الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل تحاسب الحيوانات يوم القيامة؟.. دار الإفتاء ترد

هل تحاسب الحيوانات
هل تحاسب الحيوانات يوم القيامة.. تعرف على رد دار الإفتاء

هل تحاسب الحيوانات يوم القيامة؟.. سؤال ورد إلى دار الإفتاء المصرية، عبر فيديو البث المباشر على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك».

وأجاب الدكتور محمد عبد السميع، أمين الفتوى بالدار قائلًا: "ورد في بعض الآثار أن الله – سبحانه وتعالى- يحيي الحيوانات يوم القيامة ويقتص لمن ظلمُ منها.

وأضاف «عبد السميع» أن الله – سبحانه وتعالى- يحاسب من يعتدى من الحيوانات على الآخر؛ فيحاسب شاة قرناء ضربت أختها التى دون قرون على سبيل المثال.

واستند أمين الفتوى إلى ما روى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: « يَقْتَصُّ الْخَلْقُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ، حَتَّى الْجَمَّاءُ مِنْ الْقَرْنَاءِ ، وَحَتَّى الذَّرَّةُ مِنْ الذَّرَّةِ »، رواه أحمد.

واستدل أيضًا بقوله – تعالى-: «وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ»، ( سورة الأنعام: الآية 38). 

الثَّلاثة الذين لا يكلِّمهم الله يوم القيامة .. وردت روايةٌ مُتقاربةٌ عن النَّبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- تذكر وتعرِّف بـ الثَّلاثة الذين لا يكلِّمهم الله تعالى، ومنها ما جاء في صحيح مسلم، في رواية أبي ذرٍ الغفاري -رضي الله عنه- عن النَّبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- أنَّه قال: «ثلاثةٌ لا يُكلِّمُهمْ اللهُ يومَ القِيامةِ: المَنَّانُ الذي لا يُعطِي شيئًا إلا مِنَّةً، والمُنفِقُ سِلْعَتَهُ بِالحَلِفِ الفاجرِ، والمُسبِلُ إزارَهُ. وفي روايةٍ: ثلاثةٌ لا يُكلِّمُهمْ اللهُ ولا يَنظُرُ إليهِمْ ولا يُزَكِّيهِمْ ولهمْ عذابٌ ألِيمٌ». 

وقال الإمام النووى فى كتابه المنهاج لشرح صحيح مسلم، أن قول النبى: «ثَلاثٌ لا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» هذا القول هُوَ عَلَى لَفْظِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ،وقِيلَ: مَعْنَى «لَا يُكَلِّمُهُمْ» أَيْ لَا يُكَلِّمُهُمْ تَكْلِيمَ أَهْلِ الْخَيْرَاتِ بِإِظْهَارِ الرِّضَا، بَلْ بِكَلَامِ أَهْلِ السُّخْطِ وَالْغَضَبِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُمْ، وَقَالَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ: لَا يُكَلِّمُهُمْ كَلَامًا يَنْفَعُهُمْ وَيَسُرُّهُمْ، وَقِيلَ : لَا يُرْسِلُ إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ بِالتَّحِيَّةِ.

وأضاف النووى فى شرح للحديث، أن قوله –صلى الله عليه وسلم- «وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ ولا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ»، أَيْ يُعْرِضْ عَنْهُمْ سبحانه ولاينظر إليهم، فإن نظرته تعالى لِعِبَادِهِ هى رَحْمَتُهُم وَلُطْفُهُ بِهِمْ، موضحًا أن معنى «لَا يُزَكِّيهِمْ» أى لَا يُطَهِّرُهُمْ مِنْ دَنَسِ ذُنُوبِهِمْ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ وَغَيْرُهُ: مَعْنَاهُ لَا يُثْنِي عَلَيْهِمْ، مشيرًا إلى أن العذاب الأليم هو المُؤْلِمٌ، قَالَ الْوَاحِدِيُّ: هُوَ الْعَذَابُ الَّذِي يَخْلُصُ إِلَى قُلُوبِهِمْ وَجَعُهُ،و قَالَ: وَالْعَذَابُ كُلُّ مَا يُعْيِي الْإِنْسَانَ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ.

وأوضح الإمام أن قول رسول الله «رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالْفَلاةِ يَمْنَعُهُ مِنْ ابْنِ السَّبِيلِ» أى رجل منع فضل الماء من ابن السبيل المحتاج وهو الإنسان الذى عنده ماء من مزرعة أو بئر أو غير ذلك في أرض فلاة خالية من السكان يمر الناس من عنده ليشربوا فيمنعهم ولا شك في غلظ تحريم ما فعل، وشدة قبحه فإذا كان من يمنع فضل الماء الماشية عاصيا فكيف بمن يمنعه الآدمي المحترم؟، فلو كان ابن السبيل غير محترم كالحربي والمرتد لم يجب بذل الماء له، والفلاة هي المفازة والقفر التي لا أنيس بها.

وبين أن قول النبى «وَرَجُلٌ بَايَعَ رَجُلًا بِسِلْعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فَحَلَفَ لَهُ بِاللَّهِ لَأَخَذَهَا بِكَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ»، أى الحالف كاذبا بعد العصر فمستحق هذا الوعيد، والسبب فى تخصيص الوقت بما بعد العصر، لشرفه بسبب اجتماع ملائكة الليل والنهار وغير ذلك، أى أن البائع حلف للمشتري أنه أعطى كذا وكذا وهو كاذب فاشتراها المشتري بناء على ما قاله البائع أنه صدق والأمر ليس كذلك.

وأشار إلى أن قول الرسول «وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِدُنْيَا فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا وَفَى وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا لَمْ يَفِ»، أى هذا الرجل بايع الإمام لكنه بايعه للدنيا لا للدين ولا لطاعة رب العالمين إن أعطاه من المال وفى وإن منعه لم يف فيكون هذا الرجل متبعا لهواه غير متبع لهداه ولا طاعة مولاه، فمن بايع الإمام على الوجه المذكور فمستحق هذا الوعيد لغشه المسلمين وإمامهم، وتسببه فالفتن بينهم بنكثه بيعته لا سيما إن كان ممن يقتدى به.

ذكر الحديث الشَّريف أصنافًا ثلاثةً من النَّاس ذوي أخلاقيَّاتٍ سيئةٍ، وبيَّن مقت الله تعالى على هذه الأخلاق والصِّفات وما رُتِّب عليها من عدم كلام ونظر وتزكية الله تعالى لأصحابها كما ذُكر سابقًا، وتاليًا حديثٌ عن كلِّ صنفٍ من هذه الأصناف وبيانٌ لكلِّ واحدٍ منها على حدة. 

1- المنَّان: المنَّان من المنِّ، والميم والنُّون أصلان صحيحان، أحدهما يدلُّ على القطع والانقطاع ومنه قول الله -تعالى-: «إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ»، أي أجرٌ غير مُنقطع، والأصل الثاني دالٌّ على اصطِناع الخير، وهو المعنى المُراد في الحديث الشَّريف، ومنَّ فلان على فلان أي عظَّم إحسانه إليه وفخر به، وتحدَّث عن هذا الإحسان والعطاء وأبدأ فيه وأعاد، وهو من الخصال الذَّميمة، وفيه قالت العرب: «المنَّة تهدم الصَّنيعة». 

فقد ذَمَّ الحديث الشَّريف المنَّ وفاعله، والمنُّ هو ذِكر الإنسان لما أنعم به على الآخرين، وهو من الأفعال المستقبحة المذمومة، ولا يُقبل إلّا في حال كان المُنعَم عليه منكرًا وكافرًا لنعمة الآخرين وجاحدًا لإحسانهم، ففي هذه الحالة لا يُذمُّ المنُّ، وقد جاء التَّحذير من المنِّ وبيان عواقبه في القرآن الكريم، ومنه قول الله - تعالى- في سورة البقرة: «الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى ۙ لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (262) قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ۗ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا ۖ لَّا يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ»؛ فالمن يُحبط العمل، وينقض الأجر، بل قد يُلغيه بالكلِّيَّة، وهو آفةٌ نفسيَّةٌ إذا لازمت النَّفس أخسرتها محبَّة النَّاس في الدُّنيا، ورضا الله تعالى والأجر والثَّواب منه في الآخرة. 

2- المنفق سلعته بالحلف الفاجر: المُراد به التَّاجر أو البائع الذي يُروّج سلعته ويبيعها مُستعملًا الحلف الكاذب ليغري المشتري فيشتريها، أو يحلف كاذبًا بأنَّه اشترى السلعة بأعلى من ثمنها الحقيقي ليخدع المشتري فيشتريها بالسعر الأعلى، كأن يحلف البائع أنَّه اشترى السلعة بعشرة وهو في الحقيقة اشتراها بثمانية ليرفع السِّعر على المشتري. 

3- المسبل لإزاره: المراد بالإزار الثَّوب وإسباله أي ترخيته وإسداله ليجرَّ طرفه على الأرض؛ خُيلاءً وكبرًا واستعلاءً، فالعقوبة لَيست على مجرَّد الإسبال للثَّوب فحسب بل العقوبة للمسبل الذي يُسبل ثوبه خيلاءً وكبرًا، وتقييد النَّهي عن إسبال الثَّوب لغرض الكبر والخيلاء جاء ونُصَّ عليه في حديثٍ نبويّ آخر، فقد روى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنَّ النَّبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ، لم ينظُرِ اللهُ إليه يومَ القيامة، فقال أبو بكرٍ: إنَّ أحدَ شِقَّيْ ثوبي يَسْتَرْخِي، إلا أن أتعاهَدَ ذلكَ منه؟ فقال رَسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: إنكَ لَنْ تَصْنَعَ ذلِكَ خُيَلاءً».