الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الإمام شمس الدين الذهبي.. طلب العلم صغيرًا وعنى بالعلوم الدينية.. وابن كثير والسبكي أشهر تلاميذه

صدى البلد

  • في ذكرى وفاة الإمام شمس الدين الذهبي:
  • سُمي "الذهبي" لأنه كان يزن الرجال كما يزن الجواهرجي الذهب
  • أشهر تلاميذه: صلاح الدين الصفدي والحافظ ابن كثير وتاج الدين السبكي
  • "مؤرخ الإسلام" عنى بالعلوم الدينية وبعض الكتب الفلسفية وعلوم الحديث
  • أهم مؤلفاته: تاريخ الإسلام وسير أعلام النبلاء

تحل علينا اليوم، ذكرى وفاة الإمام شمس الدين الذهبي، الذى توفي فى الرابع من فبراير 1274م / 1348م، والذى يعتبر محدثا وإماما حافظا، جمع بين ميزتين لم يجتمعا إلا للأفذاذ القلائل في تاريخنا، فهو يجمع إلى جانب الإحاطة الواسعة بالتاريخ الإسلامي حوادث ورجالًا، المعرفة الواسعة بقواعد الجرح والتعديل للرجال، فكان وحده مدرسة قائمة بذاتها.

يعتبر الإمام الذهبي من العلماء الذين دخلوا ميدان التاريخ من باب الحديث النبوي وعلومه، وظهر ذلك في عنايته الفائقة بالتراجم التي صارت أساس كثير من كتبه ومحور تفكيره التاريخي، وقيل إنه سُمي "الذهبي" لأنه كان يزن الرجال كما يزن الجواهرجي الذهب.

نسب الإمام الذهبي ونشأته:
إمام المحدثين ومؤرخ الإسلام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز بن عبد الله الذهبي، الفارقي الدمشقي الشافعي، ولد في دمشق في شهر ربيع الآخر سنة 673هـ / أكتوبر 1274م، وكان من أسرة تركمانية الأصل، تنتهي بالولاء إلى بني تميم.

طلبه العلم ورحلاته العلمية:
وطلب الذهبي العلم صغيرًا، وتوجهت عنايته إلى ناحيتين رئيستين هما: القراءات، والحديث الشريف، وفشرع في طلب الحديث سنة 690هـ وعمره 18 سنة، ووقف حياته على العلم حتى توفى رحمه الله، وعني بالقراءات، والتاريخ والحديث واهتم به اهتمامًا خاصًا، وأخذ عن شيوخ بلده، وعن غيرهم.

ورحل الإمام الذهبي في طلب العلم داخل البلاد الشامية إلى حلب، وبيت المقدس والرملة ونابلس، وبعلبك، وطرابلس، وحمص وحماة ونابلس والرملة، كما كان للذهبي رحلاته العلمية داخل البلاد المصرية، وكانت من أبرز رحلاته المبكرة، ويبدو أنه وصل إلى مصر في السادس عشر من رجب سنة 695هـ، فرحل إلى القاهرة، والإسكندرية، ودمياط، وسمع بمصر من جماعة كبيرة.

طبيعة دراسات الذهبي:
من دراسة كتب الذهبي واهتماماته نجد أنه عني بالعلوم الدينية عموما، والعلوم المساعدة لها كالنحو واللغة والأدب والشعر، كما أنه اطلع على بعض الكتب الفلسفية، ومهر الذهبي في علم الحديث وجمع فيه الكتب الكثيرة "حتى كان أكثر أهل عصره تصنيفا".

ومن أشهر تلاميذه:
صلاح الدين الصفدي، الحافظ ابن كثير، تاج الدين السبكي، الحافظ شمس الدين الحسيني (ت 765هـ)، تقي الدين بن رافع السلامي (ت 774هـ)، أبو الطيب المكي الحسني الفاسي (ت 832هـ).

ومما اختصره الإمام الذهبي: تاريخ مصر لابن يونس (ت 347 هـ)، أسد الغابة في الصحابة لابن الأثير (ت 630 هـ)، المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري (ت 405 هـ)، السنن الكبرى للبيهقي (ت 458 هـ)، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (ت 463 هـ)، تاريخ دمشق لابن عساكر (ت 571 هـ).

ومع أن الذهبي عاش في عصر غلب عليه الجمود والنقل والتخليص، فإنه قد تخلص من كثير من ذلك بفضل سعة دراساته وفطنته، قال تلميذه صلاح الدين الصفدي (ت 764هـ): "ولم أجد عنده جمود المحدثين ولا كودنة (بلادة) النقلة، بل هو فقيه النظر له دِرْبة بأقوال الناس ومذاهب الأئمة من السلف وأرباب المقالات، وأعجبني منه ما يعانيه في تصانيفه من أنه لا يتعدى حديثا يورده حتى يبين ما فيه من ضعف متن أو ظلام إسناد، أو طعن في رواته، وهذا لم أر غيره يراعي هذه الفائدة فيما يورده".

وبلغ اعتراف حافظ عصره الإمام ابن حجر العسقلاني (ت 852هـ) بفضل الذهبي وبراعته إلى درجة أنه شرب ماء زمزم سائلا الله أن يصل إلى مرتبة الذهبي في الحفظ وفطنته.

ومن مؤلفاته:
ترك الإمام الذهبي إنتاجًا غزيرًا من المؤلفات بلغ أكثر من مائتي كتاب، شملت كثيرًا من ميادين الثقافة الإسلامية، فتناولت القراءات والحديث ومصطلحه، والفقه وأصوله والعقائد والرقائق، غير أن معظم مؤلفاته في علوم التاريخ وفروعه، ما بين مطول ومختصَر ومعاجم وسير، ومنها:
1- "تاريخ الإسلام": وهو كتاب كبير الحجم عظيم النفع لم يؤلف غيره في بابه مثله، قال ابن تغري بردي: "وهو أجل كتاب نقلت عنه" وهو يتحدث عن تاريخ الإسلام، وعلماء الحديث.

2- "سير أعلام النبلاء": وقد ألفه بعد تاريخ الإسلام وهو ليس مختصرا له.

3- وكتب أخرى منها: العبر في خبر من غبر، اختصار المستدرك للحاكم، ميزان الاعتدال في نقد الرجال، تذكرة الحفاظ (طبقات الحفاظ للذهبي)، اختصار تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، اختصار تاريخ دمشق لابن عساكر، المغني في الضعفاء، ديوان الضعفاء والمتروكين وخلق من المجهولين وثقات فيهم لين، التلويحات في علم القراءات، الكبائر، الرسالة الذهبية إلى ابن تيمية، الأمصار ذوات الآثار، دول الإسلام، أخبار أبي مسلم الخراساني، تذهيب تهذيب الكمال في أسماء الرجال، معجم الشيوخ الكبير، معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار، ميزان الاعتدال في نقد الرجال. وله في تراجم الأعيان لكل واحد منهم مصنف قائم الذات، مثل الأئمة الأربعة.

وفاة الإمام الذهبي:
أضر الذهبي في أخريات سنى حياته، قبل موته بأربع سنين أو أكثر، بماء نزل في عينيه، وتوفي بتربة أم الصالح ليلة الاثنين ثالث ذي القعدة قبل نصف الليل سنة 748 هـ / 1348م، ودفن بمقابر باب الصغير، وحضر الصلاة عليه جملة من العلماء كان من بينهم تاج الدين السبكي، وقد رثاه غير واحد من تلامذته منهم الصلاح الصفدي والتاج السبكي.