أدى قضية تبعثر كلّ نظام وتأسيس جديد آخر منه إلى تسميات مخادعة ومضللة في مفهوم العلوم التي أبتعدت عن الطبيعة الأجتماعية للأزمات . فقد نمّت مفاهيم تقول أن تقدّم التاريخ هو على خطّ مستقيم وهذا جلب نتائج سلبية للغاية عبر نشاطاتها في الأقتراب من المجتمع بمفهوم قدريّ جديد كما حصل مع الثورة البلشفية والفرنسية وإن بصيغ مختلفة. ذلك أنّ نشاطات صياغة المشاريع بمنوال هندسيّ مفروض لطبيعة معقّدة جدًا كالمجتمع، جذّرت الأزمة أكثر فأكثر على مرّ التاريخ. وأنتجت دكتاتوريات مسّتَبدة ونظم دولتية قمعِّية .
كلّ أنواع التناول تخرج من البوابة نفسها، سواءً الميتافيزيقيّة أو المادية والوضعيّة. بل حتى إنّ المناهج الحادة البعيدة عن الطبيعة الإجتماعية ، نتجت عنها الظاهرة الفاشية، وهي تتخطى كونها أزمة، لتتمخض عن عمليات التطهير العرقيّ الاجتماعيّ وما كانت تركيا الأتاتوركية بأيدولوجتها العلمانوية والأن تركيا الأردوغانية بمشروعها العثمانية الجديدة وأدواتها داعش والأخوان وإيران الخمينية بمشروعها القوموية الشيعية والصهاينة بمشروعهم الدولة اليهودية إلا نماذج لذالك وقبلهم كان هتلر وغيره .
وحصيلة الأوضاع المأساوية للشعوب ولعدد الدول المصطنعة بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية وبعد المجهودات الثورية وكذالك العلمية والفلسفية بالإمكان القول أنّه زاد التركيز والاهتمام بشأن الطبيعة الاجتماعية للأزمات. فالأهتمام بشأن البيئة، وتمكين المرأة وتحررها ، والثقافة والديمقراطية باتت أكثر إنارةً للطبيعة الاجتماعية للأزمات، وأكثر قدرةً على تحديد فرص وقوى الحلّ.
على الرغم من أنّ النظريات الماركسية و الليبرالية والحريات الفردية ومفاهيم العولمة والتقنيات والمعلومة. مازلنا في مضمار مليءٌ بالحلول الخيالية والتّخبّطات اليائسة التي لا نهاية لها. ويمكننا القول أن النتيجة الأهمّ للحقائق المعاشة طيلة التاريخ فيما يتعلق بالأزمة الاجتماعية وحلولها، هي ازدياد تعمّق عملية المعرفة، والشعور بالحاجة إلى بهذا المعنى، فالعلم والفلسفة، بل وحتى الميثولوجيات و الأديان والفنون قد تطوّرت للردّ على احتياجات الأزمات الاجتماعية الثقيلة والكبيرة.
تنبع القضايا الاجتماعية أساسًا من قمع واستغلال بؤر السلطة والتحكم ومن اعتداء السلطة الهرمية والدولتية على ظاهرة الإدارة. حيث تتأثر المرأة سلبًا من مركزية الرجل ونظامه الأبوي، وكذلك شريحة الشباب والعاملين ومجتمع القرية ، ويعاني كل المجتمع من أجهزة القمع والاستغلال العائدة لاحتكارات السلطة لوسائل القوة. وهكذا يلحق الضرر بالجميع، ويستغلّ، ويتعرض للقمع والتعذيب، ليعاني الجميع في النهاية من إشكالية اجتماعية ولا يستفيد منه سوى بعض الهامشيين.
أما ما تقترحه و تقدّمه أصحاب السلطة والاستغلال والدولتية على أنه حلّ، فما هو سوى أشكال السلطة وأساليب الاستغلال الأكثر كثافة وتركيزًا. ولهذا السبب تبدي أشكال الدولة والاستغلال قدرتها على التقدم المستمر. أما ثمن ذلك، فمقاوماتٌ وتمرداتٌ دائمةٌ وحروبٌ مضادة. وبسبب الوقوع مرارًا في منطق السلطة وجاذبية الاستغلال، فإنّ النتيجة تكون العيش تحت نير قمع واستغلال الدولتية. فتاريخ الحضارة الدولتية المركزية من أيام صارغون ونمرود وحتى اردوغان بأحد معانيه هو تاريخ تحديث وتطوير مستمرّين لأساليب القمع والاستغلال من جهة، وتاريخ تطوّر فلسفة الحرية والمساواة وممارستها العملية لدى المقاومين تجاه ذلك من جهة أخرى، كما هو مقاومة سيدنا إبراهيم الخليل والانبياء موسى وعيسى ومحمد عليه الصلاة والسلام حتى سعي شعوبنا العربية والكردية الأن ضد الظلم والقتل الذي تمارسه تركيا الأردوغانية كتجسيد لحالة الأزمة.
ظلت مجتمعات الشرق الأوسط من المجتمعات الإنسانية التي عانت على مرّ التاريخ من الأزمات والمشاكل أكثر من غيرها. ما من شكّ أنّ السبب الأساسيّ وراء ذلك يكمن في اضطرارها للعيش الدائم تحت ظلّ القمع والاستغلال الساحق للمدنية المركزية طيلة فترة تناهز الخمسة آلاف عام. هذا ولم يشاهد هذا الكمّ من أشكال القمع والاستغلال المكثّف والطويل الأمد في أية بقعة أخرى من العالم.
ولن يكون خلاص مجتمعاتنا وحل الازمة الاجتماعية إلا بتجاوز نظام المدينة المركزية بصبغتها الحالية (النظام العالمي المهيمن وأداتها الدولة القوموية) والولوج في العصرانية الديمقراطية التي تعتمد على أدارة المجتمعات لنفسها بشكلًا حر عبر مفهوم الأمة الديمقراطية والأقتصاد المجتمعي والصناعة والتقنية الأيكولوجية. وكما يتعين تعين الادارة الاجتماعية نفسها بحرية وإلا فستستمر كل القضايا الاجتماعية في خضم العقم الإداري لتفرغ من محتواها بل الى ازديادها . و يعتقد أن فشل الكثير من الثورات تعود الى الى أنها تسلمت السلطة ففسدت وماتت، أو انها دحضت ظاهرة الحكم الجمعي والادارة كليًا فانزلفت نحو الفوضوية الفردية لتصير الهزيمة مآلًا لامفر منه.
والحريات الفردية ومفاهيم العولمة والتقنيات والمعلومة. مازلنا في مضمار مليءٌ بالحلول الخيالية والتّخبّطات اليائسة التي لا نهاية لها. النتيجة الأهمّ للحقائق المعاشة طيلة التاريخ فيما يتعلق بالأزمة الاجتماعية وحلولها، هي ازدياد تعمّق عملية المعرفة، والشعور بالحاجة إلى بهذا المعنى، فالعلم والفلسفة، بل وحتى الأديان والفنون قد تطوّرت للردّ على احتياجات الأزمات الاجتماعية الثقيلة والكبيرة.
يعتقد أنه تتأثر جميع الشرائح الاجتماعية سلبًا عند الأزمات ، ولا يخرج مستفيدٌ من مرحلة الأزمة هذه، عدا بعض أعداء المجتمع الهامشيين.
تنبع القضايا الاجتماعية أساسًا من قمع واستغلال بؤر السلطة والتحكم ومن اعتداء السلطة الهرمية والدولتية على ظاهرة الادارة. حيث تتأثر المرأة سلبًا من مركزية الرجل ونظامه الأبوي، وكذلك شريحة الشباب والعاملين ومجتمع القرية ، ويعاني كل المجتمع من أجهزة القمع والاستغلال العائدة لاحتكارات السلطة لوسائل القوة. وهكذا يلحق الضرر بالجميع، ويستغلّ، ويتعرض للقمع والتعذيب، ليعاني الجميع في نهاية المآل من إشكالية اجتماعية.
أما ما تقدّمه احتكارات السلطة والاستغلال على أنه حلّ، فما هو سوى أشكال السلطة وأساليب الاستغلال الأكثر كثافة وتركيزًا. ولهذا السبب تبدي أشكال الدولة والاستغلال قدرتها على التقدم المستمر. أما ثمن ذلك، فمقاوماتٌ وتمرداتٌ دائمةٌ وحروبٌ مضادة. وبسبب الوقوع مرارًا في منطق السلطة وجاذبية الاستغلال، فإنّ النتيجة تكون العيش تحت نير قمع واستغلال احتكارات . فتاريخ الحضارة الدولتية بأحد معانيه هو تاريخ تحديث وتطوير مستمرّين لأساليب القمع والاستغلال من جهة، وتاريخ تطوّر فلسفة الحرية والمساواة وممارستها العملية لدى المقاومين تجاه ذلك من جهة أخرى.
ظلت مجتمعات الشرق الأوسط من المجتمعات الإنسانية التي عانت على مرّ التاريخ من الأزمات والمشاكل أكثر من غيرها. ما من شكّ أنّ السبب الأساسيّ وراء ذلك يكمن في اضطرارها للعيش الدائم تحت ظلّ القمع والاستغلال الساحق للمدنية المركزية طيلة فترة تناهز الخمسة آلاف عام. هذا ولم يشاهد هذا الكمّ من أشكال القمع والاستغلال المكثّف والطويل الأمد في أية بقعة أخرى من العالم ولن يكون خلاص مجتمعاتنا وحل الازمة الاجتماعية إلا بتجاوز نظام المدينة المركزية بصبغتها الحالية (النظام العالمي المهيمن وعميلتها الدولة القوموية) والولوج في العصرانية الديمقراطية التي تعتمد على أدارة المجتمعات لنفسها بشكلًا حر عبر مفهوم الأمة الديمقراطية والأقتصاد المجتمعي والصناعة والتقنية الأيكولوجية. واذا لم تعين الادارة الاجتماعية نفسها بحرية فستستمر كل القضايا الاجتماعية في خضم العقم الإداري لتفرغ من محتواها بل الى ازديادها.
و يعتقد أن فشل الكثير من الثورات تعود الى الى أنها تسلمت السلطة ففسدت وماتت، أو انها دحضت ظاهرة الحكم الجمعي والإدارة كليًا فانزلفت نحو الفوضوية الفردية لتصير الهزيمة مآلًا لا مفر منه.