الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سيد مندور يكتب: كيف نستعد لشهر رمضان؟

سيد مندور
سيد مندور

ها هي أيام الخير قد هلت وأقبلت فهذا الشهر العظيم، شهر الله الحرام قد أقبل، وشهر رجب من الأشهر الحرم التي اختارها الحق سبحانه وتعالى من بين شهور السنة حيث قال سبحانه : ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾. ( التوبة 36 )

فالأشهر الحرم ثلاثة متصلة هي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم وشهر منفرد وهو شهر رجب حيث أطلق عليه رجب الفرد فقال العلماء بأن رجب مقدمة لشهر رمضان فقالوا : رجب للاستغفار من الذنوب وشعبان لإصلاح القلب من العيوب ورمضان للتقرب إلى علام الغيوب .

وقالوا بأن رجب لتطهير البدن وشعبان لتطهير القلب، ورمضان لتطهير الروح، فمن طهر البدن فى رجب طهر القلب فى شعبان، ومن طهر القلب فى شعبان سما بروحه فى رمضان فخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه .

فكيف يكون تطهير البدن؟
التوبة الصادقة النصوح حيث يقول الحق سبحانه : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ( التحريم 8 ).

وهنا السؤال : كيف يتوب الإنسان التوبة النصوح ؟
فانظر إلى هذه الكلمات لتعريف التوبة فتبدأ بكثرة الاستغفار ثم الإقلاع عن الذنب والعزم على عدم العودة إلى هذا الذنب وهجر اصدقاء السوء. وهنا قال الكلبي ان التوبة النصوح تكون بالاستغفار باللسان والندم بالقلب وإمساك البدن عن الحرام. وقال آخرون إن التوبة النصوح هي ان يكون العبد نادما على ما مضى مجمعا على ألا يعود فيه. وقال سعيد بن المسيب أن التوبة النصوح هي ما تنصحون به أنفسكم.

فنجد فى تعريف سيدنا سعيد بن المسيب جمع التوبة فى جملة واحدة ولكن لها معان كثيرة فلو ارتكب أى إنسان معصية وتريد أن تنصحه لعدم فعل هذا الذنب فما ستقوله له من نصيحة فانصح نفسك بها.

وحينما قال العلماء بأن رجب للاستغفار من الذنوب حيث كان الحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، كان يستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة، فما هى فوائد الإستغفار؟

أروى لكم هذه الواقعة لسيدي الحسن البصرى فى تعريف فوائد الإستغفار. فذات يوم كان سيدى الحسن البصرى رضى الله عنه جالسا فى درسه للناس فجاء إليه سائل فقال  يا إمام السماء لا تمطر؟ ، فقال له البصرى استغفر الله . ثم جائه سائل ثانى فقال يا إمام إننى اشكوا الفقر ؟ فقال له البصرى استغفر الله . ثم جاء سائل ثالث فقال يا إمام إمرأتى عاقر لا تلد ؟ فقال له البصرى استغفر الله .

ثم جاء سائل رابع فقال يا إمام أجدبت الأرض فلا تنبت ؟  فقال له البصرى استغفر الله . ثم جاء سائل خامس فقال يا إمام جف الماء فى الأرض ؟ فقال البصرى استغفر الله .

فتعجب الحاضرون وقالوا يا إمام أو كلما جائك سائل قلت له استغفر الله ؟ قال لهم نعم أوما قرأتم قول الحق سبحانه وتعالى : ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا  ) ( نوح 10 -  12 ) .

فقد جمعت هذه الآيات فوائد الإستغفار كما بينها الإمام الحسن البصرى من القرآن. فيجب علينا أن نستعد للشهر الكريم شهر الصيام من هذا الشهر العظيم ونتوب إلى الله سبحانه وتعالى ونكثر من الاستغفار، ونبتعد عن الحرام والمعاصي لقول الحق فلا تظلموا فيهن أنفسكم .