الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لسة الأماني ممكنة.. طفل مصاب بالجلد الفقاعي يحول رحلة علاجه إلى حملة توعية على السوشيال.. ووالدته: ابني يعاني.. فيديو

إسلام الجندي مريض
إسلام الجندي مريض بالجلد الفقاعي

" أنا مرضي مش معدي".. بدأ إسلام ياسر الجندي  كلامه بهذه العبارة وظل يرددها خلال حديثه لـ"صدى البلد"، محاولًا طمئنة كل من يتعامل معه، نظراته وكلماته تحمل في طياتها رسائل بها الكثير من المعاني والتي لم يتفوه منها حرفًا واحدًا، وظل مكتفيًا بإرادته الصلبة، والرضا الذي بدا على وجهه البشوش، وأعطى دروسًا في القوة والصبر لكل من يحمل همًا في حياته.

عاش اسلام الجندي طيلة حياته في معاناة شديدة مع مرض الجلد الفقاعي نتيجة خلل چيني في الجلد والذي أدى إلى نقص طبقة من الكولاچين في الجلد مع وجود حروق من الدرجة الثالثة، لكنه لم يستسلم للمرض، وواجه معاناته بالسكوت والرضا، قائلًا "انا متعايش  مع حالتي".

جسم ضئيل ووجه بشوش وملامح تكاد تكون غير واضحة، لكنه يتمتع بإبتسامة تجعله قادر على مواجهة الحياة، وألم المرض الذي لم يشفى منه على حد قول جميع الأطباء داخل وخارج مصر.

عاشت والدته السيدة "غادة البسيوني" مدير إدارة المكتبة المركزية بجامعة الإسكندرية، بين مرارة فراق فلذه كبدها الأولى، التى لم يرحم برائتها مرض الجلد الفقاعى "انحلال البشرة الفقاعي"، وأمل أن ينجو طفلها إسلام من نفس المرض الذى يهدد حياته.

 حاولت السيدة الصابرة استجماع قواها، وبكلمات متقطعة بدأت تروي تفاصيل معاناة أسرتها التى أنهكها المرض، بداية من طفلتها الراحلة وأنها تعلمت كيفية التعامل مع المرض اللعين بعد مرافقة طفلتها شهر بالحضانة، ثم عادت بها إلى المنزل، ولكن  المرض كان أقوى منها وسلبها أبنتها الاولى عن عمر 6 سنوات، متأثرة جسديا، ونفسيا بـ شكلها فكلما نظرت لنفسها فى المرآة زادت أوجاعها ملايين المرات .

بعد تحملها مرارة الفقد ورحلة ألم بين المستشفيات، ومناجاة الله في ساعات الليل، ظل حلم الامومة يطاردها كأى سيدة متزوجة، وقبل قرارها الحمل ثانية، أجرت العديد من التحليلات والفحوصات خشية أن يكون المرض وراثى، وبعد التأكد من سلامة صحتها، قررت أن تضئ حياتها بمولود جديد، ليمحو لو شئ بسيط من حزنها على ابنتها.

تجربة جديدة داخل غرفة العمليات لاستقبال الصبي داعية من الله أن يكون معافى، وبعد لحظات انتظار رزقت بطفل يعاني من الجلد الفقاعي والذي بدا في بادئ الأمر على يديه الصغيرة، ووجه الملائكي.

لم تضع تلك الجروح في عين الاعتبار ولم تأخذها على محمل الجد، لكنها كانت تخشى على قرة عينها أن ينال المرض منه كأخته، وخوفًا أن يعيش رحلة علاج مؤلمة حقا، ولكن لم يقدر لها القدر حياة هادئة خالية من المستشفيات ودخول عيادات اطباء الجلدية أكثر من العيش في منزلها.

" ظهرت الجروح اكتر في البحر".. بتلك العبارة بدأت تروي الأم عن ترقبها لحالة ابنها، بعين تغمرها الدموع، ومن هذه اللحظة بدأ المرض ينتشر بالجسم بالكامل، وذلك أثناء وجودهما في رحلة بمرسى مطروح، وتعامل إسلام مع الماء المالح، ومن وبعدها بدأت خطوات العلاج والسفر للولايات المتحدة الأمريكية، لكنها سمعت ما لم يطيب خاطرها، "الحالة ملهاش علاج، إحنا بنحافظ على الجروح بس من التلوث".

وهنا في مشهد غاية في اللطف والقوة معًا أثار مشاعر الجميع، بدأ إسلام الجندي بتجفيف دموع والدته، وقطع حديثها مذكرا إياها عن المرة الأولى صارحته بحقيقة مرضه،وفجأة لحظات صمت سادت في المكان، ولكن رضاهما كسر حاجز الصمت بضحكة المواساة والتخفيف قائلًا" ماما قعدت معايا وفهمتني وبعد كدا أنا ابتديت ابحث عن المرض وأعرف عنه أكتر".

الكثير من الأشخاص الأصحاء يستخدمون الإنترنت في العبث والهراء، لكن ذو الـ ١٧ عاما قرر أن يحول ألمه في مساعدة الأشخاص بمصر وحول العالم، ولم يكتفي بنشر قصته فقط، لكنه دشن هاشتاج تحت اسم الجلد الفقاعي حتى يتمكن بنشر التوعية، قائلا "أنا عايز الناس تعرف عن مرض الجلد الفقاعي زي كل الأمراض، ويحصل دعم من الإعلام والدولة".

احلام بسيطة اشتركا بها اسرة مكونة من ٣ أفراد، لمساعدة أشخاص لم يسمع عنهما قط، بل يكون اليقين والمحاولة هم كل ما يتمتعون به، في مواجهة العديد من الصعوبات، مثل توفير الغيارات الطبية والتي لم تتوفر بسهولة لابن عروس البحر المتوسط، كما ذكرت والدته لـ"صدى البلد" مستكملة حديثها "المرض مكلف جدًا".

لم ييأس الوالدان بعد العودة من رحلة الكشف الاولى بالولايات المتحدة الأمريكية، وعادا معًا إلى الإسكندرية للبحث مرة أخرى عن اطباء، لكنهما في كل مرة ينالون بخيبة الأمل من جديد، عند سماعهما "احنا مشوفناش غير حالة ولادك". 

"ابني بيعاني".. كلمتان بسيطة في كتابتها لكنهما أصعب من صوت رصاص الحرب أثناء جوف الليل، عبرت بهما الأم عن حالة ابنها في التعامل اليومي، والذي يبدأ ببزوخ الفجر عند فتح عيناه الصغيرتين المحملتين بالأمل والألم في آن واحد، ليبدأ يوم جديد بصلاة الفجر، ثم يتجه نحو ألعابه أو الكتب الدراسية.

التوعية بمرض الجلد الفقاعي، والالتحاق بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، هم أحلام اسلام الجندي بالحياة، وبشهادة الجميع أنه يتقن اللغة الإنجليزية بمهارة، والتي ساعدته في البحث عن مرض الجلد الفقاعي في المواقع الأجنبية، مع نشرها من معلومات ثرية على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك.

وبالرغم من ذكائه ونشاطه ووعيه الكامل بمرض الجلد الفقاعي إلا أن هذا الفعل يضيق على والدته، قائله "إسلام يجيب حالات مرضى الجلد الفقاعي من جميع أنحاء العالم وأصعب من حالته بكتير، وهو بيفضل يردد الحمدلله أحسن من غيري".